طبع الجمهور صورها على التيشرتات وأغلفة الهواتف.. امتعاض مراسِلة صينية يتسبب في غضب الحكومة
ولمحت صحفية صينية، يوم الثلاثاء 14 مارس/آذار 2018، بطريقةٍ مضحكةٍ، إلى الطرف الذي تنحاز إليه في هذا الجدال، عن طريق رفع عينيها استياءً، بطريقةٍ درامية أشعلت مواقع التواصل على شبكة الإنترنت بالضحك والسخرية، الأمر الذي أوقعها بورطةٍ في أثناء هذه الأوقات السياسية الخطيرة، بحسب صحيفة
وجاءت حركة عين المراسلة ردّاً على سؤالٍ يفيض بالخضوع، في أحد المؤتمرات الصحفية المكتوبة أسئلتها بعناية مسبقاً، وهو مؤتمرٌ أُقيمَ على هامش مؤتمر مجلس الشعب الصيني السنوي.
كانت تشانغ هوي جون، المراسلة في قناةٍ مقرها الولايات المتحدة -وتربطها صلاتٌ معروفة مع الحكومة الصينية- موجودةً هناك، مرتديةً الأحمر المميِّز للحزب الشيوعي، وتؤدي مهمة "استنطاق" مسؤول صيني حول أحد مشروعات الرئيس الصيني، شي جين بينغ المفضلة، "طريق الحرير الجديد".
بدأت الصحفية بقولها: "أنا تشانغ هوي جون المديرة التنفيذية لشبكة تلفزيون أميركا متعدد الوسائط"، ثم استفاضت في حوارٍ مع نفسها مدته 40 ثانية، وكان مملاً جداً وبلا هدف.
وقالت تشانغ وهي تهذي: "عام 2018 هو الذكرى الأربعون للإصلاح والانفتاح على العالم"، قبل أن توضح أنَّ "الصين ستصبح أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي".
من المؤكد أنَّ الصحفي البريطاني جيرمي باكسمان لم يكن كذلك، لكنَّ أصدقاء الصين من الصحفيين، أمثال تشانغ، يُكلَّفون عادةً، طرح أسئلةٍ سهلة على القادة؛ في محاولةٍ لإقناع الشعب الصيني والعالم بوجود شفافية.
لكن هذه المرة، لم تستطع الصحفية المالية ليانغ شيانغي، المقيمة بشنغهاي، التحكم في نفسها.
رمقت ليانغ ذات الزي الأزرق، جارتها تشانغ إلى اليسار بازدراء، قبل أن تدير عينيها مستاءةً، وترمي رأسها إلى الوراء للتعبير عن احتقارها الشديد. وأخبرت ليانغ أحد زملائها، في رسالةٍ تفسيرية على الشبكات الاجتماعية سُرِّبَت إلى الإنترنت: "لقد كانت المرأة التي بجانبي تقوم بفعل أحمق".
التقطت الكاميرا فعل ليانغ، وأُذيعَ على التلفاز، وأثار عاصفةً من التعليقات والنكات على الشبكات الاجتماعية على الفور.
وقالت المراسلة الاقتصادية لولو ييلون تشن، في تغريدةٍ لها، إنَّه "من الرائع رؤية كيف انتشرت هاتان السيدتان على الشبكات الاجتماعية الصينية في غضون بضع ساعات! هذا عمل بعض المعجبين".
عندما تدخلت رقابة الحزب الشيوعي ظهر يوم الثلاثاء 13 مارس/آذار 2018، كان اسم المراسلة قد أصبح إحدى أكثر الكلمات التي بحث عنها الصينيون على موقع "ويبو"، الذي أطلقته الصين لينافس "تويتر". وبدأت تُباع على الأسواق الإلكترونية، مثل "تاوباو"، قمصان وأغلفة هواتف محمولة عليها صور لمظهر ليانغ المُعترض العفوي والصارخ. يأتي هذا في واحدةٍ من أكثر اللحظات حساسية بتاريخ الصين الحديث، ويمكن أن يعود هذا الفعل ليطارد الصحفية قريباً. وأعلن شي جين بينغ يوم الأحد نفسه رئيساً مدى الحياة، مُلغياً حدود الفترة الرئاسية في خطوةٍ مفاجئة يعتقد الخبراء أنَّها قد تقود إلى انقساماتٍ بين نخبة الحزب الشيوعي. وأعلنت بكين، صباح الثلاثاء 14 مارس/آذار 2018، عن تعديلاتٍ كبيرة في الحكومة، لكنَّ تصرف ليانغ المبالغ فيه غطى على أخبار التعديلات. وبعد يأس السلطات من إيقاف انتشار الحادثة التي أفسدت مسرحيتهم المُخططة بعناية، حذرت السلطات الصينية الصحفيين من رفع عيونهم امتعاضاً. وجاء في تعليماتٍ رقابية مسربة، وفقاً لموقع "تشاينا ديجيتال تايمز" الإخباري: "ملاحظةٌ عاجلة: جميع العاملين في الإعلام ممنوعون من الحديث عن واقعة المراسِلة التي ترتدي ملابس زرقاء في الجلستين، على الشبكات الاجتماعية". وتضمنت التعليمات كذلك: "أي شيء نُشِرَ سابقاً يجب أن يحذف. يجب ألا يحتوي الإنترنت على أي شيء يُروج للواقعة، ولا توجد استثناءات". وأعاد أوستن رامزي، الذي يعمل مراسلاً لـ"نيويورك تايمز" في هونغ كونغ، نشر تغريدةٍ كتب معها: "للتاريخ، هذا هو السؤال الذي أدى إلى حادثة الامتعاض الشهيرة، ويتضمن الجزء المضحك".
ونقلت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في هونغ كونغ، عن صحفي زميل، أنَّ تصاريح ليانغ لتغطية المؤتمر قد أُلغِيَت. وانتشرت شائعات تقول إنَّها طُرِدَت من عملها، بالإضافة إلى أنَّ حساب الصحفية على شبكة "ويبو" قد أُغلق.
ولكن في علامةٍ على الدعم الظاهري، نشرت مجموعة Yicai الإعلامية، التي تعمل لديها ليانغ، مقطع فيديو يُظهر المراسلة وهي تطرح سؤالاً أكثر انسيابية، مدته 16 ثانية، على وزير التجارة الصيني.
سألت ليانغ: "ما الذي يحدث في اتفاقيات الصين للتجارة الحرة مع الدول الأخرى؟ ما هي علاقة مفاوضات الصين للتجارة الحرة بالنظام التجاري متعدد الأطراف؟ وكيف تعتقد أنَّ نظام الصين التجاري متعدد الأطراف سيتطور في المستقبل؟"، ثم ختمت سؤالها بكلمةٍ واثقة ومختصرة، قائلةً: "شكراً".