من "المشاورات" إلى "المشاجرات"
عريب الرنتاوي
جو 24 : تجربة البرلمان السابع عشر في شهرها الأول، تظهر بما لا يدع مجالاً للشك، بأننا ما زلنا نراوح في “المربع الأول” على طريق الاصلاح الانتخابي والبرلماني سواء بسواء.. فتجربة الكتل والانتخابات الداخلية، ومن بعدها المشاورات النيابية، وانتهاء بـ”المشاجرات النيابية” و”العنف” الذي كاد يصبح مسلحاً تحت القبة، تؤكد ما كنا (وكثيرون غيرنا) قد ذهبنا وذهبوا إليه.. هذا البرلمان، يكاد يكون طبعة غير مزيدة وغير منقحة عن البرلمانات التي سبقته، وهو يؤول لأن يصبح جزءاً من المشكلة بدل أن يكون جزءاً من الحل، بل ورافعة له، كما هو حال البرلمانات في الديمقراطيات “القارّة” والناشئة.
قبل أيام، وفي لقاء مع مجموعة شبابية (20- 30 سنة)، تحدثت إحدى المشاركات عن تجربتها في تنظيم “المناظرات” والتدريب عليها، قبل أن يعلق مشارك آخر على قول زميلته، بأن ما يحتاجه الأردنيون، شباباً وكهولاً هو التعلم والتدريب على “فن الحوار”، لأن “فن المناظرة” يعتبر خطوة متقدمة ولاحقة على إجادة الحوار، وقد أظهرت “المشاجرات النيابية” أن الأردنيين بحاجة لتعلم أصول الحوار وقواعده، قبل أن يشرعوا في تعلم فنون المناظرات والمرافعات والتمثيل والنيابة.
الذي يلقون باتهامات الفساد جزافاً دون رقيب أو حسيب، ودون دليل حسي، ومن خارج قنوات المحاسبة والمساءلة المعروفة والمتعارف عليها، عليهم أن يتعلموا فن الحوار والمناظرة، واستتباعاً فنون المحاسبة والمساءلة، فذمم الناس وشرفهم وسمعتهم، ليست مُضغة تلوكها الألسن من دون حساب، وعلو الصوت لا يعني بحال من الأحوال أن المتحدث صادق فيما يقول، وأن المُستهدف مدان حتى تثبت براءته.
والذي تجتاحهم الحمية، عليهم أن يتقنوا بدورهم الفنون ذاتها، فالمسدس لا يمكن أن يكون امتداداً للذراع واللسان، اللهم إلا عند ضعاف الحجة والبيّنة والمنطق.. وقبة البرلمان من قبل ومن بعد، كفّت ومنذ عشرات السنين، عن أن تكون ساحة للتنابز بالألقاب أو ساحة للمبارزة بالسيوف، أو حقل رماية لتبادل إطلاق النيران.. قبة البرلمان، باتت منصة للتعددية والحوار وقبول الآخر وبناء التوافقات وتعليم آداب الحديث والحوار وفنون التوافق والبناء على المشتركات والجوامع.
كيف يمكن لبرلمان يتناوب أعضاؤه على إشهار السلاح، تارةً تحت القبة، وأخرى على الهواء مباشرة، أن يكون منارة للأجيال الشابة من أبنائنا وبناتنا.. كيف يمكن لهؤلاء أن تناط بهم، مهام محاربة العنف المجتمعي والعشائري والجامعي، وهم الذي ارتقوا بالعنف عالياً بالفضاء وتحت القبة.. كيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه.
وعن أي “نقطة تحول” نتحدث، إذا كنّا أمام برلمان يمور كالرمال المتحركة بالكتل والانسحابات والإضافات، برلمان يعجز عن تسمية رئيس للحكومة، برلمان يعجز عن رفع منسوب السياسة والمصلحة، على حساب الغرائز والعصبيات القبليات.. كيف يمكن لبرلمان، منهمك في “الجاهات” و”المصالحات” أكثر من انهماكه في تمحيص أجندة الأردنيين وأولوياتهم الضاغطة، أن يكون مؤشراً ومقياساً على تقدمنا على دروب الإصلاح والتحديث والتطوير.
