"تسديدة" ساعدت بشفاء إنييستا وزوجة صديقه من الاكتئاب
لا يعلم أندريس إنييستا بطل كأس العالم 2010 وأعظم لاعبي إسبانيا عبر تاريخها، أين سيكون الآن لو لم تأتِ الدقيقة 115 في جوهانسبرغ، لكن ما يعرفه تماماً أنها أنقذته من الاكتئاب بعد عام عصيب عاشه عقب وفاة أقرب أصدقائه.
كان داني خاركي لاعب إسبانيول ضمن القائمة المرشحة للمغادرة إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في كأس العالم 2010، لكن صحته تردت قبل المونديال ببضعة أشهر وذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية للعلاج، وكان معه أندريس إنييستا ليومين في المستشفى، وعندما ذهب للفندق كي ينال قسطاً من الراحة، فارق خاركي الحياة، ودخل أندريس دوامة الاكتئاب التي يصفها بـ"ثقب أسود كبير".
عاد إنييستا إلى برشلونة لمواصلة الموسم الجديد، لكنه شعر بأن شيئاً غريباً يحدث معه، لم يستطع التركيز في الملعب، وعانى من إصابات عضلية لا حصر لها، وعندما يذهب إلى عيادة النادي لا يجد الأطباء شيئاً محدداً.. لقد كانت حالة ذهنية تحيط باللاعب الفنان عقب فقدان أقرب أصدقائه.
يقول اللاعب الذي انتقل إلى اليابان مؤخراً في سيرته الذاتية "الفنان" التي طرحها العام الماضي: كنت أعاني كثيراً في التدريبات، حتى قال لي غوارديولا مدرب برشلونة السابق بأنني لست مجبراً على الركض بسرعة أو حتى الاستمرار في التدريبات متى ما شعرت بأن الوضع ليس جيداً، كان حريص للغاية على صحتي، لكني لم أكن في حال جيدة، كنت أشعر بأنني في "سقوط حر" ولست قادراً على الاستمرار.
وأردف: الناس ترى لاعبي كرة القدم وكأنهم مخلوقات من كوكب آخر، لا يمسنا شيء ولا يحدث لنا أي مكروه، هذا غير صحيح نحن بشر وفي حياتنا العادية نعيش كغيرنا.
وواصل: فهمت كيف ينتهي المطاف ببعض الناس إلى الجنون، أحياناً الصحة الذهنية للإنسان تكون هشة، وعندما يزداد اليأس لديهم تكون النتيجة مرعبة للغاية، ومرحلة الاكتئاب مخيفة جداً، والانتقال منها إلى النقيض سيكون له الكثير من التبعات أيضاَ.
وزاد: كنت أعرف بأني أحتاج إلى المساعدة، لم يكن أحد الزملاء يعرف بما كان يجول في ذهني ولا حتى المعاناة التي أعيشها منذ أشهر، توجهت إلى الطبيب النفسي.. هل هو عار؟! لا طبعاً إذا تريد حل أي مشكلة عليك التوجه إلى المختصين وهذه هي مهمتهم.
جاء وقت اختيار القائمة الدولية للمشاركة في المونديال، وديل بوسكي حاول تأجيلها حتى اللحظة الأخيرة للتأكد من جاهزية إنييستا الذي اعترف بأنه لم يكن على ما يرام قبل البطولة بأيام.
تألق أندريس في البطولة، سجل هدفاً في مرمى تشيلي ضمن مباريات دور المجموعات، قاد منتخب بلاده إلى المباراة النهائية أمام هولندا، وقبل ساعات من بدايتها، بدأ القلق يساوره من جديد.
خرج إنييستا من غرفته، وقام بالركض في ممرات الفندق الذي تسكنه بعثة إسبانيا، لأنه قطع وعداً لأخصائي العلاج الطبيعي بأنه لن يلعب إلا إذا كان جاهزاً، بينما كان الأخير يشك بإمكانية لعب أندريس المباراة كاملة أو حتى أجزاء كبيرة منها.
ظهرت القائمة الأساسية، إنييستا بقميصه رقم "8" إلى جانب رفيق دربه تشافي، يتوجه الأول إلى أحد مساعدي ديل بوسكي، والأخير يمسك بقلم ويكتب شيئاً ما، كمية التوتر التي تسيطر على المجموعة منعتها من متابعة ما حدث أو حتى السؤال عنه.
إنييستا يتلقى كرة داخل المنطقة قبل النهاية بـ5 دقائق، يسددها في شباك هولندا، يركض ويخلع قميصه .. ويظهر آخر أبيض مكتوب عليه "داني خاركي.. أنت دائماً معنا" .
على بعد آلاف الكيلومترات وتحديداً في برشلونة، كان نهائي كأس العالم أول مباراة تشاهدها جيسيكا زوجة اللاعب الراحل، منذ وفاة داني، وعندما شاهدت الهدف والقميص الذي كان يرتديه أندريس، أجهشت بالبكاء ومعها والدتها .. لقد كان ذلك الهدف أكثر من مجرد هدف في مباراة نهائية بالنسبة لكثيرين، أندريس وجيسيكا أحدهم.