قل لي مع من تأكل أقل لك كم تأكل.. هل تناول الطعام بمفردك يضرك أم يفيدك؟
جو 24 :
في حين أن الكثير من الناس يستمتعون بتناول الطعام بمفردهم؛ ظهرت مؤخّراً دراسات تشير إلى أن ذلك الفعل الممتع لدى الكثيرين له جانب مظلم. ولكن؛ هل تلك الممارسة حقاً تضر بك؟ فرغم أن بعض الدراسات وجدت بالفعل ارتباطاً بين التناول المنفرد للطعام والمشكلات الصحيّة، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن التناول المنفرد للطعام قد يكون نتيجة لمشكلات صحيّة واجتماعية، وليس سبباً في حد ذاته. فبحسب ما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، 6 يوليو/تموز 2018، تتباين نتائج الأبحاث المتعلّقة بتناول الطعام؛ إلا أن بعض الدراسات رجّحت مؤخراً أن تلك الممارسة قد ترتبط بمشاكل تتضمّن الاكتئاب، ونقص إمداد القلب بالدم، والسمنة، والسكري وارتفاع ضغط الدم. ويرجّح تحليل نتائج استبيان شمل 8000 مشارك بالغ، أجرته شركة أكسفورد للاقتصاد بالتعاون مع المركز الوطني للبحوث الاجتماعية لصالح متاجر «سينسبري» أن تناول الأشخاص للطعام بمفردهم له صلة أقوى بعدم الشعور بالسعادة أكثر من أي عامل آخر باستثناء المرض العقلي. ويعتقد الباحثون أن هناك العديد من العوامل ذات الأثر، بما في ذلك أن تناولنا للطعام بمفردنا قد يؤثّر على مقدار ما نأكل، والطعام الذي نأكله، وحالتنا المزاجية أيضاً، حسب صحيفة The Guardian البريطانية. ولكن قبل التسرّع وتحديد موعد لتناول الغداء مع آخرين، يجدر بك النظر في الأمر بشكل أعمق.
آثار مختلفة لتناول الطعام بمفردك
فبعض الدراسات تظهر آثاراً مختلفة للأمر على الرجال والنساء؛ في حين أن بعض الدراسات الأخرى تنظر في الأثر على الأفراد وفقاً لفئاتهم العمرية بين عدد من المعايير الأخرى. كما أن الدراسات تختلف في كيفية تعريف تناول الطعام بشكل منفرد «على نحو متكرر»، فضلاً عن أنها تستخدم أساليب مختلفة لقياس الأثر، وهو ما يعني أنه من الصعب الوصول إلى صورة واضحة عمّا يجري.
والثقافة تلعب دوراً
وتعتمد الكثير من الدراسات على وصف الأفراد لحالاتهم، وهو ما قد يفتقر إلى الدقّة، فضلاً عن أن ثقافة تناول الطعام تختلف على نطاق واسع بين البلدان.
عوامل مترابطة لها آثار على الصحة
تقول كاثرين حنّا، من جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا إنه «من الصعب فصل تأثيرات التناول المنفرد للطعام عن الصحّة الجسدية، وعن الصحّة العقلية بشكل خاص. وذلك نتيجة الارتباط بين التناول المنفرد للطعام وبعض العوامل الأخرى التي تؤثّر على الصحة الجسدية والعقلية؛ مثل الوحدة، وعيش الأفراد بمفردهم، والعوامل الاقتصادية والاجتماعية».
ومخاوف زيادة الوزن لها علاقة بالأمر
ويرى نافيد ساتر، أستاذ الطب الغذائي في جامعة غلاسكو، أن تناول الأشخاص الطعام بمفردهم قد ينتج عن مخاوف تتعلق بالوزن، بدلاً من أن يكون سبباً لتلك المخاوف، حسب صحيفة The Guardian البريطانية. حيث يقول «إذا كنت زائد الوزن بعض الشيء، أو مصاباً بالسِمنة، فربما تكون في حرجٍ بشأن الكمّية التي تتناولها، وربما تتجنّب قليلاً تناول الطعام مع الآخرين، وتبدأ في تناول الطعام وحدك أكثر». وتشير كاثرين إلى أن إحدى الدراسات وجدت أن الذكور البالغين الذين يتناولون الطعام بمفردهم يعانون على الأرجح من نقص الوزن أو زيادته عن المعدّل الطبيعي. أمّا بشأن تأثّر تناول الطعام في وجود آخرين، فقد سلّطت بعض الدراسات الضوء على أن الأشخاص يأكلون أكثر عندما يكونون في مجموعات، ولكن بعض الدراسات الأخرى انتهت إلى العكس تماماً.
المزيد من المكرونة في وجود البدناء
وتوصّلت دراسة أخرى إلى أن الناس يأكلون المزيد من المعكرونة في وجود البُدناء، بغض النظر عمّا يضعه هؤلاء الأفراد في أطباقهم، وهو ما يرجّح أن من نأكل الطعام بصحبته له تأثير على الكم الذي نتناوله.
والعكس أيضاً محتمل
وبينما يرجّح البعض أن التناول المنفرد للطعام قد يرتبط باتباع نظام غذائي أفقر، يقول نافيد إن الكثير من مُتّبعي الأنظمة الصحيّة يختارون الطعام الصحي حتى عندما يأكلون بمفردهم. كما أشارت كاثرين إلى أن إحدى الدراسات قد توصّلت إلى أن التناول المنفرد للطعام، والتناول الصحّي للطعام يرتبط بالشباب البالغين. وترى الدكتورة ستيفاني كانشوبّو، عالمة علم الأعصاب في جامعة شيكاغو، أن هناك عوامل أخرى يجب أن تُؤخَذ في الاعتبار أيضاً، حسب الصحيفة البريطانية
والوحدة تجعلك تتناول المزيد من السعرات
حيث قالت: «السؤال الحقيقي هو: كيف تشعر عندما تأكل»، وأضافت: «تظهِر الأبحاث أنه إذا كنت تشعر بالوحدة عندما تأكل – سواء كنت بمفردك أو في غداء عمل – فستتناول كمية أعلى من السعرات الحرارية في الوجبة». ومن حملة «إنهاء الوحدة» يقول سام ديك إن تناول الطعام بشكل منفرد يمكن أن يكون مشكلة إذا لم يكن اختياراً.
الفكرة هي هل تأكل الطعام وحيداً مختاراً أم مضطراً؟
وأضاف أن «اختيار الأفراد لتناول الطعام وحدهم يختلف كثيراً عن اضطرارهم لفعل ذلك»، وتابع أن لحظة العزلة التي يختارها البعض من أجل الاستمتاع بوجبة عشاء بمفردهم ليست نفسها عندما لا يكون لدى الأفراد شخص يأكل معهم بشكل منتظم، وهذا هو الحال لدى الكثير من كبار السن». وقال «يجب علينا النظر في الآثار طويلة المدى لثقافة تناول الأفراد الطعام بمفردهم.. فمشاركة وجبة طعام مع الآخرين هي واحدة من أفضل الطرق للتواصل وبناء الروابط بيننا».