jo24_banner
jo24_banner

محامون بلا حدود تستعرض سيناريوهات العمل الحكومي على مشروع قانون ضريبة الدخل

محامون بلا حدود تستعرض سيناريوهات العمل الحكومي على مشروع قانون ضريبة الدخل
جو 24 :
أصدرت مؤسسة محامون بلا حدود ورقة موقف بعنوان "سيناريوهات العمل الحكومي على مشروع قانون ضريبة الدخل"، قامت من خلالها بتأصيل حقّ المواطنين في الاجتماع والتنظيم السلمي حسب ما كفله الدستور والمواثيق الدولية.

كما استعرضت ورقة العمل تطور المشهد الوطني الرافض سياسات ونهج الحكومة الاقتصادي، والذي أججه مشروع قانون ضريبة الدخ وأثار الاحتجاجات ودفع الملك عبدالله الثاني بن الحسين لتكليف الدكتور عمر الرزاز لتشكيل حكومة جديدة.

وبعد اعلان رئيس الوزراء المكلف الدكتور عمر الرزاز عزمه سحب مشروع القانون، أوصت المؤسسة في الورقة التي أعدها المحاميان صدام ابو عزام ومعاذ المومني: "بعقد دورة استثنائية يدرج على جدول أعمالها بند مناقشة البيان الوزاري للحكومة وأي تشريعات أخرى "باستثناء مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل"، وفتح حوار بعد ذلك حول مشروع القانون بالشراكة مع مجلس الأمة.

كما أوصت المؤسسة بدعوة المجلس الى دورة عادية في شهر تشرين أول القادم، ليشرع المجلس بناقشة أولوياته التشريعية والرقابية حسب جدول أعماله، وترسل الحكومة مشروع القانون بصيغته النهائية التوافقية إلى المجلس بصفة الاستعجال.

وتاليا نصّ ورقة الموقف:


ورقة موقف بعنوان

سيناريوهات العمل الحكومي
على مشروع قانون ضريبة الدخل

محامون بلا حدود

عمان – الأردن
2018م
جدولالمحتويات

جـدول المحـتـــويات
الصفحةالمـــوضــــــــــــــــوع
3تأصيل حقوقي
4سياق تطور الاحداث
6مقتضيات دستورية يجب أخذها بعين الاعتبار
8السيناريوهات المتاحة
9السيناريو الأول: عدم سحب مشروع القانون
13السيناريو الثاني: سحب مشروع القانون من قبل الحكومة
14الخلاصة: السيناريو المرجح







