jo24_banner
jo24_banner

حكومة برمائية !

حكومة برمائية !
جو 24 :

الديوان ورئيسه الطراونة مشغولون في البحث عن رئيس وزراء لحكومة "برمائية" تسمى "برلمانية"، حكومة تعيش في جلباب الماضي فيما تزعم أنّها تمثّل المستقبل، تسوق أنّ ثمة جديدا في المشهد السياسي، فيما هي إعادة إنتاج لحكومات الماضي منزوعة الدسم والصلاحية. ولعلّ المعضلة في العثور على رئيس للوزارة هي في تمرير أنّه وجه جديد ويحمل برنامجا، وفي الوقت ذاته، يمكن لاختياره، وبعد ذلك حكومته، أن يدشن ما وعد به الأردنيون من أنّ الحكومة القادمة ستكون حكومة برلمانية، ولو في الشكل بعدما أهدر المضمون، ما يعني أنّ الصراع الآن على إنتاج الصورة، بعدما أخفقت الانتخابات والأداء السياسي العام في إنتاج الأصل والجوهر، في أمر الحكومة والبرلمان ما بعد الإصلاح!
سيتعب الطراونة نفسه في أداء مهمّته، سيلتقي زيدا وعبيدا، وسيستمع لساعات طويلة لكلام غير منتج، لا هو ينتظر ممّن يحاورهم جوابا أو حلا، ولا هم واثقون من أنّ ما يقولونه سيغيّر في صياغة شكل أو مضمون الحكومة القادمة، رئيسا ووزراء، برنامجا وسياسات.
المهمّة صعبة ومضنية وربما احتاج الطراونة لوقت إضافي لإنجاز المهمّة الموكولة له، فالمطلوب أن يصنع "عجّة" دون وجود بيض، وأن يستخرج زبدا ولبنا من خض "سعن" ليس فيه سوى ماء، وإذا استطاع وهذه من رابع المستحيلات، فإنّ نجاحه سيسجّل كاختراع أردني غير مسبوق، في عالم الإصلاح السياسي وبناء الديمقراطيات!
بالتأكيد سنعذر الطراونة لو فشل في إنجاز مهمّته، لأن المهمّة ابتداءً مستحيلة، أمّا التنكر في لبوس النجاح بينما ينطوي المشهد على قصة إخفاق ذريع، فأمر متوقع طالما أنّ المقصود والمرجو إنتاج صورة بدون روح!
فبرلمان بكتل غير منضبطة الشكل والمضمون، أقرب إلى مشهد الرمال المتحركة، تفتقر للرؤية والبرنامج السياسي، وقبل ذلك للخبرة والقدرة على الخروج من عباءة النظام ودوائره الحاكمة، (انتخابات رئاسة المجلس مثالا)، وعلى خلفية ثابتة وراسخة من تهميش صلاحيات البرلمان وتجويفها، وغياب مزمن وشامل للقوى السياسية، لا يمكن أن ينتج حكومة برلمانية وقبل ذلك برلمانا فاعلا، ناهيك أن ينجح في إنتاج مشهد سياسي إصلاحي محترم!
طحن كثير ولكن دون طحين، وقد يقنع البعض بهذا المشهد ويسرّ به، وربما ذهب أبعد من ذلك للتبشير بالنموذج الأردني للإصلاح، لكن النكتة أن يصدق أحد أنّ ما يجري إصلاح على الحقيقة، وحكومة برلمانية واحترام للنص الدستوري "الشعب مصدر السلطة". والنتيجة، أرح واسترح يا د.فايز ولا تجهد نفسك، حكومة برلمانية أو برمائية أو من الأرشيف، لا فرق فالنتيجة واحدة مكانك سر، وليس مناسبا أن نضحك على أنفسنا بدغدغة العواطف ورفع منسوب الإثارة، بتسمية رئيس للوزارة تارة إسلاميا وأخرى من الأخوان سابقا أو من المعارضة أو شخصية وطنية كبيرة، فالمشكلة ليست رئيسا للوزارة، لون عيونه أو طول قامته، ماضيه السياسي أو إذا ما كان بلحية أو بدونها، فالمهم أن تتوفر إصلاحات حقيقية، تمسّ صلاحية المؤسسة البرلمانية وآلية تشكيل الحكومات وحدود ولايتها وولاية البرلمان عليها! فهل نقدّم الأهم على الأقل أهمية، والجوهري على الشكلي، ونبدأ الآن حتى لا يفوتنا القطار؟!
(السبيل)

تابعو الأردن 24 على google news