القوارض كما البشر تتمسك بمشاريع استثمرت فيها
خلص العلماء منذ فترة طويلة إلى أنه يصعب على البشر التخلي عن قضية ما كرسوا لها الكثير من الوقت أو المال، لكن يبدو أن الحال كذلك أيضا بالنسبة إلى الفئران والجرذان.
يطلق علماء الاقتصاد على هذه الظاهرة اسم "سانك كاستس"، أي النفقات التي يتعذر استعادتها. وهو الحال مثلا عندما يدفع المرء ثمن تذكرة لعرض مسرحي ويشعر أنه ملزم بالذهاب حتى لو كان متعبا أو غير متحمس للمسرحية. وهو لن يستعيد ماله إن ذهب أو لم يذهب.
وعلى الصعيد الوطني، ينبغي التوقف عن تمويل مشروع ما إن لم يعد يفي بالغرض حتى لو استثمرت فيه مبالغ طائلة.
والنقاش قائم منذ فترة طويلة لمعرفة إن كانت الحيوانات، مثل البشر، تتمسك بالمشاريع التي بذلت لها طاقة كبيرة.
ويبدو أن دراسة نشرت في مجلة "ساينس" الأميركية العريقة بتت الأمر.
فقد أجرى باحثون من ثلاثة مختبرات لعلوم الأعصاب وعلوم النفس في جامعة مينيسوتا تجربة منسقة على فئران وجرذان وبشر على النسق عينه.
وتبين أن "الفئران والجرذان والبشر يتصرفون بالطريقة عينها تقريبا"، بحسب ما قال ديفيد رديش الأستاذ المحاضر في علوم الأعصاب في جامعة مينيسوتا والقيّم الرئيسي على هذه الدراسة لوكالة فرانس برس.
وقد دربت القواضم على تأمين قوتها من أربعة مواقع. وتوجب عليها الانتظار للحصول على الغذاء، في حال توجهت إلى الموقع.
أما البشر، فكانت تقدم لهم عروضا مماثلة لكن مع أشرطة فيديو ينبغي الانتظار لتحميلها. وتسنى للمشاركين في التجربتين العدول عن القرار الأولي والتخلي عن الانتظار.
لكن تبين أن القواضم، كما البشر، تنتظر حتى النهاية للحصول على مبتغاها.
وصرح ديفيد رديش "كلما انتظروا لفترة أطول، ازداد احتمال أن يبقوا منتظرين".
لكن لهذا الانتظار تداعياته نظرا لمحدودية مدة التجربة. فكلما طال انتظار القاضم في موقع ما، انخفضت الكمية الإجمالية من الغذاء المقدمة له في إطار هذه التجربة.
وأقام رديش المقارنة التالية "أنتظر ثلاثين ثانية للحصول على الكافيار، لكن الأمر لا يستحق في الواقع عناء الانتظار سوى لخمس ثوان. فإذا كانت مدة الانتظار ثلاثين ثانية، من الأحرى الانتقال إلى قاعة أخرى سيتسنى لي فيها الحصول على البطاطا في خلال خمس ثوان".
لكن نطاق هذه التجربة محدود نسبيا إذ إنها لم تشمل سوى 65 شخصا هم طلاب جامعات، فضلا عن 32 فأرا و32 جرذا، كما أن المهام لم تكن مماثلة. لكنها تمهّد الطريق لمزيد من التجارب في هذا الخصوص.
وعلّقت شيلي فلاغل الأستاذة المحاضرة في طب النفس في جامعة ميشيغن على هذه الدراسة في صحيفة "نيويورك تايمز" بالقول إن "التحدي يقضي راهنا برصد الظاهرة عينها عند أنواع أخرى".(أ ف ب)