تأصيل حقوقي
الحق في المشاركة العامة يعتبر من وجوهر ووعاء لمنظومة حقوق الانسان، وهو أداة التفاعل الإيجابي بين المواطنين والمؤسسات والأفراد، وتكمن العوائد الإيجابية لهذا الحق على كافة الصعد السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فضلاً عن كونه مؤشراً على توطين النهج الديمقراطي بين المؤسسات والأفراد، اذ يتناسب تفعيل هذا الحق طردياً مع تمكين الافراد ديمقراطياً.
ومستويات المشاركة العامة متعددة متنوعة من مشاركة في الانتخابات بكافة مستوياتها والمشاركة في اللقاءات واللجان والمشاورات والفعاليات الوطنية وتتظافر جميعها لتشكل حالة تعبير عن قدرة أي مجتمع على تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي.
وتزداد أهمية المشاركة العامة بإعتبارها أحد عناصر ومكونات المواطنة اذا ما سلمنا بأن الحقوق والواجبات والقيم المجتمعية والهوية هي العناصر الجامعة للمواطنية.
وعليه، يجب على المؤسسات الرسمية ان لا تتوجس خيفة من ممارسة الأفراد لحقهم الأصيل والفطري في المشاركة العامة من خلال تنظيم المظاهرات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية والإضرابات فجميعها ممارسة لحق أصيل للأفراد، بل يجب أن تسعى الحكومات والمؤسسات ذات العلاقة الى الإصغاء جيداً الى مضامين هذه الفعاليات وأن تتركها تنساب طبيعياً لتمكين الأفراد من إيصال مطالبهم وتمنياتهم الى الحكومات والمؤسسات التي هدفها الرئيس تحقيق تطلعاتهم.
كفل الدستور الأردني هذا الحق الأصيل وأكد عليه في أكثر من مكان ولا أدل على ذلك ما ورد في المادة 15 – 16 – 17، بنصوص واضحة لا لبس فيها، والمتابع لسياق الأحداث في الأردن منذ أقل من (15) يوم يلحظ الممارسة الواسعة للمواطنين للحق في التظاهر والاضراب والإجتماع العام السلمي لنقل مطالبهم ووجهة نظرهم الى كافة المؤسسات الدستورية في الدولة والقائمين عليها.
سياق تطور الأحداث
لا شك في أن مشروع قانون ضريبة الدخل المقدم من حكومة الدكتور هاني الملقي شكل مفصل في الحراك الجماعي الشعبي على مدار الأسابيع الماضية، وتصدر المشهد النقابات من خلال مجلس النقباء والذي ضم كإطار تنظيمي ما يربو على ثلاثين نقابة بحالة من الإجماع العام على رفض مشروع قانون ضريبة الدخل وعدم الرضاء العام على النهج الاقتصادي المتبع من الحكومة والذي بات ينوء المواطن الأردن عن حمل أعباء وتكاليف الخيارات الاقتصادية المعتمدة بشكل مباشر على جيب المواطن.
وتدحرجت كرة الثلج، بسرعة كبيرة الى أن عمت الاحتجاجات والتجمعات السلمية كافة أرجاء المملكة، ولعل نجاح الإضراب الذي تم تنفيذه في 30/5/ 2018م كان له بالغ الأثر في بث روح القوة والعزيمة أمام كافة الاطراف الرافضة لمشروع القانون وتعزيز إرادتها للمضي قدماً في مسعاها الوطني فضلاً عن قرار الحكومة في زيادة تعرفة أسعار الوقود والكهرباء والذي كان له الدور والمحرك في الخروج الى الشارع، فضلاً عن تنبي القوى الحائرة ذات الموقف والإنخراط في كافة الأعمال والأنشطة الرافضة لمشروع القانون.
وصل الأمر الى طريق اللاعودة، حالة التجمع العفوي والجماهيري من كافة أطياف ومكونات المجتمع الأردني كانت بمثابة رسالة واضحة لا لبس فيها أو غموض حيال الموقف من مشروع القانون والأعباء الاقتصادية التي أثقلت كاهل المواطن.
ولا مراء في أن الحركة الوطنية الجماعية والعفوية أيقظت كافة مكونات الدولة السياسية والأمنية والنظر بعين الجدية للشارع ومطالبه، وتوالت الإجراءات الرسمية المعلنة من إجتماع مجلس السياسات الوطني وتصريحات لرئيس الوزراء ولقاء – وساطة- بين الحكومة ومجلس النواب وتصريحات منسوبة لمجلس الاعيان ومؤتمرات صحفية للناطق الإعلامي ووزير المالية ومدير دائرة ضريبة الدخل الى أن وصل الأمر الى تقديم إستقالة حكومة الدكتور هاني الملقي.
تلا ذلك تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومة وفقاً لكتاب تكليف سامي نوعي وناطق بما إحتواه من مضامين واضحة لا لبس فيها. وإفراد محور خاص في كتاب التكليف حول مشروع قانون ضريبة الدخل وضرورة إجراء حوار وطني شامل حول القانون ليشكل حالة من العدالة والمساواة ويراعي الظروف الاقتصادية للطبقة الفقيرة والمتوسطة.






