استراتيجية الحد من العنف الجامعي: قفزة في الهواء!
كتب محرر الشؤون الجامعية - من المفترض أن يكون رئيس اللجنة المكلفة بتطوير استرتيجية الحد من العنف الجامعي الدكتور موسى شتيوي قد سلّم الصيغة النهائية من تلك الاستراتيجية لوزارة التعليم العالي. وقد سبق أن كشف الدكتور موسى شتيوي عن المحاور الخمس التي تضمنتها الإستراتيجية التي من شأن تطبيقها الحد من العنف الجامعي كما تأمل اللجنة التي أعدت هذه الخطة.
الاستراتيجية بشقيها الوقائي والعلاجي وإن التقطت بعض النقاط الهامة أغفلت وبشكل واضح (في التوصيف وفي العلاج) جوانت أكثر أهمية من التي ذكرت، وهنا نشير إلى التدخلات الأمنية والحكومية والنيابية التي أججت الحرم الجامعي. وعلى نحو لافت خلت الاستراتيجية من الاشارة إلى عقود من تغييب العمل السياسي عن حرم الجامعة ما ترك فراغا ملئته ديناميكيات العنف العشائري الذي ما كان يحدث عندما كان حرم الجامعة نشطا سياسيا. وبهذا المعنى فإن الدراسة (ولأسباب معروفة) تعمدت التركيز على مظاهر المشكلة بدلا من البحث الحقيقي عن جذور ظاهرة العنف الجامعي..
الاستراتيجية التي تعهد باعدادها فريق من الباحثين برئاسة موسى شتبيوي عانت من مشكلة منهجية عندما غيبت السياق العام المجتمعي ودوره التنموي عندما طالبت بالغاء اشكال التمييز بين الطلبة متناسين في الوقت ذاته أن التمييز الايجابي (الذي كان ضروريا لمعالجة اخفاق الدولة والحكومات المتتالية في احداث التنمية الحقيقية وفي توفير بيئة تعليمية في المناطق النائية) كان له أثر ايجابي في رفع مستوى معيشة تلك المناطق التي وإن زالت تعاني من نقص كبير في أبسط الخدمات إلا أنها في حال أفضل من قبل.
فالمطالبة بوقف الاستثناءات كان يجب أن تأتي ضمن استراتيجية تهدف إلى خلق مساواة في مدخلات التعليم بين كافة مناطق المملكة وهو أمر غاب أيضا عن معدي الدراسة. وربما لم ينتبه معدو الاستراتيجية أن هناك مدارس لغاية الآن تعاني من نقص مدرسين ولا نقل مدرسين اكفاء. وهذه المدارس تقع في مناطق نائية تريد الاستراتيجية حرمانهم حقهم في التعليم نظرا لتحصيليهم المدرسي الذي تتحمل مسوؤليته الحكومات لأن لا خطاء في معامل الذكاء عندهم. وأخفقت الاستراتيجية بامتياز في توصيف مشكلة العنف الجامعي في الجامعات الخاصة التي لا تخضع لأي استثناءات في القبول مما يضع علامات استفهام كبيرة للهدف الحقيقي وراء تركيز الاستراتيجية من وراء اثارة مسألة القبول بشكل يوحي أن الطلبة المقبولين على نظام الاستثناء هم من يتسببون هذا المشكلة. وفي ذلك موقف خطير يرتقي إلى profiling يجب أن لا يفوت عن مقاصد الدراسة وخطورة أن تصبح الاستراتيجية الفهم العام للمشكلة
أخفق معدو الاستراتيجية عن فهم معادلة بسيطة بأن العدالة لا تعني المساواة كما أن المساوة بين غير المتساوين لا تعني عدالة. نحن نوافق على قضية الغاء كل اشكال التمييز بشريطة ايحاد بيئة مدرسية يتساوى فيها جميع الاردنيين وهذا يتطلب تضمين استراتيجية للتربية والتعليم وليس استراتيجية مجزوءة للحد من العنف الجامعي.
هناك عدد من المحاور التي وردت لا تستحق المناقشة لأنها بعيدة كل البعد عن اسباب العنف الجامعي والمضحك في التقرير محور تعزيز الانتماء لدى الطلبة للوطن! وكأن هناك مشكلة في ذلك وهنا نسجل سذاجة الطرح لان الاردني منتمي للبلد منذا البداية والانتماء والولاء يتعلق بالشعور بالعدالة والحق بالانخراط بالعمل السياسي وهو لا يحدث نتيجة تدخلات رسمية يعرفها معدو التقرير لكنهم تجاهلوا ذكرها لأسباب تتعلق أما لغياب منهجية بحثية رصينة أو لأسباب تتعلق بوجود اهداف أخرى لاجراء دراسة بهذه الشاكلة.
لا نعرف بالمقصود بمدونة سلوك لاعضاء الهيئة التدريسية، فهذه أول مرة نسمع بها بأن هناك ضرورة لمدونة سلوك لاعضاء الهيئة التدريسية، فلم تقم الجامعات الغربية الراقية باجراء مماثل، وهنا ربما على الغرب أن يقرا الدراسة ليتعلم! هناك قانون وأنظمة تعليمات تقيد الجميع، وبالتالي المطلوب فقط العمل على تطبيبقها بشكل عادل وليس انتقائي كما يحدث ويستفيد من ذلك عدد محدود ومحسوب من اعضاء الهيئة على حساب البقية.
باختصار الاستراتيجية تعاني من خلل منهجي ولا ترتقي لتكون وصفة حقيقية لمعالجة مشكلة لها جذور سياسية واضحة وربما على الدولة الاردنية ان تتوقف على مكافأة من يجري دراسات ركيكة بهذا الشكل.