ثوران بركاني في البيرو قتل ثلث سكان روسيا
جو 24 :
العربية
يقع بركان هوينابوتينا ضمن سلسلة جبال أنديز التي تمتد على طول الساحل الغربي لأميركا الجنوبية.
وعرف هذا البركان نشاطا رهيبا مطلع القرن السابع عشر جنوب البيرو، ويبعد 50 ميلا فقط عن مدينة أريكيبا.
اعتاد السكان الأصليون في المنطقة قديما على تقديم قرابين مختلفة للبركان، سعيا منهم للتقرب من الآلهة. حيث آمن هؤلاء بقدرة آلهتهم على تفجير البركان وقتلهم جميعا في حال عدم حصولها على القرابين. لكن مع قدوم الإسبان عرفت هذه التقاليد والعادات نهايتها، وأجبر جميع سكان المنطقة على اعتناق الكاثوليكية.
خريطة لأبرز البراكين بالبيروصورة معاصرة لأحد البراكين بالبيرو
وفي يوم التاسع عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1600، شهد بركان هوينابوتينا ثورانا رهيبا، صنّف كأعنف ثوران بركاني شهده جنوب القارة الأميركية، كانت نتائج هذه الكارثة الطبيعية مرعبة، حيث غطت كميات هائلة من الحمم البركانية مناطق واسعة، ودمرت عشرات القرى وقتلت الآلاف، وأيضا برز العديد من الظواهر الطبيعية الفريدة من نوعها، والتي تسببت خلال السنوات التالية في موت الملايين.
إلا أنه وقبل الكارثة بأيام، شعر سكان القرى القريبة برجات أرضية خفيفة وأصوات مرعبة قادمة من بركان هوينابوتينا. وأدركوا حينها أن البركان على وشك الانفجار، فما كان منهم إلا أن تخلوا عن #الكاثوليكية التي جلبها الإسبان معهم وعادوا مجددا إلى ديانتهم القديمة.
إثر ذلك، حمل السكان الأصليون عددا من القرابين وهن "فتيات عذراوات"، وتوجهوا نحو البركان ليمارسوا نوعا من الطقوس يكمن بإلقاء القرابين البشرية في فوهته، سعيا منهم لوقف غضب الآلهة.
رسم تخيلي لمجاعة روسيا ما بين سنتي 1601 و 1603
رسم تخيلي لمجاعة روسيا ما بين سنتي 1601 و 1603
وعند وصولهم الفوهة، لاحظ الأهالي شدة النشاط البركاني فما كان منهم إلا أن تخلوا عن تقديم القرابين بالرغم من قناعتهم بأن غضب الآلهة وعزمها على تدميرهم كان سببه تنكرهم لها واعتناقهم المسيحية.
وما بين يومي الخامس عشر والثامن عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1600، شهد نسق النشاط البركاني ارتفاعا ملحوظا خاصة مع تزايد شدة الزلازل.
وفي حدود الساعة الخامسة مساء يوم التاسع عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1600، انفجر بركان هوينابوتينا قاذفا كميات هائلة من الحمم التي اختلطت بمياه نهر ريو تامبو، وتحولت إلى فيضان طيني مرعب، امتد ليدمر عشرات القرى القريبة.
واستمر نشاط بركان هوينابوتينا إلى حدود يوم الخامس من شهر آذار/مارس من نفس السنة.
في هذه الفترة ارتفعت كميات كبيرة من الغازات البركانية والتي تكونت أساسا من ثنائي أكسيد الكبريت لتستقر بالغلاف الجوي الطبقي (الستراتوسفير) متسببة في تقلبات مناخية مرعبة بالجزء الشمالي للكرة الأرضية.
وبسبب هذه التقلبات المناخية كانت مناطق عديدة من #العالم على موعد مع شتاء بركاني. وعاشت #روسيا على وقع شتاء قاسي البرودة صنّف كأبرد شتاء منذ ستة قرون.
وأدت برودة الطقس وغياب أشعة الشمس لفترات طويلة في إتلاف محاصيل الفلاحين الروس، لتشهد روسيا على إثر ذلك مجاعة استمرت ما بين سنتي 1601 و1603.
فيما تسبب ثوران بركان هوينابوتينا سنة 1600 في مقتل 10 آلاف شخص من أهالي القرى المحيطة به، وكان سببا في التقلبات المناخية التي أدت لظهور المجاعة بروسيا.
وفي سنة 1600 قدّر عدد سكان روسيا بنحو 6 ملايين نسمة، أي أن تلك المجاعة قتلت ما بين سنتي 1601 و1603مليوني شخص أي ما يعادل ثلث سكان روسيا خلال تلك الفترة.
العربية