وحيث أن حكومة الدكتور هاني الملقي المستقيلة أرسلت مشروع القانون الى مجلس النواب فإن المشهد أصبح من الجانب القانون والاجتماعي والسياسي ينتابه بعض الغموض والإبهام حيال الإجراء الأنسب والملائم تجاه مشروع القانون، وأي القرارات من شأنه أن يحقق مكاسب إجتماعية وسياسية دستورية في أنٍ واحد، هذا ما سوف تنهض به هذه الورقة في التحليل والإجابة.
وإن محامون بلا حدود من خلال إطلاعها عن كثب على واقع العمل الاحتجاجي والمظاهرات والإضرابات منذ بدايتها وإدراكها للطبيعة المميزة لهذا الحراك الأول من نوعه في الأردن تقدم سيناريوهات محتملة ومحاذير سلوك أي منها مع ترجيح الذي يحقق المصالح الوطنية، ويشكل نقله نوعية في العمل الوطني الجماعي المبني على أسس ومعايير من الثقة والمحاسبة والنزاهة والمنضوي تحت مظلة سيادة القانون.
مقتضيات دستورية يجب أخذها بعين الاعتبار
مسألة رد وسحب مشروع القانون محكومة بالأطر الدستورية التي من المتوجب أخذها بعين الإعتبار وبناء مقاربة شمولية لتلافي أي أثار غير دستورية قد تنشاء عن أي قرار حيال مشروع القانون.
رسم الدستور الطريق والخطوات اللازمة للقوانين إما من خلال المبادرة التشريعية من قبل النواب ، أو من خلال إرسال مشاريع القوانين من الحوكة بعد إقرارها من مجلس الوزراء يرسلها رئيس الوزراء الى مجلس النواب والذي له حق قبول المشروع أو تعديله أو رفضه وفي جميع الحالات يرفع المشروع الى مجلس الاعيان ولا يصدر قانون الا اذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك .
أما في حالة رد مشروع القانون من مجلس الأمة بغرفتيه( النواب- الاعيان) لا يجوز للحكومة أن تقدمة للمجلس في الدورة نفسها، هذا ما أشارت اليه المادة (92) من الدستور الأردني . وعليه وحيث أن مجلس النواب حالياً غير منعقد، والمرجح أن ينعقد المجلس بدورة إستثنائية يتم فيها مناقشة الأمور المحددة في الإرداة الملكية.
وفي ذات السياق أجاز الدستور للملك عند الضرورة أن يدعو مجلس الأمة الى الإجتماع في دورات استثنائية ولمدة غير محدودة لكل دورة من أجل إقرار أمور معينة تبين في الإرادة الملكية عند صدور الدعوة وتفض الدورة الاستثنائية بإرادة .
وأجاز الدستور كذلك لمجلس النواب الطلب من الملك اذا طلب أغلبية النواب عقد دورة استثنائية بعريضة موقعة تبين فيها الأمور التي يراد البحث فيها . وفي جميع الأحوال لا يجوز لمجلس الأمة أن يبحث في أية دورة إستثنائية الا في الأمور المعينة في الإرادة الملكية التي إنعقدت تلك الدورة بمقتضاها .
أما بالنسبة للبيان الوزاري فإنه يجب على الحكومة تقديمة خلال شهر اذا كان المجلس منعقد ، وفي حالة عدم الإنعقاد يدعى للإنعقاد لدورة إستثنائية وعلى الوزارة أن تتقدم ببيانها الوزاري وان تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ تأليفها .
وحيث أن موعد الانعقاد الدستوري للدورة العادية لمجلس النواب في الأول من شهر تشرين أول وعملية الحوار الوطني قد تستغرق وقتاً طويل نسبياً نظراً لطبيعة القانون وللأطراف المتأثرة فيه، وعليه فإن الوقت المتبقي لإجراء حوار وطني هو قرابة ثلاثة أشهر ، واذا ما أخذنا الأعباء الوطنية الملقاة على الحكومة المشكلة حديثاً والتي تحتاج مزيداً من الوقت لترتيب أولوياتها على الصعيد الداخلي والخارجي، فإن الوقت قد لا يسعف لإجراء حوار وطني ناضج حيال مشروع القانون خلال فترة انعقاد الدورة الاستثنائية اذا ما تم إدراج مشروع القانون على قائمة أولوياتها بالإرادة الملكية.
أما اذا قامت الحكومة بسحب مشروع القانون فلا قيود دستورية على موعد جديد لإعادة عرضة على المجلس، إذ يأتي السحب لمزيد من الدراسة والتعمق في القانون والأخذ بمخرجات الحوارات الوطنية التي يتم ىالخلوص اليها.وبذلك تتمكن الحكومة من إنضاج حوار وطني قائم على شراكة حقيقية بين جميع الاطراف.
السيناريوهات المتاحة
أمام الحكومة العديد من السيناريوهات الدستورية التي يجب أخذها بعين الإعتبار لما لها من تأثير كبير على بداية سياسية ومجتمعية واقتصادية قوية لحكومة الدكتور عمر الرزاز، ولا يكمن حسم أي من هذه السيناريوهات الا بربطها ببعدها السياسي والاجتماعي، إذ تبني خيار من عدمة ليس موقوف على سياق دستوري قانوني مجرد، وإنما أبعاد إتباع هذا السيناريو أو الخيار وانعكاساته على الشارع المنتظر بشوق لتغيير في النهج الرسمي والذي يجثو بقسوة على كاهل المواطنين، وتكمن هذه الخيارات في الآتي:





