عمل متكامل
وصف الوزير الاسرائيلي الأسبق عن حزب العمل في عهد رابين، عوزي برعام نوايا قانون القومية على أنه « أسود من السواد « لأنه كما قال حرفياً في هآرتس العبرية يوم 24/7/2018، « موجه بروح عنصرية اقصائية قومية « وأن نتنياهو هو الذي يقف من خلف اقراره لأنه « المحرض الأكبر، أكثر من أي رئيس حكومة قبله، ضد المواطنين العرب « مدعوماً من قبل الادارة الأميركية كما قال برعام حرفياً لأن ادارة ترامب « لا تعطي أي قيمة لحقوق الانسان والقيم العالمية، ولذلك لم تُسمع أي كلمة انتقاد للقوانين التي تسنها الكنيست « مهما بدت غير انسانية وتحمل مضامين عنصرية احتلالية توسعية .
هتلر وجماعته من النازيين كان يؤمن بتفوق العنصر الآري، واحتقار الآخرين، ونتنياهو وجميع من معه من الصهيونيين يؤمنون بتفوق اليهود وأنهم شعب الله المختار وازدراء الآخرين، ولهذا سبّب هتلر بالحرب العالمية الثانية التي كبدت البشرية خمسين مليوناً من البشر، ومنهم ستة ملايين يهودي ذبحهم في المحرقة، ونتنياهو ومجمل الصهيونية وأدواتها وأجهزتها ومشروعها الاستعماري سببت الأذى والمحرقة واستمرار الظلم والكره وممارسة الفاشية والعنصرية ضد شعب فلسطين بأكمله : ستة ملايين يعيشون في بلدهم تحت بساطير الغزاة وحقدهم وأحكامهم العسكرية وتمزيق بلدهم الى تجمعات غير متصلة : قطاع غزة، القدس، الضفة الفلسطينية، أراضي 48، لتدمير الصلة بين أبناء الشعب الواحد وقطعها باستثناء عاملين اثنين هما : شعورهم وانتمائهم لشعب واحد، وتعرضهم معاً للظلم بدرجات متفاوتة من عدو واحد، يمثلون نصف الشعب الفلسطيني، أما نصفهم الثاني وهم الستة الملايين الأخرين فهم من المشردين عن وطنهم في مخيمات اللجوء خارج فلسطين، وهذا يعني أن هنالك اثني عشر مليوناً من الفلسطينيين يتعرضون للأذى والاضطهاد، حيث يعمل ترامب على تقليص عدد اللاجئين الى الاف، ومنع خدمات الأمم المتحدة عنهم عبر تجفيف مواردهم المالية خدمة لمشروعه في دعم المستعمرة الاسرائيلية وحمايتها.
هتلر مارس المحرقة سريعاً، ونتنياهو يمارسها بالتفريق والتدريج، فمن يُقتل أو يُصاب بعاهة فهو خلاصه ومن يرحل فله الفضل، ومن يبقى ينتظر دوره بالموت أو الأذى البطيء، هتلر ونتنياهو وأيمن الظواهري وأبو بكر البغدادي وغيرهم يختفون خلف قناعات أيديولوجية متطرفة حتى ولو غلّفوها بمعايير عقائدية غيبية، وحقيقة العقائد وأهدافها ومسعاها منهم براء، فهتلر استعمل المسيحية كما هي الحملات الصليبية ضد الأخر والمسيحية براء منه، والظاهري والبغدادي وظفا الاسلام لذبح الأخر والاسلام منهما براء، ونتنياهو استعمل اليهود واليهودية باعتبارهما المجال الحيوي، وهم منهم براء حتى ولو كان صوت الرفض اليهودي باهتاً، دون مستوى صوت الصهاينة المرتفع وازداد ارتفاعاً بسبب اليمين العنصري الأميركي الذي يقوده ترامب ومعه ممثل المسيحية الخرافية الانجيلي نائبه بنس، وزوج ابنته اليهودي الصهيوني كوشنير.
اليهودية والمسيحية والاسلام، مصدرهم واحد، مكملين لبعضهم وفق اجتهادات مختلفة وبمرجعية واحدة، ولدت من أجل اعلاء صوت السماء والنبل والترفع عن ظلم الأخر، وشيوع قيم العدالة والمساواة بين بني البشر بعد أن سيطرت مفاهيم وسلوك وقوة الغاب حيث القوي يأكل الضعيف ويقتله وينهبه ويغتصب أسرته وممتلكاته، وهو ما تفعله الصهيونية ومشروعها الاستعماري التوسعي الاسرائيلي على أرض فلسطين ضد العرب والمسلمين والمسيحيين.
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
الدستور