جثمان مسنة يبقى ثلاثة شهور في ثلاجة الموتى في مستشفى البشير
بقيت مسنة نحو ثلاثة شهور في ثلاجة موتى في انتظار أنّ تعثر الجهات المختصة على ذويها لتسليمهم جثمانها بعد أن توفيت وفاة طبيعية في دار رعاية نتيجة لأمراض الشيخوخة.
المسنة توفيت في 29 تشرين ثاني الماضي بعد أن قضت ثلاثة عشر عاما في دار لرعاية المسنين دون أنّ يزرها أو يراجع أحد بشأنها مؤسسات وزارة التنمية الاجتماعية.
وبقيت المسنة في ثلاجة الموتى بالمركز الوطني للطب الشرعي في مستشفى البشير طيلة تلك الفترة بعد أنّ رفضت الجهات المختصة دفنها إلا بعد العثور على ذويها.
وهو أمر جرى قبل أسبوعين تسلم ذويها جثمانها بعد أنّ تمكنت وزارة التنمية من الوصول إليهم بعد تمكن الجهات المختصة من كشف هوية المسنة "المجهولة"التي دخلت إلى دار للرعاية عام 1999 بعد ضبطها تتسول في أحد شوارع العاصمة عمان.
ولم تتمكن وزارة التنمية آنذاك من التأكد من هُوية المسنة؛ إذ زُودت الوزارة باسمها الأول فقط؛ ما حال دون معرفة هُويتها الحقيقية أو مكان سكناها.
العثور على ذوي مسنين يقيمون في دور الرعاية منذ فترة طويلة لم يقتصر على هذه الحالة إذ عثرت وزارة التنمية خلال اليومين الماضيين على أقارب أربعة من أصل أحد عشر مسنا طلبت الوزارة عبر إعلان نشرت في الصحف من يتعرف عليهم الاتصال بها. بيد أن مرور نحو أسبوعين على نشر الإعلان في الصحف دون أن تتلقى أي اتصالات تزودها بمعلومات عن هؤلاء المسنين دفعها إلى مطابقة أسماؤهم الرباعية المتوفرة لديها مع قاعدة البيانات المتوفرة لديها ما أدى إلى عثورها على ذوي ثلاثة من المسنين أم المسن الرابع فجرى التعرف عليه من خلال الإعلان المنشور في الصحف.
ونقلت مصادر في وزارة التنمية عن بعض أقارب هؤلاء المسنين استغرابهم أن يكون قريبهم على قيد الحياة قائلين أنهم أخبروا منذ مدة أنهم توفوا.
فيما تستمر جهود وزارة التنمية في البحث عن أماكن إقامة عن أهالي من تبقى من المسنين الذين يقيمون في دور الرعاية منذ فترة طويلة دون أن يزورهم أقاربهم.
و من ضمنهم من لم يراجع بشأنه لمدد تتراوح بين ثلاثة أعوام إلى ثمانية عشرا عاما، وان غالبيتهم يعانون من إعاقات متفاوتة بين العقلي والحركي.
وتؤكد وزارة التنمية أن أسماء جميع المسنين الرباعية معلومة لديها لكنها تجهل مكان إقامة أهاليهم نتيجة تغير أماكن سكناهم طيلة السنوات الماضية دون أن يزودوا الوزارة بعناوين أماكن إقامتهم الجديدة. وتعيد هذه الحالات تسليط الضوء على قصص كبار سن يعيشون في مؤسسات رعاية كبار السن، بعد أن تخلى ذووهم عن رعايتهم.
فبحسب أرقام وزارة التنمية يقيم 350 مسنا في 11 دارا لرعاية المسنين، خيرية وخاصة تتكفل الوزارة بنفقات 150 مسنا ومسنة منهم، بكلفة تصل إلى 220 دينارا للمسن الواحد. بيد أن وزارة التنمية تؤكد أنه رغم وجود حالات من عقوق الأبناء إلا أنّ غالبية المسنين يعيشون ضمن أسرهم الطبيعية، إذ ما يزالون يحظون بمكانة اجتماعية مهمة.
فبحسب الأرقام الرسمية يقيمون 99.83 في المئة من المسنين في بيئاتهم الأسرية فيما لا تتجاوز نسبة المسنين الملتحقين بدور الرعاية 0.17 في المئة من 201 ألف مواطن، تجاوز عمره 65 عاما نهاية 2011 بحسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة.
ويشكل المسنون ما نسبته 3.23 في المئة من سكان المملكة، 102 ألف منهم ذكور، و99 ألفا منهم إناث؛ وذلك على اعتبار أنّ المسن هو ما يتجاوز عمره 65 عام.
وفي حال تم اعتبار أن المسن هو من تجاوز عمره 60 عاما، فإن النسبة ترتفع إلى 5.17 في المئة من سكان المملكة، وبذلك يصبح عدد المسنين في المملكة322 ألف مسن، منهم 165 ألفا ذكور، و157 إناث بحسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة.
وسبق للجنة التحقيق والتقييم لأوضاع دور الرعاية الاجتماعية أن أشارت في تقرير لها لاحظ أن حالة المسنين النفسية في دور الرعاية سيئة، وأرجعت اللجنة ذلك إلى عوامل أساسية، على رأسها قلة زيارات الأهل والأقارب، ثم غياب برامج فعالة تشغل وقتهم إلى جانب ضعف تدخلات الطبيب النفسي، إن وجد، في مساعدة المسنين في دور الرعاية على تجاوز أوضاعهم والتعايش الإيجابي مع واقعهم.
ودعت اللجنة إلى تجريم عقوق الأبناء ضمن قانون العقوبات، ودعم وتشجيع إبقاء كبار السن في أسرهم، على اعتباره الأصل ووضع برامج توعية وإرشادية بهذا الخصوص.
(السبيل)