مشروع قانون ضريبة الدخل أصبح الأن في ولاية مجلس النواب والذي ينتظر عقد دورة إستثنائية للمضي قدماً في مناقشة جدول أعمال الدورة وفق مضمون الارادة الملكية لدعوة المجلس للإنعقاد، والذي بات بحكم المؤكد أن يكون مشروع القانون على رأس الاولويات فضلاً عن مناقشة البيان الوزاري للحكومة والتصويت عليه.
الذهاب في هذا الخيار معناه أن يسير مشروع القانون في سراديب مجلس الأمة بشقية ( النواب ، والاعيان) ويسير من خلال طريقين أحلاهما مُر على الشارع الذي يؤرقه الإنتظار ويهتف ليل نهار" لا تراجع عن سحب القانون" وهو العنوان الأبرز الذي يتصدر لائحة مطالب الشارع.
الطريق الأول: إحالة مشروع القانون كغيره من مشاريع القوانين من خلال التصويت عليه وإحالته الى لجان المجلس المختصة حسب النظام الداخلي، ويخضع لتجاذبات وأراء عديدة في هذا السياق ربما تطول أو تقصر - لا يمكن التكهن بآجالها- ومن ثم التصويت عليه في مجلس النواب وذات الطريق الدستوري الى مجلس الاعيان، وفي حال مخالفة مجلس الأعيان للنواب يصار الى عقد جلسة مشتركة لحسم القرار حيال القانون.
الطريق الثاني: أن يرد الجلس القانون من القراءة الأولى وقبل الإحالة على اللجنة المختصة في المجلس، ومن ثم إحالته الى مجلس الأعيان للمضي قدماً في الإجراءات حسب النظام الداخلي للمجلس من الإحالة للجان المجلس ومن ثم التصويت عليه، وهذا الطريق أيضا لا يمكن التكهن به.
ومن محاذير هذا السيناريو بكافة طرقه - طريق مؤسسي شاق - لا يحتمله الشارع " تكمن في الاتي:
1.لا يوجد ضمان للوقت الذي قد يستغرقه مجلس الأمة بغرفتيه لمناقشة وإتخاذ القرار حيال القانون، إذ الباب مفتوح على مصراعيه لسلوك أي طريق من الطرق الدستورية الا أن الحكومة والمجلس والبلد بشكل عام لا تملك ترف الوقت في هذا الصدد أمام الشارع الذي يتفاعل بشكل متطور ومتسارع مع الأحداث الرسمية ويقرأ المشهد بعناية.
2.من الممكن أن يتصدى المجلس الى إدارة حوار وطني حيال مشروع القانون، الا أن الأدبيات السياسة والبرلمانية العالمية والمحلية تشير الى عدم قدرة السلطات التشريعة على إدارة مثل هذا الحوار الوطني الشامل لعدم إمتلاكها الموارد المالية والكوادر البشرية المؤهلة والكافية للإستماع الى كافة وجهات النظر، وإدارة النقاش بينها والوصول الى توافقات حيال مواضيع القوانين الخلافية، هذا فضلاً عن إمتلاك الحكومات الخبرات والمؤهلات والكوادر والموارد اللازمة لإدارة مثل هذا الحوار والنقاش، وبالتالي تصدي مجلس النواب لمثل هذا الحوار قد يؤثر سلباًعلى ثقة الشارع الوطني العام بالإرادة السياسية نحو الإصلاح وقدرة الحكومة على إحداث التغيير المنشود.
3.كما أن مراحل العملية التشريعة الصحيحة والسليمة حسب التجارب والممارسات الفضلى في إدارة التشريعات تقتضي أن تقوم المؤسسة المعنية في الحكومة بالتعاون والشراكة مع الوزارة المختصة بوضع خطة وطنية لإدارة الحوار الوطني بين الفئات المتأثرة وذات العلاقة بأي مشروع قانون وأن تدير نقاشات وحوارات وتستمع الى كافة وجهات النظر وفق خطط وسياسات وقواعد عمل مرجعية واضحة المعالم، ليتسنى لها تقدير الإحتياج التشريعي الوطني الحقيقي وتحديد محاور التعديل اللازمة والمطلوبة بشكل واقعي. وأن تقوم بإرسال مخرجات الحوار الوطني مشفوعة بالأسباب الموجبة ودراسات الكلف التشريعية لأي مشروع قانون الى مجلس النواب والذي عليه أن يأخذ القرار بصفته ممثلاً للشعب ومرجحاً للآراء في حال إختلافها، ما عبر عنه بخطة وطنية لإدارة التشريعات.
4.ومن جهة أخرى، فإن الحكومة تكون في هذه المرحلة بصدد نيل الثقة على بيانها الوزاري والذي يحدد معالم الطريق والعلاقة مع السلطة التشريعية، وفي مثل هذه الظروف لا يفضل أن تدخل الحكومة في نفق مجلس النواب وتتبادل معه الأدوار وفقاً لتوجهات وآليات عمل المجلس والتي يطغى عليها في الغالب الأعم عدم الوضوح والتذبذب. وبالتالي قد تؤثر على ميزان العمل المؤسسي بين المجلس الحكومة القائم على مبدأ الفصل بين السلطات مع التعاون، إذ مثل هذا النوع من التعاون قد يخل بميزان العمل المؤسسي ويخرج العلاقة عن إطارها الدستوري وتكون بداية غير موفقة لحكومة جديدة من المأمول منها إحداث تغيير إيجابي في كافة الملفات التي تؤرق المواطن.
5.ومن ضمن المحاذير التي تقال في سياق تولي مجلس النواب إدارة الحوار، أن العمل الفردي البرلماني هو المسيطر على المشهد في مجلس النواب، لعدم وجود أحزاب سياسية تشكل أغلبية تؤدي الى تسمية رئيس الوزراء لضمان سير وتكامل بين العمل الايدولوجي والمؤسسي للأغلبية البرلمانية وحكومتها وفقاً لشكل النظام النيابي البرلماني ومكوناته، ولا الكتل البرلمانية إشتد عضدها المؤسسي لتقوم بهذا الدور، حيث لا تزال تراوح مكانها بل الأبعاد غير التنظيمية وعدم وضوح الرؤيا والرسالة والأهداف لديها تتصدر المشهد ولم تحقق منجز مؤسسي يذكر في هذا السياق وتغدو كمومياء ما إن تفك رباطها حتى تتطاير في الهواء.
6.تشير كافة الدراسات والاستطلاعات الى انعدام الثقة في مجلس النواب إذ تصل الى أدنى مستوى لها، مما قد يؤثر سلباً على مخرجات الحوار ويضخم حالة التأزيم في الشارع ويصعد جميع الأطراف على الشجرة.
7.هناك تجارب تصدى لها مجلس النواب لإدارة حوار وطني أثبتت عدم الرضا والفشل في بعضها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر قانون العمل الذي لا يزال في أدارج اللجان وقانون المالكين والمستأجرين وقانون الموازنة العامة.








