jo24_banner
jo24_banner

هل يفلح ترامب؟

حمادة فراعنة
جو 24 :

فشل الذين وعدوا الادارة الأميركية «بجرجرة» القيادة الفلسطينية و «جلبها» الى مربع التعامل مع صفقة ترامب الأميركية – الاسرائيلية لانهاء القضية الفلسطينية وتصفية تبعاتها والعمل على انهاء الوصف السياسي والأمني والمبدئي العقائدي للمشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي وتغيير موقعه من مربع العدو الوطني والقومي والديني والانساني للعرب وللمسلمين وللمسيحيين والتطاول على مقدساتهم، وسرقة وطن شعب عربي وحرمانه حقه في الحياة على أرضه، ونقل موقع هذا العدو الى مربع أنه جار يمكن تطبيع العلاقات معه حتى ولو واصل استعماره ونهب وطن الفلسطينيين ومنع نصفهم من العودة الى بيوتهم التي هُجروا منها واستمرار احتلاله لجنوب لبنان وللجولان السوري، واعتبار ذلك مجرد تفاصيل يمكن التفاهم بشأنها.
العنوان المقيت والأمر المحزن أنهم يسعون لتطبيع العلاقات مع العدو الاسرائيلي، بدون أن يدفع ثمن الجرائم التي ارتكبها بحق الفلسطينيين والأردنيين، وبحق المصريين واللبنانيين والسوريين، وبدون أن يتراجع عن نهجه العنصري الفاشي القمعي على الطريقة النازية التي تعلم منها واستفاد من خبراتها في قمع الشعب الفلسطيني ونهب حقوقه وسرقتها، وبدون أن ينفذ قرارات الأمم المتحدة المتوازنة، وبالمناسبة حينما تقدم مندوب المستعمرة الاسرائيلية طلباً لعضوية الأمم المتحدة عام 1950 اشترط مجلس الأمن والجمعية العامة تنفيذ حكومة المستعمرة أنذاك لقراري الأمم المتحدة : قرار التقسيم 181 أي الانسحاب من المناطق التي احتلها والتي تعادل 78 بالمائة من مساحة فلسطين الى 54 بالمائة من مساحة فلسطين وفق القرار، وكذلك تنفيذ القرار 194 المتضمن حق اللاجئين الذين طردهم جيش وعصابات المستعمرة الاسرائيلية، في عودتهم الى المدن والقرى التي طردوا منها أي العودة الى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبئر السبع، وهذا يعني أن هنالك شروطاً لقبول المستعمرة الاسرائيلية وتطبيع العلاقات معها، ومع هذا هناك في العالم العربي نزولاً عند ضغوط الولايات المتحدة، وأوهام العداء لايران، يعمل بعض العرب لتسويق العدو الاسرائيلي وادخاله عواصمنا بلا قيود أو محرمات.
الذين فشلوا في جلب القيادة الفلسطينية الى لقاءات كوشنير وجرينبلات، مستهم الغيرة من السياسات الأردنية والمصرية البرجماتية الوطنية والقومية والدينية في دعم الموقف الفلسطيني واسناده، وقد خاطب مسؤول أردني مسؤولين في الادارة الأميركية خلال القمة الأميركية الأردنية الأخيرة في واشنطن بقوله : « لقد تابعتم قمة الظهران العربية، وماذا أطلق عليها خادم الحرمين الملك سلمان : أطلق عليها قمة القدس، وتبرع للقدس، هذا الذي يجب أن تعرفوه، هذا الذي يجب أن تفهموه «، رد المسؤول الأميركي الكبير بالصمت ومظهر التعجب ونظر الى من هم حوله وأكفهر وجهه وحنى رأسه، لأنه أدرك مغزى الملامة الأردنية لنية ترامب في محاولة انهاء القضية الفلسطينية والعمل على تصفيتها لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي.
لقد سقط بوش الأب بعد أن عقد مؤتمر مدريد في شهر تشرين أول 1991، وقبل أن يظهر فشله في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي، وفشلت جهود ادارات كلينتون في كامب ديفيد، وبوش الابن في أنابوليس، وأوباما خلال ولايته، لسببين جوهريين : أولهما لأن العدو الاسرائيلي لم يذعن الى تطبيق القرارات الدولية، وثانيهما لأن الفلسطينيين رفضوا الأذعان للضغوط وتمسكوا بحقوقهم في العودة للاجئين وفق القرار 194، وفي الانسحاب الاسرائيلي وفق القرار 242، وفي الدولة المستقلة وفق التقسيم 181، وحل الدولتين 1397، وخارطة الطريق 1515، فهل يفلح ترامب في تحقيق ما فشل فيه أقرانه من قبله ؟؟ وهل يمنح المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي ما عجزت قوته المتفوقة من تحقيقه ؟؟.
h.faraneh@yahoo.com
*كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية

 
تابعو الأردن 24 على google news