بيان الرزاز الوزاري.. كلاكيت ثالث مرة!
جو 24 :
أحمد عكور - مرة أخرى يُخيّب رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز الآمال ببيان وزاري انتظر منه كثيرون أن يتضمن خططا وبرامج عمل واضحة من أجل عبور المرحلة الصعبة التي نعيشها، وبما يُحقق آمال الأردنيين الذين دعموا وشاركوا في هبّة رمضان، إلا أنه جاء بيانا مكرورا في مضامينه وإن اختلف الانشاء قليلا..
تحدّث الرزاز في بيانه عن ثمانية تحدّيات اعتبرها أولويات لدى حكومته، وهي "سيادة القانون ومحاربة الفساد، معالجة مشكلتي الفقر والبطالة وتكريس المساواة في الوصول إلى الفرص، تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي، الاصلاح السياسي، الاصلاح المالي، الاصلاح الاداري، ورفع مستوى الخدمات الرئيسة من تعليم وصحة ونقل ومياه"، والواقع أنها عناوين وردت في البيانات الوزارية للحكومات السابقة بما فيها حكومة سلفه الدكتور هاني الملقي، وإن كان الأخير تحدث بتوسّع أكثر حول هذه الملفات.
لم يحدد الرزاز برنامجا أو خطة عمل واضحة المعالم من شأنها محاربة الفقر والبطالة، خاصة في ظلّ حديث نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية رجائي المعشر عن كون الحكومة تحتاج للاقتراض من أجل تأمين رواتب موظفي القطاع العام، إلى جانب تأكيد وزير المالية عزالدين كناكرية على 70% من نفقات الحكومة مخصصة للرواتب والتقاعدات وفوائد القروض، فيما تذهب 10% من النفقات للمشاريع التي تم طرح عطاءتها، و 2 مليار هي الدعومات التي تقدمها الحكومة للمواطنين والسلع والمعونة الوطنية والمعالجات والنفقات التشغيلية للوزارات، فهل سيواصل الرزاز السير على خطى سلفه واعتماد نهج الجباية لزيادة الايرادات أم سيتبع نهجا جديدا يتراجع فيها عن قرارات سلفه؟!
وكما تضمن خطاب الملقي الحديث عن تعزيز دور المؤسسات الرقابية، أكد الرزاز أنه سيعمل على تمكين تلك المؤسسات من أداء دورها بشكل أكثر فعالية، وهو أمر لن يقتنع الأردنيون به طالما أنهم لم يشاهدوا اجراءات حازمة ومراجعة حقيقية لكلّ الملفات التي يشير لها الناس بأصابع الاتهام دوما.
ولم يلفت الرزاز إلى الخطة التي ستعمل حكومته عليها في مجال تشجيع الاستثمار في ظلّ حالة عدم الاستقرار التشريعي التي نشهدها، والتغيير المستمر على القوانين الاقتصادية، إلى جانب انعدام قدرة المواطن الشرائية بشكل أثر على مختلف مجالات الاستثمار.
الرزاز تعهّد بانجاز 16 مهمة خلال المئة يوم الأولى من تشكيل حكومته، وهي: "خفض النفقات بواقع 151 مليون دينار، اطلاق حوار حول مشروع قانون ضريبة الدخل، تشكيل لجنة فنية لدراسة العبء الضريبي الكلي، الاعلان عن آلية تسعير المشتقات النفطية ومكوّناتها، دراسة تعديلات نظام الخدمة المدنية، وضه آلية محددة لمعالجة مرضى السرطان، مراجعة البند المتعلّق بتقاعد الوزراء في قانون التقاعد المدني، دراسة ضمّ عدد من الوزارات والدوائر والهيئات المستقلّة، اقرار نظام المدارس الخاصّة ووضع ضوابط على ارتفاع الرسوم والأقساط المدرسية الخاصة، وحماية حقوق المعلّمين من خلال الدفع الإلكتروني للرواتب، اطلاق منصّة إلكترونيّة حكوميّة لفتح المجال أمام المواطنين للتواصل مع الحكومة، إقرار مدوّنتيّ سلوك لعمل الوزراء والموظّفين الحكوميين، متابعة إحالة ملفّات الفساد التي أعدّتها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد إلى النيابة العامّة، تقديم خطّة واضحة تتضمّن جدولاً زمنيّاً محدّداً لتحسين الخدمات المقدّمة في قطاعات الصحّة والتعليم والنقل والمياه، الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجيّة الوطنيّة لتنمية الموارد البشريّة، الإسراع في تفعيل الشّراكة بين القطاعين العام والخاص، تخفيض نسبة الضريبة الخاصّة على مركبات الهايبرد، والضريبة الخاصّة على الوزن على جميع أنواع المركبات".
وبالنظر إلى تلك التعهدات، نجد أن "خفض النفقات" هو ضمن تعهدات حكومة الملقي والتزاماتها مع صندوق النقد الدولي، وأما اطلاق الحوار حول مشروع قانون ضريبة الدخل فهو قرار الشارع الأردني الذي أطاح بالملقي ليأتي من بعده الرزاز، وكذلك جاء اعادة النظر بتعديلات نظام الخدمة المدنية فقد فرضه الشارع والنقابات المهنية أيضا، كما أن آلية تسعير المشتقات النفطية معلنة للجميع ومنشورة منذ مدة طويلة لكن مشكلة الناس ليست مع اعلانها وإنما مع عدم عدالتها، فيما لم يأتِ الرزاز بما يشفِ صدور مرضى السرطان وذويهم في علاجهم واقتصر الأمر على بطاقة خاصة وتحويلهم إلى أقرب مستشفى حكومي بدلا من مستشفى البشير واستكمال الاجراءات السابقة، وكذلك فيما يتعلق بتقاعد الوزراء الذي ينسب الفضل فيه إلى حكومة عبدالله النسور والمجلس السابع عشر لنفسه.
وأما فيما يتعلق بدراسة ضم عدد من الوزارات والمؤسسات المستقلة فهذه الخطوة بدأت في عهد الملقي وكانت من الاجراءات التي سار عليها الرئيس السابق، فيما تعهدت الحكومات المتعاقبة بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والالتزام بالاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية والتي تحظى بدعم ملكي، بينما اقتصر تخفيض الرزاز الضريبة على مركبات الهايبرد بنسب بسيطة وأبقى على ضريبة الوزن التي جرى فرضها بشكل غير منطقي وغير مقبول وبما يشبه فرض الأتاوة!