خطة لتهجير "بدو القدس" منذ 40 عاما
كشفت صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، النقاب عن خطة لتهجير "بدو القدس" التي أعدها في العام 1979، وزير الزراعة الحالي، المستوطن أوري أرئيل، حيث قضت الخطة بطرد جميع الفلسطينيين من التجمعات السكنية البدوية المتواجدة شرقي القدس المحتلة.
ويستدل من الخطة التي أتت بعنوان "مقترح لتخطيط منطقة معاليه أدوميم وإقامة بلدة جماهيرية -معاليه أدوميم ب"، والتي حملت توقيع أرئيل، وضع اليد على المنطقة الفلسطينية شرقي المدينة المحتلة والممتدة على نحو 100 إلى 120 ألف دونم، وتوظيفها للاستيطان، علما أنه تم تنفيذ الكثير من البنود الواردة في الخطة دون أن يتم طرد جميع البدو من المنطقة التي تشملها الخطة.
ويتزامن الكشف عن الخطة في الوقت الذي تواصل الإدارة المدنية مخططها لتهجير التجمع البدوي الخان الأحمر، شرقي القدس المحتلة، حيث تم تعليق عملية الهدم والتهجير بقرار من المحكمة العليا الإسرائيلية، في الوقت الذي تخوض لجنة المستخدمين بالإدارة المدنية إجراءات تصعيدية وتشويش بالعمل، الأمر الذي قد يعطل مخطط الهدم والتهجير.
يشار إلى أن الخان الأحمر هو أحد التجمعات البدوية البالغ عددها 25 في المنطقة المدرجة في الخطة التي أعدها أرئيل قبل 40 عاما، وكان سكان التجمع البدوي المذكور أسوة بمختلف التجمعات السكنية في ريادة عمليات المقاومة ضد مخططات الاحتلال في المنطقة C لتهجير السكان من المنطقة، وتجميعهم في المنطقة A.
وتشمل الخطة التي أعدها أرئيل حدود المساحة ومناطق النفوذ للقرى الفلسطينية حزما، عناتا، العيزرية وأبو ديس في الغرب، والتلال المطلة على وادي الأردن إلى الشرق، وادي القلط في الشمال، ووادي قدرون، وغور هوركانيا في الجنوب.
وجاء في نص خطة أرئيل: "يقطن في المنطقة الكثير من البدو الذين يعملون في زراعة الأرض"، وهو ما يفند مزاعم الجمعيات الاستيطانية، بأن البدو سيطروا فجأة على الأرض ولم يظهروا فيها إلا مؤخرا، بيد أن أرئيل اقترح حلا في حينه بحسب الخطة، جاء فيه: "بما أن المنطقة تستخدم للأغراض العسكرية ويخدم جزء كبير من العمل فيهاالمؤسسة الأمنية، يجب إغلاق المنطقة أمام البدو وتهجيرهم".
وذكرت الصحيفة أنه تم العثور على وثائق ومستندات الخطة على أيدي الدكتور يارون عوفاديا، في أرشيف مستوطنة "كفار أدوميم"، في إطار تأليفه لكتاب عن "صحراء يهودا"، حيث سلط الضوء في أطروحة الدكتوراه على عشيرة الجهالين، التي عاشت بالقرب منطقة خان الأحمر.
وكتب أريئل في خطته المقترحة بكل ما يتعلق بالأراضي الفلسطينية شرقي بيت لحم والقدس ورام الله: "بما أن المنطقة خالية من الاستيطان، يمكن اليوم تخطيطها بكاملها، هناك بلدة عربية حضرية ريفية، تنتشر بوتيرة مذهلة على طول الطريق من القدس إلى الشرق، لذا يجب وقف هذا الانتشار فورا".
كما شملت الحلول المقترحة بموجب الخطة التي قدمها أرئيل، بناء أحياء حضرية تشكل جزءا من القدس، و"الإغلاق الإداري لمنطقة القرى الفلسطينية بواسطة خطة مناسبة".
وتم صياغة الخطة، حسب الصحيفة، بين نهاية عام 1978 وبداية عام 1979، حيث تم تحويلها إلى رئيس فرع التخطيط في الجيش الإسرائيلي في ذلك الوقت، الجنرال أبراهام تمير. وكتب أريئل: "نحن نجلس منذ ثلاث سنوات في المستوطنة القائمة في ميشور أدوميم والتي بدأ بناؤها في عام 1975". وحتى قبل بناء معاليه أدوميم (أ)اقترح أريئل بناء مستوطنة "معاليه أدوميم (ب)" ومستوطنة "كفار أدوميم"، التي أقيمت في أيلول/ سبتمبر 1979.
ليس هذا وحسب، بل تحققت مقترحات أخرى طرحها أريئل في الخطة، أبرزها، توسيع وتعبيد طرق لتقصير وقت السفر إلى القدس، إعلان وادي القلط كمحمية طبيعية. ووفقا لرؤيته عن منطقة مستوطنة "أدوميم"، فإن مساحة نفوذ مستوطنة "معاليه أدوميم" وحدها، دون جميع المستوطنات التابعة لها، تبلغ حوالي 48 ألف دونم.
كما تم بالفعل طرد بعض العائلات البدوية من قبيلة الجهالين من أماكن إقامتهم في الفترة بين عامي 1977 و1980 لصالح مستوطنة "معاليه أدوميم"، وفي عام 1994، صدرت أوامر إخلاء ضد عشرات العائلات البدوية الأخرى وتم تنفيذ طردها في أواخر التسعينيات، بموافقة المحكمة العليا الإسرائيلية، لكن آلاف البدو بقوا في المنطقة، وإن كان ذلك في ظروف تزداد صعوبة، لأن مناطق إطلاق النيران والمستوطنات والطرق قلصت مناطق الرعي الخاصة بهم، وحصولهم على الماء.
وكانت الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال تخطط منذ سنوات لإخلاء جميع البدو في المنطقة، وتركيزهم بالقوة في المدن والبلدات الفلسطينية الدائمة. وفي السنوات العشر الأخيرة، كانت جماعات للمستوطنين مثل المنظمة اليمينية "رغافيم" واللجنة الفرعية المعنية بشؤون الاستيطان في لجنة شؤون الخارجية والأمن بالكنيست، تضغط من أجل تهجير جميع البدو من المنطقة بواسطة تنفيذ أوامر هدم ضد مبانيهم السكنية البسيطة وحظائر أغنامهم.
وكانت مستوطنة "كفار أدوميم"، التي أسسها أريئل ويعيش فيها حتى يومنا هذا، من بين المؤيدين الرئيسيين لهدم قرية خان الأحمر والمدرسة التي تضمها.
يذكر أنه في العام 1975، قررت الحكومة الإسرائيلية مصادرة حوالي 30 ألف دونم من القرى والبلدات الفلسطينية في المنطقة، وبناء مستوطنة تحت غطاء معسكر عمل للمنطقة الصناعية، وسبق أن صدر في عام 1971، الأمر العسكري رقم 418، الذي أدخل تغييرات متطرفة في نظام التخطيط في الضفة الغربية. وصادر الأمر من المجالس المحلية الفلسطينية حقوقها في التخطيط والبناء.