الدكتور البراري يكتب: ماذا يعني الاضراب؟
جو 24 :
كتب د. حسن البراري -
وقف الشعب الأردني بجانب بلده ومع قيادته عندما نفذ اضراباً ناجحاً احتجاجاً على سياسة الحكومة التي فشلت فشلا ذريعا في إدارة الملف الاقتصادي بدليل التفاف الأردنيين حول فكرة الاضراب السلمي وفقاً للقانون، وبدليل استطلاع الرأي الذي نشره مركز الدراسات الاستراتيجية قبل أقل من شهر وفيه حصلت حكومة هاني الملقي على أقل شعبية في تاريخ الحكومات بنسبة وصلت إلى ٣٠٪ فقط. فالمسألة لا يمكن التلاعب بها إذ تنامت فجوة الثقة بين الحكومة من جانب والشعب الأردني من جانب آخر، وأجزم أن الملقي وفريقه الاقتصادي غير قادرين على تجاوز الامتحان، وعليه فقد حان الوقت لتحويلهم للقضاء بتهمة التقصير وضياع سنتين من عمر الدولة في سياسات فاشلة بالرغم من التحذير من هذه السياسات.
نجاح الاضراب السلمي يعد إنجازا وطنيا أردنيا لأنه يشكل ممارسة مشروعة ويعني أن الشارع الأردن أكثر حرصا على أمن البلاد والعباد من الحكومة التي تقامر بأمن البلد من خلال أسلوبها المتعالي في التعامل مع أهم قانون، ورفضها اجراء حوارات وطنية مستندة -بدلا من ذلك- إلى مجلس نواب هش تجاوزه الشارع اليوم وثبت للقاصي والداني بأن وجوده وعدمه سيان. فعدم قدرة الحكومة وفريقها الاقتصادي الضعيف على اجراء حوارات وطنية للتوصل لصيغة توافقية يعكس ضعف هذا الفريق الذي لا يملك أي رؤية أو معرفة لكيفية الخروج من عنق الزجاجة التي اوقعتنا فيها الحكومات المتعاقبة بإصرارها الرضوخ لبرنامج عابر للحكومات ومُعد في واشنطن.
يبدو أن جلالة الملك توصل إلى هذه النتيجة قبل شهرين عندما طالب علانية وللمرة الأولى بأن يتحرك الشارع لممارسة الضغط على الحكومة، وها هو الشعب يتحرك يا جلالة الملك فماذا أنتم فاعلون؟ الملك هو السلطة الأعلى في البلاد والذي يلتف حوله الشعب وهو قادرة بجرة قلم حل الحكومة ومجلس النواب وتحويل الوزراء للمحاكمة للبدء في فصل جديد، أي المطلوب انقلاب ملكي يقوده الملك ضد تحالف الفساد والنخب الفاسدة، وهو انقلاب سيؤيده الشعب الأردني الذي لا يسعى إلا الى السترة، فلا أحد يطالب بتقليص صلاحيات الملك ولا أحد يستهدفه في أي شيء لكن بلغ السيل الزبى والأردنيون لا يمكن لهم أن يستمروا في ظل حكومة جبائيه وجائرة دون أن يحدث الانفجار، فمراهنة الحكومات على أن الشعب ليس بمقدوره فعل شيء انما يعكس بنية ذهنية جسدها شكسبير بشخيصة ماكبث، وعليه أصبحت أرى الغابة تتحرك!
اليوم سطر الأردنيون تاريخا جديدا عندما تجاوزوا مجلس النوب الذي يخيب الظن في كل مفصل، وربما الخطوة الأولى التي ينبغي اتخاذها هي حل مجلس النواب لأنه يشكل عبئا وطنيا وماليا علينا نحن دافعي الضرائب، فكل مسرحياتهم الهزيلة والسخيفة ما هي إلا سحابة دخان تخفي خلفها حالة سياسية مزرية. لم يفشل مجلس النواب لوحده بل فشلت معه الأحزاب السياسية التي لا تقدم بحياتها موقفا وطنيا واحدا كما قدمته النقابات اليوم، وعليه أطالب بوقف التمويل عن الأحزاب السياسية الكرتونية لأنها أيضا تشكل عبئا ماليا علينا كدافعي ضرائب.
بكلمة، شرفاء الأردن لن يتآمروا على بلدهم وعلى مستقبل أولادهم وسيحافظون عليه حتى الرمق الأخير، وعليه فهم سيتصدون للحكومة وسياساتها واشخاصها وبخاصة الطارئين منهم – الذين لا نعرف من أين جاؤوا – والذين لا يعرفون الأردن ولا تاريخ شعبه وتضحياته. مرة ثانية، احوج ما نكون اليه الآن هو انقلاب ملكي على النخب الحاكمة والفاسدة وتحويل الفريق الاقتصادي للقضاء وسحب القانون واسترجاع أموال الشعب التي نهبها الفاسدون، فالدولة تمتلك من الأدوات ما يمكنها من جلب الفاسدين واسترداد أموال الشعب.