ويعتبر هذا السيناريو مطروح بقوة على الساحة الوطنية بل ويشكل جزء أصيل ورئيس من الحالة المطلبية للشارع، بأن تقوم الحكومة بسحب مشروع القانون مباشرة كأول عمل من الأعمال التي تقوم بها، وإتباع هذا الخيار في من شأنه أن يحقق الأتي:
1.يعتبر إستجابة لمطالب الشارع العام الوطني والذي بدى واضحاً بأنه شرط ضرورة لتحديد الإجراءات اللاحقة حيال الإضراب والاحتجاج، وبالتالي تكون الحكومة قد حققت مبتغى الشارع، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس ايجاباً على علاقة الحكومة بالمواطنين، ويبعث برسالة إطمئنان للشارع العام بأن رأي المواطن ذو اولوية، وعدم الاعتماد الكلي على حالة لقبول العام رئيس الوزارء.
2.سحب مشروع القانون يؤكد ويبعث رسالة مفادها أن لدى الحكومة تصوراً واضحاً حيال المرحلة المستقبلية، ينطلق من تشخيص حقيقي للواقع الإقتصادي والمعيشي للمواطن و مؤشر على قدرة الحومة على إمتلاك زمام القرارات التي تتبناها ولا تدخل في نفق سابقاتها من الحكومات المتعاقبة.
3.يقع سحب مشروع القانون في ظل توجيه ملكي للحكومة بموجب كتاب التكليف والذي حدد صراحة بضرورة إجراء حوار وطني بالتنسيق مع المجلس، وهذا يتطلب إشراك المجلسين ولجانهما في عملية الحوار الوطني لتوفير الوقت والجهد أمام المجلسين لإتخاذ القرار الذي يحقق مصالح وتطلعات الشعب الاردني.
4.إن نجحت الحكومة في الوصول الى توافقات وطنية حيال مشروع القانون يعتبر ذلك خطوة غير مسبوقة للحكومة بإعتبار أن القانون من أكثر القوانين جدلاً وبالتالي مؤشر على قدرة حكومية على التصدي بنجاح لغير ذلك من ملفات وقدرة على إحداث أثر غير تقليدي على كافة المحاور الاقتصادية والسياسية والإدارية للجهاز الحكومي وغيرها.
5.قد يصطدم هذا الخيار ببعض الاراء القانونية المحافظة التي تقول بعدم القدرة الدستورية للحكومة على سحب القانون، الا أن بعض الآراء العميقة والتي رسخت فهما حصيفاً لمضمون النصوص الدستورية تجيز سحب القانون بإعتبار أن سحب القانون ضرورة وطنية ولا يتم فيه تجاوز المجلس كون المجلس لم يشرع في نقاشه.





