كيف أحرز ديشامب كأس العالم على الرغم من أسلوبه غير الممتع؟
جو 24 :
نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن طريقة لعب مدرب المنتخب الفرنسي، ديديه ديشامب، التي لم تكن ممتعة على الإطلاق. والجدير بالذكر أن مدرب منتخب الديكة تمكن من إحراز اللقب؛ لأنه كان له السبق في معرفة الطريقة المثلى للانتصار، بغض النظر عن الجمالية، وهو ما ساهم في دفع العالم لتبين ملامح تجربة جديدة للفوز بالألقاب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه منذ 60 سنة لم يتم تسجيل هذا الكم من الأهداف في نهائي كأس العالم. ففي نهائي كأس العالم 1958، تمكنت البرازيل من تسجيل خمسة أهداف مقابل هدفين في شباك السويد. ومن جهتها، شهدت مباراة نهائي مونديال روسيا الحالي مهرجانا تهديفيا، شارك فيه كل من المنتخبين الفرنسي والكرواتي، وذلك على الرغم من الشكوك التي دارت حول تقنية الفيديو، والجماهير التي اقتحمت الملعب، وأجواء الاحتفال الغريبة.
وأفادت الصحيفة بأن ما حدث في المباراة النهائية لم يكن متوقعا، حيث قدم الفرنسيون أداء باهتا خلال المباريات الفارطة، وهو ما جعل المجتمع الكروي يستبعد فكرة إمطار منتخب الديكة لمرمى الكروات على هذا النحو. في الحقيقة، أدار مدرب المنتخب الفائز بكأس العالم مرتين، ديديه ديشامب، المباراة بواقعية شديدة. لقد أفسح الثلاثي الهجومي لمنتخب الديوك، كيليان مبابي وبول بوغبا وكذلك أنطوان غريزمان المجال للاعبي كرواتيا لتناقل الكرة بسهولة، في انتظار اللحظة الحاسمة للانقضاض على مرمى الحارس الكرواتي.
فمن جانبه، صرح المدرب الفرنسي قائلا: "في النهاية عليك أن تعرف كيف تدافع، وبعد ذلك، يمكنك استغلال ثلاث أو أربع هجمات مرتدة". لقد كان ذلك بالفعل تلخيصا لما حدث في المباراة النهائية.
وأضافت الصحيفة أن ديشامب اختار طريقة لعب تلائم قدرات لاعبيه، الذين لا يميلون إلى اللعب الهجومي. لقد أجاب المدرب، البالغ من العمر 49 سنة، عن كل الأسئلة المتعلقة بتكتيك اللعب بالتفصيل، دون أن يزعجه ذلك. وصرح ديشامب بأنه اعتمد الطريقة التي تضمن الحصول على كأس العالم. عموما، حول ديشامب المنتخب الفرنسي من الأداء المبدع إلى الأداء الدفاعي البحت؛ لأنه أدرك قبل العديد من منافسيه أن الألقاب لا يتم إحرازها من خلال الاكتفاء بالاستحواذ على الكرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفرنسيين لعبوا بالتزام شديد في كافة المراكز، في حين تمكن مهاجموه البارزون من استغلال الفرص القليلة التي أتيحت لهم أمام المرمى. فعندما يقرر مبابي وزملاؤه تنفيذ هجمات مباغتة يفعلون ذلك بطريقة مثيرة للإعجاب، مثلما حدث في المباراة النهائية. وعلى الرغم من أن فرص التهديف لفرنسا كانت نصف عدد فرص منتخب كرواتيا، شهدت المباراة تسجيل الثلاثي الهجومي الفرنسي ضعفي عدد أهداف المنتخب الكرواتي المنافس.
وذكرت الصحيفة أن أسلوب لعب ديشامب أنتج لنا تجربة فريدة من نوعها، حيث استطاع اللاعب الدولي السابق، والحائز على لقب كأس العالم سنة 1998، من تنظيم فريقه على المستوى الدفاعي.
