الوساطة العُمانية وعودة طهران وواشنطن إلى سكة الدبلوماسية مجددًا
عريب الرنتاوي
جو 24 : دَفْق التصريحات الأمريكية المؤكدة على الرغبة بحوار غير مشروط مع إيران، لا يتوقف ... الرئيس وكبار مساعديه لا يتوقفون عن الحديث عن رغبتهم واستعدادهم للشروع فوراً في مفاوضات جديدة مع القيادة الإيرانية، حول البرنامجين النووي والصاروخي ودور إيران الإقليمي، من دون قيد أو شرط، وفي أي زمان ومكان تريدهما إيران.
الوزير بومبيو، والناطق باسم مجلس الأمن القومي، كانا أكثر تحديداً عندما تحدثا عن الحاجة لتغيير سلوك النظام الإيراني، في الداخل والخارج، وإبداء الاستعداد لفتح الاتفاق النووي للتفاوض من جديد، وهما إذ أغدقا الوعود والتعهدات برفع العقوبات واستئناف العلاقات الثنائية مع إيران بالكامل، إلا أنهما في المقابل، لم يترددا في إطلاق موجة من التهديد والوعيد بالمزيد من الإجراءات غير المسبوقة ضدها.
إيران في المقابل، لا حديث لمسؤوليها في الآونة الأخيرة، إلا هذا الحديث ... وإن كانت وضعت مطلب «عودة أمريكا للاتفاق النووي» الذي انسحبت منه من جانب واحد، كشرط مسبق للقبول بالحوار والتفاوض مع إدارة ترامب.
لكأننا أمام عملية استعداد لهبوط مزدوج عن قمم الأشجار العالية التي صعد إليها الفريقان ... الولايات المتحدة بحديثها عن «حوار غير مشروط» تخلت عن شرط إبداء إيران استعداداً مسبقاً للتخلي عن برنامجيها النووي والصاروخي، بل ودورها الإقليمي ... وإيران، بحديثها عن شرط واحد لاستئناف المفاوضات: العودة للاتفاق النووي، تكون قد تخلت عن رفضها المسبق، الربط بين البرنامجين الصاروخين والنووي، باعتبار الأول غير خاضع للتفاوض، فضلاً عن رفضها أي بحث مع واشنطن في دورها الإقليمي في المنطقة.
عند هذه النقطة بالذات، يبدو أن سلطنة عُمان، صاحبة الدور المشهود في «الوساطات» المتعاقبة بين واشنطن وطهران، بما فيها الوساطة حول «البرنامج النووي»، تستأنف دورها النشط هذه الأيام، مستندة إلى خبرة متراكمة في الحركة على الطريق بين العاصمتين المتخاصمتين ... أما الوزير يوسف بن علوي عبد الله، فهو يعرف طرقه جيداً، ويعرف متى يدخل على الخط، ومتى يتقدم بمقترحاته، ومتى ينزوي جانباً.
لا شك أن زيارة الوزير العُماني لواشنطن، وما تخللها من محادثات مطولة، قد تركزت حول إمكانية استئناف الوساطة ... واشنطن بحاجة لمعرفة ماذا يدور في أذهان وعقول القادة الإيرانيين ... والإيرانيون، معنيون بتتبع الخطوات الأمريكية المقبلة، قبل وقوعها، وسبر أغوار مستقبل العلاقة بين بلادهم والدولة الأعظم في العالم، سيما وأن المصادر الموثوقة المتعددة، تجمع على أن إيران، بدأت تعاني جدياً من منظومة العقوبات الأمريكية الجديد، حتى قبل أن تدخل في حيّز التنفيذ، وأن «وعود العسل واللبن» التي رافقت توقيع اتفاقها النووي مع المجتمع الدولي، قد تبددت أو هي في طريقها إلى ذلك.
