في ذكرى وفاة والدي الغالي نمر عودة
جو 24 :
كتبت ايمان نمر عوده -
كان دوما يحتفظ بدفتره البني الخاص به في حقيبة خاصة له فقط، وكان دوما ينتابني الفضول لاعرف بماذا يحتفظ داخل ذلك الدفتر، جلست معه في ذات ليلة وسألته عما يكتب ولما يحتفظ به بالرغم من اوارقه المهترئة وجلدته بنية اللون الممزقة او حتى لما لا يقوم بتجليده. حتى تلفت جلدته نهائيا، قال لي تعالي لتري ماذا اكتب فلكل صفحة في هذا الدفتر قصة .......
فتح الصفحات الاولى واذا بها تواريخ ميلادنا وايامها بالتفصيل بالساعة والدقيقة.
وفي الصفحات اللاحقة تفاصيل عن عداد الكهرباء وعداد المياة واجرة المنزل وتفاصيل الراتب وتوزيعه.
وفي صفحات اخرى تفاصيل التفاصيل لاناس قام هو بالاقتراض منهم مبالغ مالية، كان قد صنف الدفتر وكأنه يحمل درجة البكالوريس بالمحاسبة اذ يتضح من خلال الاطلاع على الدفتر شكل واضح جدا لميزان المدفوعات المصروفات
وجدول اخر للدائن والمدين وجدول اخر لتقسيم ما تبقى من راتبه على احتياجاتنا واحتياجات المنزل كافة.
ليس هذا فحسب بل يتضمن الدفتر ايضا بعضا من مذكراته مذ كان طفلا صغيرا اذ عاش اياما صعبة في ظل ظروف فلسطين الصعبة.
والدي رحمه الله من مواليد 10.4.1941 _لحسن الحظ نتشارك انا وابي بنفس تاريخ الميلاد _ ولم تشأ ظروفه الاجتماعية ان يكمل دراسته اذ اتم فقط الدراسة للصف السادس الابتدائي، مما كان يلفت انتبهاهي في والدي هو اتقانه لجداول الضرب بدقة وحرفيه ، اتقانه لعملية الجمع الذهني رغم اننا كنا نختبره في بعض الاحيان الا انه كان دائما يتحفنا باجابات نلجأ للالة الحاسبة للتأكد من صحتها.
كان والدي حتى وفاتة يركز ويشدد على التعليم واهميه التعليم وكانت مقولته المشهورة دوما "ما بدي ولادي ينحرموا من اللي انا انحرمت منه" ومن بعده اكملت والدتي المسيرة وبحمد الله تعلمنا جميعنا.
نحن سبع بنات وثلاث اولاد وبطبيعة الغربزة النسائية القديمة كانت امي تميل الى الذكور عن الاناث عكسه هو تماما كان يقدس ان تكون الانثى ابنته الرائعة وكان يقول سيفتح لي سبعة ابواب من الجنة من مثلي؟
اصر رحمه الله على تعليم البنت قبل الولد وكان يردد "البنت لازم يكون معها شهادة، اتجوزت ما اتجوزت اترملت اتطلقت جار عليها الزمن شهادتها بعد ربنا بتحميها، اما الولد لو حمل تنكة باطون بعيش" الله يرحمه ويجعل مثواه جنات النعيم بقدر كل قطرة عرق نزلت من جبينه وبكل تعب عاناه من اجلنا.
كان والدي رحمه الله اذا جلس في مجلس صمت الجميع اذ انهم يعتبرون نمر عامر عودة هامة خليلية مهمة ومهمة جدا على مستوى جبل الخليل وفلسطين كافة. كان له وزنه في مجالس الصلح والزواج في الافراح والاتراح.
كم من الكلمات يجب ان اكتب حتى ارثي هذا الحبيب الغالي
كلماتي خرساء امام هذا الاب الذي لا زلت اعتقد انه مسافر وسوف يعود يوما لا محالة.
عن هذا الاب الذي قال" ما حدا دخله ببناتي هذول بحارب فيهن بلاد وما بخاف عليهن"
رحمك الله والدي عدد الصخر والحجر والشجر وعدد حبات المطر وعدد ما سجدت الملائكة والبشر.
لصاحب ذلك الدفتر البني الذي لا زالت والدتي تحتفظ بالدفتر رغم فقدان تلك الجلدة البنية التي اعتقد انها كانت تتمزق كل سنة تزامنا مع مرور سنة اخرى على ميلادك اهي بذلك كانت تنبأ بتمزق سنوات العمر ام ماذا ترى؟
اقول مرت اربعة عشر عاما على رحيلك ولكن ما يواسينا على غيابك ايماننا بقدر الله تعالى وما زرعته فينا سيبقى خالدا الى الممات، قر عينا والدي فنحن لا زلنا على العهد واطال الله في عمر والدتي ان شاء الله التي حفظت لك طوق الحمام كما اوصيت وادت الامانة بالكامل تجاهنا جميعا" الولاد طوق حمام من رقبتي لرقبتك" مقولته الشهيرة.
جنات الخلد مؤاك مع الانبياء والصديقين والشهداء ان شاء الله