وتحدث المدرب الفرنسي عن هزيمة منتخب بلاده في نهائي بطولة أمم أوروبا 2016 أمام البرتغال، قائلا: "إن الهزيمة آلمتنا كثيرا، لكنها ساعدتنا في إعادة بناء الفريق بفكر جديد".
ومنذ ذلك الحين، يسعي ديشامب لتقديم كأس عالم ناجح. في الحقيقة، يمتلك ديشان لاعبين موهوبين على مستوى الهجوم، لكنه لم يعتمد على ذلك، وزرع في هؤلاء اللاعبين الحماس اللازم للعب بروح الفريق. لقد شاهدنا مبابي وأوليفيه جيرو وهما يدافعان، تلك كانت طريقة لعب ديشان، الجميع في خدمة الفريق، إذن فعلى الجميع تأمين الدفاع.
وفي هذا السياق، أكد ديشامب أن "الفرق الصغيرة تمتلك الآن إمكانيات جسمانية قوية، ناهيك عن امتلاك لاعبيها لسرعات عالية تمكنهم من مقارعة المنتخبات الكبرى. أما بالنسبة للدفاع، فجميع الفرق يمكنها أن تلعب بتكتيك دفاعي، لكن مفتاح نجاح هذا التكتيك يكمن في التأهيل النفسي والعقلي". وهذا ما ميّز المنتخب الفرنسي عن غيره من المنتخبات خلال كأس العالم.
وأوضحت الصحيفة أن ديشامب أسس فريقا متجانسا تحت قيادته القوية، وقال ديشامب: "في بعض الأحيان، كنت أقسو على اللاعبين، ليس بهدف فرض قوتي عليهم، ولكن بهدف تعليمهم شيئا جديدا، كما أنهم تقبلوا ذلك بصدر رحب". خلال عمله الدؤوب على بناء الفريق، اعتمد ديشامب على الخبرات التي اكتسبها خلال مشاركته في المحافل الدولية والقارية السابقة، وأضاف إليها عامل روح الفريق، وهو ما ساهم في تتويج المنتخب الفرنسي بكأس العالم.
ونقلت الصحيفة تصريح المدرب الفرنسي، الذي قال خلال حديثه عن الأجواء داخل المنتخب: "خلال الأسابيع الستة الماضية لم يحدث أي موقف محرج داخل الفريق". ومن جهتهم، أثنى اللاعبون على مدربهم بعد الفوز باللقب، وأشادوا به أمام الكاميرات وفي المؤتمر الصحفي، كما حملوه وألقوه في الهواء في ملعب لوجنيكي بموسكو. ومن جانبه، أعلن ديشامب أنه يتمنى استمراره في موقعه مدربا لمنتخب فرنسا.
وبيّنت الصحيفة أن النقاد اتهموا ديشامب بأن طريقة لعبه غير ممتعة على الإطلاق، وذلك على الرغم من أن البرتغالي جوزيه مورينيو يحصل على الألقاب باعتماد طريقة لعب مماثلة. وخلال الجولة الثالثة من دور مجموعات المونديال الحالي، أمن ديديه ديشامب تأهل منتخب بلاده إلى الأدوار الإقصائية، وذلك عقب مواجهته لمنتخب الدنمارك باعتماد تشكيلة احتياطية، وهو ما أدى إلى ظهور خط الهجوم الفرنسي بشكل باهت، لينجح الطرفان من الظفر بنقطة كانت كفيلة بعبورهما معا للدور القادم.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن فوز ديشامب بلقب كأس العالم أدى إلى إضافة اسمه إلى لائحة الأشخاص الذين تمكنوا من الفوز بلقب كأس العالم مدربا ولاعبا، إلى جانب ماريو زاغالو وفرانتس بكنباور. لن تشكل طريقة اللعب فارقا بالنسبة لسجلات التاريخ، لكن الأمر المؤكد أن الجميع سيتذكر أن ديشامب قاد المنتخب الفرنسي للفوز بكأس العالم.
(عربي21 )