ستنفي إيران، أن تكون كلفت الوزير العُماني تدشين قناة خلفية سرية للتفاوض مع واشنطن، وعبر الوسيط العُماني، مثلما فعلت من قبل، وربما تنفي واشنطن أمراً كهذا في مرحلة معينة، قبل أن يتضح أن كلا الطرفين، كان معنياً بهذه الوساطة، بل وراغباً في تحريكها.
لن يعود ترامب إلى الاتفاق النووي، هذه مسألة تدخل في صميم الحسابات الشخصية والسياسية للرئيس وإدارته، وعلى إيران أن تدرك ذلك جيداً، وفي ظني أن وزير الخارجية العماني، يدركها كذلك ... ولن تقبل طهران بالتخلي عن الاتفاق النووي، إلا بعد أن تصل إلى ما هو أفضل وأشمل منه، وهذه مسألة تدركها كافة الأطراف كذلك ... لذلك، قد نرى قناة تفاوضية شاملة، تمكن الطرفين من الإعلان عن «اتفاق رابح – رابح»، كما حصل في فيينا من قبل ... وسيتعين على الاتفاق الجديد، أن يعطي ترامب ما يكفي لحفظ ماء وجهه، والبرهنة بالملوس على أنه مفاوض أبرع وأكثر صرامة من سلفه باراك أوباما ... ويتعين على الاتفاق أن يعطي إيران ما تحتاجه للقول أنها حصلت على اتفاق مماثل، وربما أفضل من الاتفاق الذي سبقه، وهذه المرة، مع واشنطن ذاتها، حيث ستلتحق بقية دول العالم بركب الاتفاق إن حصل.
مهمة شاقة على كل وسيط بلا شك، ولكنها ليست من النوع المستحيل، سيما بوجود رئيس أمريكي لا يمكن التنبؤ بسلوكه، مسكون بهاجس قدرته على اجتراح المعجزات، وفي ضوء تزايد حدة الضغوطات على النظام الإيراني، من الداخل والخارج من جهة ثانية ... يبدو أن الملف النووي الإيراني، قد يوضع قريباً على السكة الدبلوماسية ... ويبدو أن فرحة بعض عرب الخليج، باهظة الكلفة، بالمواقف المستجدة لواشنطن في عصر ترامب، لن تدوم طويلاً، وقد لا تدوم معها، حالة الاحتفاء والاحتفال التي خيمت على رأس نتنياهو ورؤوس أركان حكومته.
الوزير بومبيو، والناطق باسم مجلس الأمن القومي، كانا أكثر تحديداً عندما تحدثا عن الحاجة لتغيير سلوك النظام الإيراني، في الداخل والخارج، وإبداء الاستعداد لفتح الاتفاق النووي للتفاوض من جديد، وهما إذ أغدقا الوعود والتعهدات برفع العقوبات واستئناف العلاقات الثنائية مع إيران بالكامل، إلا أنهما في المقابل، لم يترددا في إطلاق موجة من التهديد والوعيد بالمزيد من الإجراءات غير المسبوقة ضدها.
إيران في المقابل، لا حديث لمسؤوليها في الآونة الأخيرة، إلا هذا الحديث ... وإن كانت وضعت مطلب «عودة أمريكا للاتفاق النووي» الذي انسحبت منه من جانب واحد، كشرط مسبق للقبول بالحوار والتفاوض مع إدارة ترامب.
لكأننا أمام عملية استعداد لهبوط مزدوج عن قمم الأشجار العالية التي صعد إليها الفريقان ... الولايات المتحدة بحديثها عن «حوار غير مشروط» تخلت عن شرط إبداء إيران استعداداً مسبقاً للتخلي عن برنامجيها النووي والصاروخي، بل ودورها الإقليمي ... وإيران، بحديثها عن شرط واحد لاستئناف المفاوضات: العودة للاتفاق النووي، تكون قد تخلت عن رفضها المسبق، الربط بين البرنامجين الصاروخين والنووي، باعتبار الأول غير خاضع للتفاوض، فضلاً عن رفضها أي بحث مع واشنطن في دورها الإقليمي في المنطقة.