تأسيساً على ما سبق، وبعد إستعراض للخيارات المتاحة فإن حكومة الدكتور عمر الرزاز في أمس الحاجة الى بدء عملها الدستوري على خطوات ثابته، حيث التحدي يكمن في إحتواء الشارع، وهذا الاحتواء يجب أن لا يكون ذو طابع أمني أو شيطنة الحالة المطلبية بإعتبارها حقاً دستورياً ومظهراً ديمقراطياً، وإنما عن قناعة وحوار مع كافة الجهات، وإن كان من ميزات هذا الحراك عدم وجود قيادة رئيسية أو تنظيم معين له كونه عفوي بدون أي أطر تنظيمية بإستثناء مجلس النقباء الذي يعلق عليه الشارع آمالاً قيادية ولا يمارس أدواراً تنظيمية.
وعندما يتحرك الجمهور "كشخصية إعتبارية" لا تلبث أن تظهر تداعيات عدم التنظيم بعد وقت زمني بسيط من الإنطلاق من إنتشار الخلافات والتوجهات وتباين الآراء حول الخطوات المستقبلية وفي بعض الحالات تفقد سلميتها. وعليه يغدو قرار سحب مشروع القانون طوق نجاة بالنسبة للحكومة والخيار الأدعى للاتباع وفق المقتضيات الدستورية.
المرحلة التي تلي سحب القانون لاتقل أهمية عن قرار السحب بحد ذاته، وهو قدرة الحكومة على بناء تصور وطني شمولي حول كيفية إدارة وإجراءات تنفيذ الحوار الوطني والذي يشكل ذلك أولويه حسب الحالة المطلبية للشارع وكتاب تكليف الحكومة، وعليه فإن، بناء خطة وطنية بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة على أسس المصداقية والحياد في إدارة الحوار والنقاش ومن ثم تحديد الفئات التي سيتم النقاش معها وتقسيمها منهجياً وعلمياً الى فئات مثل الصناعة والتجارة والبنوك والشباب والمرأة والزراعة والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والاكاديميين وبيوت الخبرة وكافة الفئات المتأثرة بالقانون، وأن تكون مخرجات الحوار منشوره وواضحة للملاء حيال كل قطاع والخلوص الى توافقات واضحة حيال كافة المسائل المتعلقة بهذا القانون.

