بعد 8 سنوات حرب.. أين موقع الدراما السورية من منافسيها؟
أسماء المسلسلات، المحطات، مواعيد العرض، أوقات الإعادة… تمتلئ قوائم المتابعات الدرامية بهذه التفاصيل كل عام، منذ أن أصبح شهر رمضان موسم التسويق الأهم لأعمال تتنوع في مضامينها وأشكالها، وتتوحد في زمن العرض الممتد على ثلاثين يومًا، تشكل مضمار المنافسة التي تحدد مصير كل عمل "جماهيرياً"، وتحكم عليه بالنجاح أو الفشل.
وكما جرت العادة، تشهد القنوات الفضائية العربية "زحمة عروض" للمسلسلات المنتجة حديثاً، وتبذل كل قناة جهدها لـ "ابتلاع الموسم"، عبر عرض أفضل الأعمال الدرامية، وإحتكار أخرى، واتخاذ خطوات تسويقية لكسب أعلى نسب مشاهدة.
منذ نحو 25 عاماً، فرضت الدراما السورية نفسها بقوة على الساحة الدرامية، فبدأت الفضائيات العربية تخصص للمسلسل السوري مساحة من العرض توازي، بل تفوق أحيانًا، تلك المخصصة للدراما المصرية.
لم يكن هذا الحال مستغربًا، بعد دخول شركات الإنتاج الخاصة على خط الدراما منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، والتي وفرت إمكانيات فنية وإنتاجية وإخراجية خدمت هذه الدراما.
كما ولم تعانِ شركات الإنتاج الخاصة من مشاكل التسويق، إذ كان للمسلسل السوري مكانته على الساحة الدرامية العربية ومطلوباً، ليس فقط في شهر رمضان، بل على مدار العام، إلى درجة أن عرضه كان يعاد أكثر من مرة.
اليوم وبعد 8 سنوات متواصلة على الحرب السورية،تصرّ الدراما السورية على الحضور بقوة رغم الأزمة والحصار الذي تتعرض له، وتقدم بانوراما تاريخية وبيئية وإجتماعية معاصرة تنافس بها في دراما رمضان العربية كل عام.
وخلال هذه السنة ومع حلول شهر رمضان المبارك تتميز الأعمال الدرامية السورية بالتنوع والغنى من حيث المواضيع التي تطرحهاوشكلت الأعمال الإجتماعية الحضور الأكبر في الموسم الحالي لتعكس أثار الحرب على سورية برؤى مختلفة، مع تسجيل عودة لأعمال البيئة الحلبية إلى الواجهة، ومنها :"ترجمان الأشواق، رائحة الروح، مسلسل وهم، مسلسل فوضى ، هوى أصفر، الواق واق.."، مع انقطاع اضطراري لمسلسل "باب الحارة" الذي أعلنت شركة الانتاج تأجيل جزئه العاشر إلى الموسم المقبل.
وفي ظل الحديث عن المسلسلات السورية الدرامية التي تلامس واقع الحرب السورية، كان لنا حديث خاص لـ"لبنان 24" مع المؤلف السوري وكاتب مسلسل"فوضى" الذي يعرض حالياّ على شاشة "الجديد" نجيب نصير بالمشاركة مع الكاتب حسن سامي يوسف، وهو اعتبر أن "مصطلح "نقل الواقع" عبارة مزيفة، لأن الدراما السورية غير قادرة على نقل ووصف الواقع الحقيقي الذي يعيشه الشعب السوري."
وقال نجيب: "واقع سنوات الحرب تحتاج أيضاّ إلى سنوات عديدة وكثيرة لنتمكن من عرض ولو جزء منها، ومن جهتي لا يوجد نقل للواقع بكل تاريخ الدراما السورية إنما كان هناك لهجة حوار واقعية ومناظر واقعية، إنما ليس نقل للواقع." مضيفاً: "خلال الحروب لا يمكننا أن نعول على الدراما لأنها جزء من هذه الحرب وتعرضت بالتالي إلى إهتزازات تعيقها."
وينتقد الكاتب نجيب الدراما العربية في المجمل كونها لا زالت بعيدة عن الواقع ويمكن أن تكون وهمية.
وفي ظل الحديث عن الصعوبات التي تواجه الدراما السورية، حدد الكاتب نجيب نصير الصعوبات التي تواجه الدراما بأنها تحديات تسويقية مالية ورقابية، ومن وجهة نظره أكد على عدم قدرة الدراما السورية في التغلب على الصعوبات وذلك بسبب هجرة العاملين في الدراما السوريا إلى دول عربية أخرى، وصعود صنّاع دراما هم أقل من المعاييرالفنية المعترف بها.
الدراما السورية والأعمال المشتركة
وفي ظل الأزمة السورية وتوجه عدد من العاملين في مجال الدراما إلى الدول العربية، اتجهت البوصلة إلى أعمال مشتركة تجمع بين الخبرات السورية مع غيرها من الجنسيات العربية، وأبرز هذا التعاون هو الحاصل بين القدرات السورية واللبنانية.
فكان للمؤلف نجيب نصير رأيٌ يعزز هذه الأعمال، وهو أكد على أن الأعمال الدرامية بين لبنان وسوريا لا يجمعها هذه السنوات الثمانية إنما كان هنالك إرتباطاً عضوياً في المسرح والسينما.
واعتبر نصير: "إن التعاون ليس بجديد، وإعطاء النجاح لطرف أكثر من الآخر لست بمشكلة، ولا شك أن هنالك نوع من الإسفادة المتبادلة للخبرات بين الطرفين."
هكذا، وبرغم الظروف الصعبة التي تمر بها الدراما السورية ما تزال تسعى في كل موسم رمضاني لدخول السباق التنافسي من بابه العريض وتبقى في الطليعة، وهذا دليل قدرتها على الصمود ربع قرن من الزمن، وخصوصا في السنوات الأخيرة، وقد يكون أحد أسبابها إعتمادها على البطولات الجماعية كأحد أسرار سحرها الجماهيري، ما ضمن وجودها في خارطة العرض الدرامي العربي على مختلف القنوات الفضائية.
"لبنان 24" - أمل سرايا)