jo24_banner
jo24_banner

خمس كاميرات محطمة

حمادة فراعنة
جو 24 :

فيلم خمس كاميرات محطمة ، قصة بلعين القرية الفلسطينية الباسلة الواعية المعطاءة ، المتدفقة ألماً ووعياً في مواجهة الوحش الكاسر المدجج بكل مقومات القتل والدمار ، بل أن بلعين هنا وعبر الفيلم ، القصة ، الراوية ، الحدث ، الوثيقة هي قصة فلسطين ، بكل ما تحمل من معنى ورمزية وروح وتطلعات نحو التمسك بالحياة بكل تفاصيلها ، ورفضاً للموت بكل معانيه ، ومن أجل ذلك ، بل وفي سبيل ذلك يتم تقديم التضحيات ، بالروح بالدم بالإعتقال وبالمواجهة ، لعلو شأن وإرادة المقاومين ، وكسر إرادة المحتل الغاشم والقوة الهمجية المعادية للحياة وللحرية وللإنسان . 

خمس كاميرات محطمة ، لم ينل جائزة الأوسكار الأكاديمية الأميركية هذا العام ، ولكنه وصل إلى أن يكون مرشحاً لنيل الجائزة ضمن " الأفلام الوثائقية " ولذلك فهو إنجاز كبير لفلسطين ولمضمون الفيلم وللمخرج إبن قرية بلعين عماد برناط .

إنجاز للأداء الفني رفيع المستوى على بساطته ، ووضوحه والمباشرة التي سيطرت على مشاهد الفيلم ومحتواه ، فالأبطال حقيقيون ، وهم أهل القرية وجنود الإحتلال والرصاص الحي والمطاطي والشهداء والجرحى ، وتفاصيل القرية ومظاهراتها وإحتجاجاتها ، لم تكن تمثيلية لممثلين ، بل كانوا حقيقيين في أدائهم وتفاصيل حياتهم ورفضهم للإحتلال وللجدار ولمعاناتهم جراء ذلك ، فهي مشاهد حقيقية ، ومظاهر حسية ملموسة ، إستطاع المخرج جمعها وتوظيفها بقالب فني أسر ، ولهذا وصل الفيلم ليكون أحد الأفلام المرشحة للأوسكار هذا العام .

وهو إنجاز لتقديم صورة عن الفلسطيني للعالم ، على أنه صاحب قضية عادلة ، ونضاله مدني سلمي مشروع ضد الإحتلال والإستعمار ووحشيته ، وهي صورة عارية تماماً لواقع التناقض القائم بين شعب تحت سلطة الإحتلال ، يتوق للحرية مثل باقي شعوب الأرض ، وبين الإحتلال الإسرائيلي البشع الذي يحول دون الإستقرار والتقدم والحياة .

وهو إنجاز لما تضمنه الفعل الفلسطيني وسجله من إنحياز من قبل المتضامنين الإسرائيليين والأوروبيين والأميركيين ، الذين عبروا عن إنحيازهم الواعي للفلسطينيين ضد الإحتلال ، مما يعكس ما يملكه الشعب الفلسطيني من عدالة إنسانية وتفهم سياسي من قبل الأخرين ، وهؤلاء الأخرون ليسوا فقط من الأوروبيين والأميركيين بل ومن الإسرائيليين الذين يتعرضون للغاز وللأذى وللضرب وللإتهام بالخيانة لكونهم يهوداً وإسرائيليين يناضلون مع الفلسطينيين ضد الإحتلال وضد الجدار وضد الإستيطان ، والتوسع الإستعماري .

فيلم خمس كاميرات محطمة ، على بساطته ، ولكنه نقلة نوعية للنضال الفلسطيني ضد الإحتلال ، نقلة حضارية وكفاحية ستثمر ولو بعد حين ، فالتفوق العسكري والإقتصادي والسياسي والتكنولوجي والإستخباري الإسرائيلي البائن لن يبق فارضاً شروطه للأبد لأنه يفتقد للعدالة وللمنطق ولقرارات الأمم المتحدة المنصفة للفلسطينيين ، وما فيلم الخمس كاميرات محطمة سوى خطوة لكسر تفوق القوة الإسرائيلية على عدالة وتطلعات الشعب العربي الفلسطيني المشروعة .

تابعو الأردن 24 على google news