فضلاً عن ذلك ولكسب الوقت بإعتبار أن الحكومة لا تملك ترف الوقت بالنظر الى مضامين كتاب التكليف والاولويات الوطنية المنتظرة لا بد من أن يكون مجلس الامة بغرفتيه شريك في الحوار حتى لا نعيد إنتاج ذات الأدوار مرة أخرى فالأصل أن يكون المجلس مستعداً من خلال لجانه وأمانته العامة للمشاركة في كافة النشاطات والإجراءات المتعلقة بالحوار لتوفير الوقت والجهد.
وعليه، فإن التوصيات اللازمة والضرورية والتي تشكل مخرجاً سياساً ودستورياً حيال الوضع الراهن، تكمن في الآت:
أولاً: إعلان سحب مشروع القانون من قبل الحومة في أقرب فرصة مواتية.
ثانيا: يدعو جلالة الملك مجلس النواب للإنعقاد في دورة إستثنائية يدرج عليها بند مناقشة البيان الوزاري للحكومة وأي أولويات تشريعة أخرى بإستثناء مشروع قانون ضريبة الدخل.
ثالثا: تقوم الحكومة بالشراكة مع مجلس الأمة بغرفتيه (النواب – الاعيان) ببناء تصور حيال الحوار الوطني المنوي تنفيذه حول مشروع قانون ضريبة الدخل وتستفيد الحكومة والمجلس من المدة الزمنية الممتدة من الان ولغاية الانتهاء من المناقشات.
رابعا: تصدر الإرداة الملكية بدعوة مجلس النواب للإنعاقد في في بداية شهر تشرين الاول ويشرع بمناقشة اولوياته التشريعية والرقابية حسب جدول أعماله.
خامسا: ترسل الحكومة مشروع القانون بعد انتهاء كافة المشاورات الوطنية بالصيغة التوافقية للمجلس بصفة الإستعجال.
سادسا: يناقش المجلس مشروع القانون ويحال الى مجلس الاعيان وفق الطريق الدستوري الطبيعي، والذي من المفترض في هذه المرحلة أن لا يستغرق وقتاً طويلاً لان النواب والاعيان شركاء في المناقشات الوطنية حول مشروع القانون.

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير