الرفاعي يتحدث عن بطولات ابناء الكرك.. ويدعو لايجاد حلول لمشكلة البطالة
جو 24 :
امتدح رئيس الوزراء الأسبق، العين سمير الرفاعي، الاثنين، بطولات أبناء محافظة الكرك، قائلا إنهم سطّروا ملحمة وطنية في التصدي للارهاب الأعمي، وجسّدوا وهم يلتفّون حول الدولة ومؤسساتها أسمى صور الشجاعة والبطولة.
جاء ذلك خلال مشاركته فعاليات المؤتمر الطلابي الأول المقام في جامعة مؤتة تحت عنوان: "أدوات التمكين الطلابي للحد من التطرف في الجامعات الأردنية".
وقال الرفاعي إن البلاد العربية شهدت تراجعا كبيرا في السنوات السبعة الماضية أثر كثيرا على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للشباب وعلى الخدمات المقدمة لهم، وفي مقدمتها توفير فرص العمل الأمرالذي له علاقة مباشرة بمعنويات الشباب.
وأشار الرفاعي إلى أن عدم توفير فرص العمل قد يؤدي إلى حالة من الإحباط لدى الشباب وانجراف البعض وراء المنظمات الإرهابية التي قد تغريهم بحوافز من بينها ملء هذا الفراغ، مشددا على ضرورة ايجاد حلول لمشكلة البطالة.
وتاليا كلمة الرفاعي خلال المؤتمر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والتسليم على سيدنا محمد بن عبدالله النبي العربي الهاشمي الأمين وعلى آل بيته وأصحابه أجمعين
عطوفة الأستاذ الدكتور ظافر الصرايرة رئيس جامعة مؤتة الأكرم،
الأساتذة الأجلاء،
الأخوة الطلاب،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
· فيسعدني أن أكون اليوم، في رحاب جامعة مؤتة، وفي محافظة الكرك الشماء، وأن ألتقي هذه النخبة من الأساتذة والعلماء والحضور الكريم، ونحن نشارك أبناءنا وإخواننا طالبات وطلاب جامعاتنا الأردنية فعاليات هذا المؤتمر الطلابي، بجهود طلابنا وتنظيمهم وإدارتهم، وبدعم ومتابعة من عمادة شؤون الطلبة في جامعة مؤتة، لينعقد المؤتمر الطلابي الأول، تحت عنوان غاية في الأهمية، يعالج مسألة راهنة وتحديا كبيرا، يتسلل إلى مجتمعاتنا ويستهدف على نحو خاص شبابنا وشاباتنا، ألا وهو تحدي التطرف والعنف.
· لقد أتيحت لي الفرصة، بالاطلاع على أبرز محاور هذا المؤتمر وجلساته وعناوين أوراقه الرئيسية. وقد لفت انتباهي منذ البداية أن هذا المؤتمر طلابيّ بالكامل، من حيث الأوراق وإدارة الجلسات والفئة الموجهه اليها والحوارات. وهي مسألة تستحق الإشادة والتحفيز، ونحن نرى هذه النخبة المبشرة من طلابنا، تتصدر للقيام بهذا الدور المهم في التوعية والتثقيف، من خلال لغة الحوار وتوسيع النقاش الوطني، وتوجيهه نحو العناوين الأكثر جدية وارتباطا بالواقع وتحدياته وفرصه.
· إنني اليوم، ألمس استجابة علمية شبابية منظمة ولافتة للأوراق النقاشية الملكية، من حيث الهدف السامي الذي طرحه جلالة الملك، للارتقاء بالنقاش الوطني وتفعيل دور الشباب ومساهمتهم في هذا النقاش، وتمكينهم من مجابهة التحديات التي يواجهها جيلهم، وبامتلاك الوسائل التي يتقنها جيلهم، متسلحين بالوعي والإرادة والأصالة والارتباط العضوي بمجتمعهم وثقافتهم الوطنية.
· وهذا المؤتمر، بحد ذاته، تأكيد على أن الرهان على جيل الشباب رهان على الحاضر وعلى المستقبل ، واستثمار أمثل بهذه الطاقات الواعدة.
· لقد شهدت البلاد العربية تراجعا كبيرا في السنوات السبعة الماضية أثر كثيرا على الحالة الاقتصادية والاجتماعية للشباب وعلى الخدمات المقدمة لهم في مقدمتها توفير فرص العمل الأمرالذي له علاقة مباشرة بمعنويات الشباب، وعدم توفير هذه الفرص قد يؤدي إلى حالة من الإحباط لديهم وانجراف البعض وراء المنظمات الإرهابية التي قد تغريهم بحوافز من بينها ملء هذا الفراغ الرهيب الذي يبدد طاقاتهم ويغذي الروح السلبية وهذا بالفعل ما حدث في العديد من الدول حيث تم استثمار طاقات الشباب غير المستغلة في الممارسات الإرهابية. لذلك لا بد من توفير حلول ملموسة لمشكلة البطالة.
