في "تانغو" و"الحب الحقيقي": نهايات مثيرة وأسئلة حائرة
استعادت الدراما اللبنانية عافيتها في السنوات الاخيرة، لا سيّما على صعيد الانتاج، الأمر الذي يبدو جليا من خلال الاعمال التي تتصدر الشاشات الرمضانية لهذا العام، لكنّ الجرأة التي تتّسم بها طريقة طرح المواضيع الاجتماعية تبدو قاسية على بنية مجتمعنا المحافظ المتمسك بالمبادىء الاخلاقية والعادات والتقاليد وتخدش خصوصية شهر رمضان، وهذا الأمر الذي لم يراعيه صنّاع الدراما، ليس تفصيلاً.
تتسارع الأحداث في مسلسلي"تانغو"و"الحب الحقيقي" مع اقتراب نهاية الشهر المبارك، ويتسمّر اللبنانيون أمام الشاشات في ترقّب للحلقات الاخيرة،"من قتل فرح عشيقة عامر رجل الاعمال ومزوّر العملة وتاجر السلاح؟ هذا اللغز الكبير الذي يشغل بال المشاهد اليوم يستثير في اللاوعي ردة فعل مع التفلّت الأخلاقي وانعدام القيم، أما قبلات "نورا" و"راكان" الحارّة في"الحب الحقيقي" فتستوجب التنويه بعبارة+18أو"عذرا على الاحراج"!
يرى متابعون للأحداث ان الدراما اللبنانية قد"شطحت" إلى حد أبعد من الجرأة بكثير، ووصلت الى الدرك الأسفل من تصوير الجلاد على أنه ضحية!! فبعض المسلسلات ليست سوى انقلاب على المفاهيم الاخلاقية والاعراف الاجتماعية، وكأن لغة الجسد باتت حاجة ملحّة لاستقطاب المشاهد، او أن العلاقات المشبوهة هي واقع لا مفرّ منه!!
وما لا شك فيه ان القضايا التي تعالجها الدراما اللبنانية هي تسليط للضوء على اشكاليات اجتماعية تسود مجتعاتنا العربية ومواجهة للسلبيات الموجودة فيها، فالطلاق والخيانة الزوجية والعلاقات الغرامية غير المشروعة والدعارة والشذوذ الجنسي والسلاح والمخدرات كلها آفات أخلاقية يتحدث عنها الناس في مجالسهم
السرية ولا يضعونها تحت المجهر رغم انها تستوجب معالجات جدية، وبحثا ًدقيقاً خلف الاسباب التي أدّت الى الغوص فيها.
ولكن إن كانت الدراما اللبنانية تعكس واقعا يختبىء خلف أسوار البيئة الشرقية الا ان تكريس ثقافة الانفتاح دون ضوابط اخلاقية او دينية من شأنه ان يهدم منظومة المجتمع العربي، فالمشاهد الساخنة التي تتخلل احداث بعض المسلسلات باتت تأخذ منحى اجتماعياً خطيراً، وتجنح نحو الحرية المطلقة دون ادنى مراعاة لعين المشاهد على اختلاف فئاته العمرية، وتواجه بانتقادات لاذعة من قبل المتابعين لهذه الاعمال، إذ يرى البعض ان الجرأة الصارخة تخطت كل الحدود حتى وصلت حدّ المبالغة المفرطة!
وبعيدا عن الالتزام الاخلاقي، فإن صنّاع الدراما في السنوات الثلاث الاخيرة ابتعدوا عن جوهر الفن وانغمسوا في"البزنس" الذي فرض بعض الممارسات السلبية كالايحاءات الجسدية بغية تسويق منتجاته خوفا عليها من الكساد! وقد دخلت الدراما في دائرة التجارة والتسويق بهدف جني الربح السريع بمشاركة المحطات التلفزيونية التي تتسابق على بثّ العمل الاكثر جرأة لجذب المشاهد.
تقتحم الدراما اللبنانية البيوت العربية بسلاح التجاوزات دون مراعاة للأخلاق العامة، ويتساءل مراقبون عن المعايير التي يفرضها الأمن العام في مسألة منع العرض او قبوله، وعلى رغم الاستحسان الجماهيري الذي لاقته انتفاضة الدراما في لبنان، الا ان سلبياتها تفوّقت بأشواط على الايجابيات، وما بين"الحب الحقيقي"و"تانغو"احداث مشوقة ونهايات مثيرة وأسئلة بلا أجوبة: من فكّ فرامل الأخلاق في بلادنا حتى انزلقنا في هوّة قد تصل بأجيال المستقبل الى القاع؟؟
لبنان24