تلك لم تكن الانتخابات التي انتظرها الشعب الأردني، ومن روادته أفكار غير تلك، فعليه أن يعيد النظر فيما فكّر وقدّر ودبّر، ومن منظور ما حصل تحت القبة من تطورات خلال الأسابيع القليلة الفائتة.. وهذا ليس البرلمان الذي انتظره الأردنيون بعد عامين من الحراكات والتظاهرات والمطالبات الإصلاحية، بعد عامين من ربيع العرب وثوراتهم.. وهذه ليست نقطة تحول في مسارنا الإصلاحي، اللهم إلا إذا كانت “تحولاتنا” تتبع مساراً دائرياً، يعيدها بعد كل جولة من جولاتها، إلى النقطة التي انطلقت منها.
قبل أيام، وفي لقاء مع مجموعة شبابية (20- 30 سنة)، تحدثت إحدى المشاركات عن تجربتها في تنظيم “المناظرات” والتدريب عليها، قبل أن يعلق مشارك آخر على قول زميلته، بأن ما يحتاجه الأردنيون، شباباً وكهولاً هو التعلم والتدريب على “فن الحوار”، لأن “فن المناظرة” يعتبر خطوة متقدمة ولاحقة على إجادة الحوار، وقد أظهرت “المشاجرات النيابية” أن الأردنيين بحاجة لتعلم أصول الحوار وقواعده، قبل أن يشرعوا في تعلم فنون المناظرات والمرافعات والتمثيل والنيابة.
الذي يلقون باتهامات الفساد جزافاً دون رقيب أو حسيب، ودون دليل حسي، ومن خارج قنوات المحاسبة والمساءلة المعروفة والمتعارف عليها، عليهم أن يتعلموا فن الحوار والمناظرة، واستتباعاً فنون المحاسبة والمساءلة، فذمم الناس وشرفهم وسمعتهم، ليست مُضغة تلوكها الألسن من دون حساب، وعلو الصوت لا يعني بحال من الأحوال أن المتحدث صادق فيما يقول، وأن المُستهدف مدان حتى تثبت براءته.
والذي تجتاحهم الحمية، عليهم أن يتقنوا بدورهم الفنون ذاتها، فالمسدس لا يمكن أن يكون امتداداً للذراع واللسان، اللهم إلا عند ضعاف الحجة والبيّنة والمنطق.. وقبة البرلمان من قبل ومن بعد، كفّت ومنذ عشرات السنين، عن أن تكون ساحة للتنابز بالألقاب أو ساحة للمبارزة بالسيوف، أو حقل رماية لتبادل إطلاق النيران.. قبة البرلمان، باتت منصة للتعددية والحوار وقبول الآخر وبناء التوافقات وتعليم آداب الحديث والحوار وفنون التوافق والبناء على المشتركات والجوامع.
كيف يمكن لبرلمان يتناوب أعضاؤه على إشهار السلاح، تارةً تحت القبة، وأخرى على الهواء مباشرة، أن يكون منارة للأجيال الشابة من أبنائنا وبناتنا.. كيف يمكن لهؤلاء أن تناط بهم، مهام محاربة العنف المجتمعي والعشائري والجامعي، وهم الذي ارتقوا بالعنف عالياً بالفضاء وتحت القبة.. كيف يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه.
وعن أي “نقطة تحول” نتحدث، إذا كنّا أمام برلمان يمور كالرمال المتحركة بالكتل والانسحابات والإضافات، برلمان يعجز عن تسمية رئيس للحكومة، برلمان يعجز عن رفع منسوب السياسة والمصلحة، على حساب الغرائز والعصبيات القبليات.. كيف يمكن لبرلمان، منهمك في “الجاهات” و”المصالحات” أكثر من انهماكه في تمحيص أجندة الأردنيين وأولوياتهم الضاغطة، أن يكون مؤشراً ومقياساً على تقدمنا على دروب الإصلاح والتحديث والتطوير.
تلك لم تكن الانتخابات التي انتظرها الشعب الأردني، ومن روادته أفكار غير تلك، فعليه أن يعيد النظر فيما فكّر وقدّر ودبّر، ومن منظور ما حصل تحت القبة من تطورات خلال الأسابيع القليلة الفائتة.. وهذا ليس البرلمان الذي انتظره الأردنيون بعد عامين من الحراكات والتظاهرات والمطالبات الإصلاحية، بعد عامين من ربيع العرب وثوراتهم.. وهذه ليست نقطة تحول في مسارنا الإصلاحي، اللهم إلا إذا كانت “تحولاتنا” تتبع مساراً دائرياً، يعيدها بعد كل جولة من جولاتها، إلى النقطة التي انطلقت منها.