· واليوم، ومع ثورة الإعلام الالكتروني، ودخولنا عصر إعلام التواصل الاجتماعي ، تزداد أهمية الإعلام، كما تزداد خطورته، وتأثيره في عمليات التشبيك والنشر والترويج للأفكار وتكون في بعض الأحيان شبكات للتراشق الاتهامي والانتقامي. وبكل أسف، فإن أكثر من استثمر هذه الثورة التكنولوجية الكبيرة، هم دعاة التطرف والفكر التكفيري والذين امتلكوا أدوات الإعلام الحديثة، ووظفوا أحدث تقنياتها، لترويج أكثر الأفكار تخلفا وظلامية، ولبث روح سلبية تستثمر ظروف الناس الصعبة والأوضاع الاقتصادية والتطورات الإقليمية المعقدة، لتدمير المجتمعات ونسف السلم الأهلي وتفتيت المكون الثقافي وتحويله إلى عصبيات طائفية ومذهبية.
· ومع أهمية الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام في مواجهة الإرهاب ومحاربته إلا أنه لا يجوز أن نحمل الإعلام وحده العبء الأكبر وكامل المسؤولية. فالتعليم والاقتصاد يلعبان أيضا أدوارا مهمة في مواجهة هذه الآفة التي تهدد مجتمعاتنا وأرضنا وأمننا.
· كما إن تحسين صورة الدين الإسلامي التي يسعى الإرهابيون إلى اختطافها نحو التطرف والتشدد والتكفير والعنف لا تتم إلا من خلال ممارسة معتدلة، وهذا لن يتحقق ما لم تكن لدينا استراتيجية علمية وعملية تصل إلى الأجيال من خلال المدرسة والجامعة والأسرة معا، وتحديدا استراتيجية تربوية تعنى بالأمن الفكري.
· كما أن الحد من تنامي الأفكار المتطرفة -التي قد تجد لها بيئة مناسبة في بعض المؤسسات التعليمية- لا يمكن أن يتحقق من دون تكاتف الجميع أمنيا وتربويا وأسريا ودعويا ومجتمعيا، وهذا يعني باختصار أن تحصين الفكر لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن هناك رؤية مشتركة من جميع مؤسسات المجتمع.
· ولا بد، أيضا، من وجود جهة جامعة وتمتلك الإمكانيات والكوادر مثل وزارة الشباب بعيدا عن الأسلوب التقليدي بالمحاضرات المكررة وذات التأثير المحدود، وتوحيد الجهود الفكرية والسياسية والثقافية لتحقيق الدور المساند لدور الأجهزة الحكومية في محاربة الإرهاب والتطرف وأخذها زمام المبادرة بهذا الموضوع الهام والخطير والذي يشكل بالأساس جزءا من دورها الحقيقي.
· لقد تفضل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم بتبني وتوجيه مجموعة من المبادرات التنويرية. ولعل أبرزها "رسالة عمان"، والتي جاءت في وقت مبكر، واستشرافا للخطر الذي داهم أمتنا وأدى خلال السبع سنوات الماضية إلى تفتيت وحدتها وتدمير مجتمعات عديدة، وتهجير وقتل وتشريد الملايين.
· حضور هذه الوجوه الطيبة هنا إنما هو تعبير عن الطريقة المثلى لمحاربة آفة التطرف والإرهاب. ووجود طلاب من كافة الجامعات الأردنية أمر رائع لأنني كنت أخشى أن مجتمعاتنا وجامعاتنا تتجه أكثر فأكثر نحو الانغلاق.
الحضور الكريم،
· إن أبناء محافظة الكرك الكرام، كالأردنيين جميعا، يتنافسون دوما على العطاء والتضحية والشهادة. وعلى هذا الثرى، سطر أبناء الكرك وشبابها، ملحمة وطنية في التصدي للإرهاب الأعمى، وفي الدفاع عن أمن الوطن كله وعن نسيجه الاجتماعي ومنجزاته. وقدموا كوكبة من الشهداء البررة، الذين انضموا إلى قافلة كريمة مباركة من شهداء هذه المحافظة ومن شهداء الأردن عموما. وجسّد أهالي الكرك، وهم يلتفون حول الدولة ومؤسساتها، أسمى صور الشجاعة والبطولة.