عند هذه النقطة بالذات، يبدو أن سلطنة عُمان، صاحبة الدور المشهود في «الوساطات» المتعاقبة بين واشنطن وطهران، بما فيها الوساطة حول «البرنامج النووي»، تستأنف دورها النشط هذه الأيام، مستندة إلى خبرة متراكمة في الحركة على الطريق بين العاصمتين المتخاصمتين ... أما الوزير يوسف بن علوي عبد الله، فهو يعرف طرقه جيداً، ويعرف متى يدخل على الخط، ومتى يتقدم بمقترحاته، ومتى ينزوي جانباً.
لا شك أن زيارة الوزير العُماني لواشنطن، وما تخللها من محادثات مطولة، قد تركزت حول إمكانية استئناف الوساطة ... واشنطن بحاجة لمعرفة ماذا يدور في أذهان وعقول القادة الإيرانيين ... والإيرانيون، معنيون بتتبع الخطوات الأمريكية المقبلة، قبل وقوعها، وسبر أغوار مستقبل العلاقة بين بلادهم والدولة الأعظم في العالم، سيما وأن المصادر الموثوقة المتعددة، تجمع على أن إيران، بدأت تعاني جدياً من منظومة العقوبات الأمريكية الجديد، حتى قبل أن تدخل في حيّز التنفيذ، وأن «وعود العسل واللبن» التي رافقت توقيع اتفاقها النووي مع المجتمع الدولي، قد تبددت أو هي في طريقها إلى ذلك.
ستنفي إيران، أن تكون كلفت الوزير العُماني تدشين قناة خلفية سرية للتفاوض مع واشنطن، وعبر الوسيط العُماني، مثلما فعلت من قبل، وربما تنفي واشنطن أمراً كهذا في مرحلة معينة، قبل أن يتضح أن كلا الطرفين، كان معنياً بهذه الوساطة، بل وراغباً في تحريكها.
لن يعود ترامب إلى الاتفاق النووي، هذه مسألة تدخل في صميم الحسابات الشخصية والسياسية للرئيس وإدارته، وعلى إيران أن تدرك ذلك جيداً، وفي ظني أن وزير الخارجية العماني، يدركها كذلك ... ولن تقبل طهران بالتخلي عن الاتفاق النووي، إلا بعد أن تصل إلى ما هو أفضل وأشمل منه، وهذه مسألة تدركها كافة الأطراف كذلك ... لذلك، قد نرى قناة تفاوضية شاملة، تمكن الطرفين من الإعلان عن «اتفاق رابح – رابح»، كما حصل في فيينا من قبل ... وسيتعين على الاتفاق الجديد، أن يعطي ترامب ما يكفي لحفظ ماء وجهه، والبرهنة بالملوس على أنه مفاوض أبرع وأكثر صرامة من سلفه باراك أوباما ... ويتعين على الاتفاق أن يعطي إيران ما تحتاجه للقول أنها حصلت على اتفاق مماثل، وربما أفضل من الاتفاق الذي سبقه، وهذه المرة، مع واشنطن ذاتها، حيث ستلتحق بقية دول العالم بركب الاتفاق إن حصل.
مهمة شاقة على كل وسيط بلا شك، ولكنها ليست من النوع المستحيل، سيما بوجود رئيس أمريكي لا يمكن التنبؤ بسلوكه، مسكون بهاجس قدرته على اجتراح المعجزات، وفي ضوء تزايد حدة الضغوطات على النظام الإيراني، من الداخل والخارج من جهة ثانية ... يبدو أن الملف النووي الإيراني، قد يوضع قريباً على السكة الدبلوماسية ... ويبدو أن فرحة بعض عرب الخليج، باهظة الكلفة، بالمواقف المستجدة لواشنطن في عصر ترامب، لن تدوم طويلاً، وقد لا تدوم معها، حالة الاحتفاء والاحتفال التي خيمت على رأس نتنياهو ورؤوس أركان حكومته.
الدستور