هكذا تسعى إسرائيل لبث سمها في عسل كأس العالم
علق خبراء ومختصون علي إعلان إسرائيل بإذاعة مباريات كأس العالم المقبل بروسيا مجانا ومن خلال خدمة باللغة العربية، بأنها محاولة إضافية للتطبيع ولكنها هذه المرة تطبيع من باب معشوقة الجماهير وهي الساحرة المستديرة، مؤكدين أن القرار الذي أعلنته الخارجية الإسرائيلية على صفحتها بأن شعوب مصر والأردن ولبنان والضفة الغربية باستطاعتهم متابعة مباريات كأس العالم مجانا من خلال القمر الاصطناعي "عاموس"، هو محاولة خبيثة لجذب شعوب المواجهة لقبول إسرائيل.
من جانبه علق وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري سلامة الجوهري على الإعلان الإسرائيلي بأنه محاولة للتشويش على انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، ولتخفيف حدة الرفض الشعبي ضد تهويد مدينة القدس الشريف.
وأوضح الجوهري في بيان حصل "عربي21" على نسخة منه أن القرار الإسرائيلي مكشوف أمام العالم كله، "ومهما عملت فستظل دائمًا ضد الإنسانية وضد الدول العربية، وإذاعتها للمباريات مجانا لن يغير موقف المصريين تجاهها، وهو أمر لن يفيدها بشيء، ولن يجعل العالم يغض الطرف عن جرائمها".
من جهته قال الباحث المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي سمير الطوخي لـ"عربي21" إن الأشهر الماضية شهدت العديد من الخطوات لدمج إسرائيل ضمن شعوب المنطقة، في إعادة لإنتاج مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي سبق وطرحه رئيس إسرائيل السابق شيمون بيريز، وهي الخطة التي يتم إحياؤها الآن من خلال ما يعرف بصفقة القرن التي طرحها الرئيس الأمريكي ترامب، وتقوم عدد من الأنظمة العربية بفرضه على أرض الواقع.
ولفت الطوخي إلى أن المشروع ليس فقط من أجل تأمين حدود إسرائيل التي تحتل فلسطين، وإنما من أجل إزالة حالة الكراهية الموجودة لدى الشعوب العربية وخاصة شعوب المواجهة تجاه إسرائيل، وبالتالي تحسين صورتها لدى الشعوب وإدخالها جبرا في مفاصل العالم العربي.
ويؤكد الطوخي أن القصة بدأت بتنازل رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ثم إعلان السعودية لمشروع نيوم العملاق، والذي اتفقت مصر والسعودية مؤخرا على ضم 1000 كليو متر من سيناء والبحر الأحمر للمشروع وتحديدا مدينتي الغردقة وشرم الشيخ، بالإضافة لمدينتي العقبة إيلات، مما يجعل الدول الواقعة على خليج العقبة وهي مصر والسعودية والأردن وإسرائيل في شراكة اقتصادية وسياسية عملاقة.
ويضيف الطوخي أن صفقة الغاز الإسرائيلي الأخيرة ومشروع نيوم كانت خطوات من الجانب العربي لهذا الربط الإجباري بين الشعوب العربية وإسرائيل، ثم جاءت الخطوة التالية من جانب إسرائيل بنقل مباريات كأس العالم مجانا وبخدمة عربية من خلال القمر الاصطناعي الإسرائيلي، وأشار إلى أنه إذا ما وضعنا في الاعتبار أن مصر ضمن الفرق المشاركة في المونديال العالمي، فلاشك أنها خطوة واضحة في طريق الترويج بقبول إسرائيل.
قرار خبيث
ويشير خبير الحملات الإعلامية يحيي عبد الهادي لـ "عربي21" إلى أن القرار الإسرائيلي خبيث للغاية، فهو حدد النقل من خلال قناة إسرائيلية وعلى القمر الاصطناعي الإسرائيلي، وبالتالي سيتم جر الراغبين من شعوب المنطقة المحيطة بها إلى تحويل أطباق الاستقبال الخاصة بهم إلى القمر الإسرائيلي أو محاولة التقاط القمر من خلال ترددات النيل سات، وهي فرصة كبيرة لقيام إسرائيل بالترويج لأهدافها، من خلال الفواصل الإعلانية والبرامج الخاصة بالتعليق وبالتالي سوف تقوم ببث سمها في عسل كأس العالم.
ويؤكد عبد الهادي أن إسرائيل قامت بدفع ستة ملايين يورو من أجل شراء حقوق البث، ويمكن لها أن تعوض أضعاف هذا الرقم من خلال الإعلانات التي سوف تحصل عليها من شركات مصرية وعربية كبرى سوف تجد في مباريات المونديال فرصة جيدة للترويج عن مشاريعها، ولا يُستبعد أن تكون الإعلانات المصرية بالأمر العسكري بعد سيطرة القوات المسلحة المصرية على مفاصل الاقتصاد المصري.
وعن الخسائر التي يمكن أن تصيب قطر من هذه الخطوة، يشير عبد الهادي إلى أن الشركة القطرية المتعاقدة على نقل المباريات تقوم ببيع الإشارة لمن يرغب من القنوات، وبالتالي هي لن تستطيع أن تمنع الخطوة الإسرائيلية، ولكن هذا يثير تساؤلات عن دور الإمارات في ذلك، وهل فشل الإمارات والسعودية في وقف النقل الحصري لصالح قطر كان سببا بأن تلجأ إلى إسرائيل كوسيط من أجل تحقيق خسائر لقطر.
ويوضح عبد الهادي أن قبول الطرح السابق يبدو منطقيا في ظل المحاولات الإماراتية والسعودية لإضعاف قطر بمختلف الطرق، والتي بدأت بالحصار، ويمكن أن تنتهي بأي شيء في ظل العلاقات الحميمة بين محمد بن زايد والمسؤولين الإسرائيليين، خاصة وأنه لا يحق لأي بلد شراء بطولات سبق أن حصلت عليها الشبكة القطرية.
وانتقد عبد الهادي ترحيب وسائل الإعلام المصرية بالخطوة الإسرائيلية ووصفها بأنها ضربة موجعة لقطر، مشيرا إلى أن الخلاف السياسي بين الأنظمة الحاكمة لا يجب أن يتجاوز ذلك للقضايا القومية.