بعض عاداتنا في المناسبات اﻻجتماعية هل نتوقف لمراجعتها؟؟
توفي اخي اﻻكبر منذ فترة وكان يحظى بسمعة طيبة وسط اصدقائه ومحبيه وتالمنا كثيرا لوفاته كونه كان ايضا يعاني من اعاقة جسدية لم تثنيه عن مواصلة حياته اﻻعتيادية من عمل وتكوين اسرة وحياه اجتماعية طبيعية ، وقتها رايت انا واخوتي وبسبب قناعاتنا الخاصة والظروف المالية التي نواجهها ,غير مظطرين ﻻقامة طعام الرحمة كما هو متعارف علية في مجتمعنا وشجعت شخصيا على ذلك ﻻكون مبادرا وقدوة في مجتمعنا المحلي لتجاوز متل هذه العادات القديمة التي اراها لم تعد مناسبة لعصرنا خصوصا مع اتساع القواعد العشائرية وتزايد الضغوط المعيشية وقبل ذلك كله وهو الاهم هو اضطرارنا القسري للانشغال بتحضيرات الطعام الواسعة وسط صدمتنا وحزننا على فقيدنا وما ستؤول اليه حالة اسرته من بعد وفاته, حالة اجتماعية مثلها المواطن ياسر الزيديين من بلده فقوع شمالي محافظة الكرك ويضيف بان اسرته وقتها اكتفت باقامة صيوان العزاء وتقديم القهوة السادة وبعض التمور للمعزين.
ويتداعى مواطنون ومهتمون من كافة صنوف ومكونات المجتمع وعلى اختلاف خلفياتهم التعليمية والثقافية الى ضرورة اعادة النضر في النهج والمنضور اﻻستهلاكي ﻻفراد المجتمع خاصة مضاهر البذخ واﻻنفاق غير المبرر في المناسبات اﻻجتماعية ان كانت افراحا او اتراحا لما باتت تشكله من عبيء ثقيل على كاهل المواطنين خصوصا مع تزايد كلف ونفقات المعيشة اليومية في ظل تراجع القوة الشرائية مع بقاء مستوى الرواتب واﻻجور على حالها منذ سنوات خلت لدى الكثير من ذوي الدخل المحدود.
ويبدو بان مثل هذة الدعوات باتت متزايده وتظهر للعلن من خلال وسائل التواصل اﻻجتماعي وتلاقي المواطنين في اجتماعاتهم ودواينهم في المناسبات اﻻجتماعية كافة وتبدو اكتر قبوﻻ لدى المواطنين في اﻻونة الاخيرة لقناعتهم بانها لم تعد تلقى رواجا وشعبية كما في السابق بل ان بعض الترف واﻻنفاق في مثل هذة المناسبات بات محل تندر واستهجان الكثير من افراد المجتمع خصوصا مثقفيه وشبابه التي تعد الفئة الاوسع في مجتمعنا الملقى عليها قيادة التغيير الايجابي في المجتمع.
وراى رئيس جمعية السياحية قي بلدة السماكية سامر حجازين بان ترشيد النفقات في المناسبات باتت ضرورة ملحة بالنضر الى ارتفاع تكاليف المعيشة بما يفرض اعادة ترتيب اولويات اﻻفراد واﻻسر خصوصا ذوي الدخل المحدود وﻻ يوجد ما يمنع من تغيير في بعض عادات المجتمع ان كانت ترتب نفقات مالية مرهقة لموازنة اﻻسرة ويمكن اﻻستعاظة عنها بمفردات بسيطة كافية لتحقيق المشاركة اﻻجتماعية المطلوبة مشيرا الى ان التكيف الاجتماعي والاقتصادي مع التغيرات يعد من ابرز سمات المجتمعات الحية التي تؤمن بان التغيير هو سمات العصر والحياه , منوها الى ان الكثير من الاسر وتحت حالة من الضغط الاجتماعي المحيط تجد نفسها مظطرة الى اقامة ولائم موسعة ومرهقة ماليا على غير قناعتها وقدرتها تماشيا مع مثل هذة العادات والاعراف القديمة وتجنبا للوقوع تحت انتقادات قد تكون فردية من ابناء المجتمع المحلي وهي برايه تكون وقتية وغير مؤثرة في مسيرة حياه اسرة الفقيد.
الدكتور حسين المجادين من قسم علم الاجتماع في جامعة مؤتة وعضو مجلس اللامركزية عن محافظة الكرك وصف عادة إعداد طعام الرحمة من قبل أسرة المتوفي بأنها حالة مرضية زائفة تنتقل كعدوى اجتماعية لتستنزف الوعي الاجتماعي مثلما تستنزف الموارد المالية لأشخاص على حساب أسرهم ,بل أن البعض يلجأ إلى الاستدانة لسنوات طويلة ليغطي استحقاقاته المالية المترتبة علية , لافتا بأنها عادة غلفت بطابع ديني ويداهن أو ينافق بها اجتماعيا رغم الحزن والألم لذوي الفقيد ,(( وترى أن من المستغرب سماع انتقادات من بعض المشاركين أو الحضور اللذين غالبا ما يكون معظمهم من أبناء المنطقة في العزاء لنوعية الطعام أو الشراب المقدم خلال المناسبة)) مشيرا في ذات الوقت إلى امتداد أيام العزاء يستنزف الكثير من الوقت.
وفي سياق الحلول المطروحة أكد محادين على ضرورة القيام بحملات توعية وتوجيه للمجتمع المحلي من خلال الوجهاء المحليين والمساجد والكنائس بهدف تطوير قناعة مختلفة لدى إفراد المجتمع المحلي بتحويل هذه الأموال الاستهلاكية أو توظيفها بدل ذلك في إعمال الخير الإنسانية عن روح الفقيد , كأن يتبرع بها إلى مدارس أو مراكز صحية أو جمعيات خيرية , كما أكد على ضرورة تبني الإعلام بكل أدواته ووسائله لحملات توعية لتبيان مدى خطورة استمرار مثل هذه العادات على المجتمع التي تشكل تهديدا وتآكلا لمداخيل الأسر المستورة والتي تسعى عن غير قناعتها لتماهي أو إرضاء المجتمع المحلي.
وشدد المجادين على الدور الهام الذي يجب إن تضطلع به المدارس والجامعات من خلال إقامة حلقات توعية تحدث وعيا اقتصاديا لدى الطلبة خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف الحياة ونسب البطالة والفقر في المجتمع.ِ