· هذه المواقف الشجاعة وهذه الأصالة وهذه القيم النبيلة، تستحق منا جميعا أن نستثمر فيها. وأن ننظر إلى جيل الشباب من بناتنا وأبنائنا، وبالذات في المحافظات بعين المسؤولية التامة، ليقوموا بدورهم ويأخذوا فرصتهم في العمل والعطاء، وأن يكون ذلك، جزءا من برنامج وطني شامل لتنمية المحافظات، يقوم على أساس من خلق وتوفير فرص العمل الكريمة والدائمة داخل المحافظات نفسها.
· وفي مجابهة وباء التطرف الذي عصف بأمتنا ودمّر مجتمعات وكيانات هذه المنطقة، لا بد أولا، من إنهاء الصراعات التي أخذت طابعا مذهبيا، لا أصل له ولا جذور.. وأن تتحد هذه الأمة بكل تنوعاتها المذهبية والدينية والعرقية والفكرية، في مواجهة التطرف، وفي قيامها بواجباتها التاريخية إزاء قضاياها العادلة ومقدساتها الجامعة، وأيضا في إعادة بناء مستقبل أجيالها؛ تنمية وفرصا وتحديثا.
الحضور الكريم،
· في الطريق إلى مؤتة الجامعة، حضرت في وجداني وضميري مؤتة المعركة ومؤتة البوابة الأولى للفتح، ومؤتة التضحيات والشهداء البررة، ومقامات ابن عم رسول الله، جعفر، وصحبه زيد وعبدالله رضي الله عنهم ..
· ومن الكرك وفيها تحضر دائما القدس. فالعلاقة بين الكرك والقدس علاقة ازلية متجذرة، وحقيقة ترجمتها التوأمة بين المدينتين، توأمة تتجاوز كل الشكليات، ذلك لأن الكرك جزء من تاريخ القدس والقدس جزء من تاريخ الكرك.
· علاقة القدس والكرك علاقة تاريخية مندمجة بالدم، فجيوش التحرير الاسلامية انطلقت من الكرك التي تحررت من نير الغزاة على يد القائد المسلم صلاح الدين الايوبي الذي انطلق بجيشه تاليا من الكرك ليحرر القدس من ربقة الاحتلال الأجنبي، وعندما وقع الاحتلال الثاني، جاء التحرير مرة أخرى، على يد جيوش انطلقت من الكرك ايضا في زمن القائد المسلم الناصر بن قلاوون.
· وفي باحة الأقصى مكان اسمه مصطبة الكرك، وفي قلعة الكرك هناك مكان اخر اسمه مصطبة القدس، ومن مصطبة الكرك يمتد نظرك نحو القدس فتحدثك عن ماض عريق جمع المدينة بأطهر مقدساتها.
· إن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني صاحب الولاية والوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها خاض وما زال يخوض المعركة تلو الأخرى للدفاع عن القدس ومقدساتها وعروبتها.
· ومن هذا المنبر، ومن هذه الجامعة الأصيلة، أقدم تحية إجلال للجناح العسكري من جامعة مؤتة الذي لطالما قدم للوطن قيادات وطنية وعلى المستوى الإقليمي، تمزج بين تكاملية الإعداد العسكري الكامل والتأهيل العلمي ضمن أعلى معايير الجودة والتميز. وجيشنا العربي المصطفوي وأجهزتنا الأمنية هم حماة الوطن والمنجزات، وقد روت دمائهم الزكية هذه الأرض المباركة وأراضي فلسطين وأنحاء المعمورة دفاعا عن الخير والحق والإسلام والعروبة والإنسانية.
الأخوة الطلاب،
· إن ما تقومون به اليوم، من جهد مبارك ومن تصد شجاع علمي ومستنير لآفات التعصب والعنف والتطرف، إنما يأتي انسجاما مع إرث آبائكم وأجدادكم وامتدادا للصورة التي تشرق بكم، وتعزيزا وإحياء لثقافتنا الوطنية وتجديدا لأدواتها في التصدي للثقافات الدخيلة، وللآفات الطارئة، التي تسعى للنيل من وعي شبابنا، وإشاعة الأجواء السلبية المحبطة، والتي تشكل بيئة خصبة للغلو والعنف والتطرف.
· أكرر الشكر للجميع، ولجامعة مؤتة وعمادة شؤون الطلبة، ولكل من شارك وساهم بإنجاح هذا المؤتمر.
· وأسأل الله تعالى أن يحفظ الأردن عزيزا منيعا مزدهرا، في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته