jo24_banner
jo24_banner

شواخص و إشارات في ادعاء السبي و الاسترقاق في الإسلام!

شواخص و إشارات في ادعاء السبي و الاسترقاق في الإسلام!
جو 24 :
كتب الدكتور محمد هلال - 

في مقالة (شواخص و إشارات) في صحيفة الغد ليوم 16/7/2018، يطلب الأستاذ حسني عايش ويشكر من يدله على خليفةٍ أو مسؤولٍ إسلاميٍ في الماضي حرَر ما لديه من إماءٍ و جوارٍ و عبيدٍ و مماليك، و سأدله على أحدهم:

يقول أبو عبيد القاسم بن سلام (157-224 هجرياً) في كتابه الأموال (ص 195، طبعة دار السلام، 2009، بتحقيق أ.د. محمد عمارة) ما نصه: "وكذلك حكم عمر فيهم ايضاً حتى رد سبي الجاهلية وأولاد الإماء منهم أحراراً إلى عشائرهم".

وعليه، فإذا كان عمر بن الخطاب قد رد سبي الجاهلية، فهذا يعني ضمناً أن الإسلام لم يُحدِث سبياً لأنه لا معنى لإحداث سبيٍ في الإسلام و رد سبي الجاهلية. وهكذا، يكون عمر قد حرر الرقيق قبل أبراهام لنكولن بأحد عشر قرناً وذلك دون أن يتسبب في حربٍ أهليةٍ طاحنةٍ كحرب الانفصال الأمريكية.

وأضيف كذلك أن الشرع الإسلامي بنظامَي العتق و المكاتبة كان قد خفَض عدد رقيق الجاهلية إلى أقليةٍ ضئيلةٍ، بحيث لم توجد أيةَ مشكلة اجتماعية عند إطلاق ما كان قد تبقى منهم زمن عمر (رضي الله عنه) ولم يتكون غيتو خاصٌ بهم كالذي لا تزال تعاني منه الولايات المتحدة الأمريكية الى اليوم في الانفصال المادي والشعوري بين البيض والسود و ما مظاهرات السود في ستينات القرن الماضي ومقتل مارتن لوثر كنغ ومالكولم إكس منا ببعيد.

على أن ما حصل بعد ذلك في تاريخ المسلمين من استرقاقٍ و سبيٍ و نخاسةٍ يُحسب على المسلمين وليس على الإسلام، فقد تجاوز الأمويون والذين بعدهم تعاليم الإسلام وارتدو الى ممارسات الجاهلية بحيث اضطر عمر بن عبد العزيز إلى تحرير اللواتيات (نسبة الى قرية لواته المغربية) اللاتي سباهن الغزاة. كما قام سليمان بن عبد الملك بتحرير عددٍ كبيرٍ من الرقيق في زمنه (راجع بهذا الخصوص كتاب محمد حسن عواد بعنوان سليمان بن عبد الملك محرر الرقيق، دار الشعب، القاهرة، 1971). وقد قام كثيرٌ من فقهاء السلاطين بشرعنة الممارسات السلطوية، فقالوا بأن تحرير الرقيق ومنع السبي هو في العرب خاصةً، لأنهم لا يجري عليهم رق (كتاب الأموال، ص 197). ولم يجد محقق الكتاب تعليقاً على مثل هذا إلا قوله أنه "حديثٌ ذو دلالةٍ على مكانة العرب الاجتماعية في الدولة الإسلامية"، ص 195، وهكذا استجازوا استرقاق غير العرب. و لعل الفتنة العربية الفارسية اليوم لها جذورٌ من هذا التفريق. و لم يلتفت أحدٌ الى أنه في الإسلام "لا فضل لعربيٍ على عجميٍ ولا لعجميٍ على عربيٍ إلا بالتقوى)، كما قال عليه السلام في خطبة الفتح، ثم تلا قوله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

أما كيف تم تغييب حقيقة تحرير الإسلام للرقيق ومنع الاسترقاق، فلابد من الانتباه الى أن اهتمام المشايخ كان دائماً بتبرير و شرعنة الأمر الواقع، لا بتبرئة الإسلام من مساوئ هذا الواقع والمشايخ -إلا من رحم ربي- هم دائماً على دين سلاطينهم، وما فتاوى قيادة النساء للسيارات منا ببعيدٍ بين تحليلٍ وتحريمٍ على الطلب.

ويقول ابن سلام بالنسبة لأخذ بني أمية للجزية ممن أسلم من الموالي: "وإنما احتاج الناس إلى هذه الآثار في زمان بني أمية لأنه يروى عنهم أنهم كانوا يأخذونها منهم وقد أسلموا ولهذا استجاز من استجاز من القراء الخروج عليهم"، ص 115. ومعلومٌ أن القراء كان أكثرهم من الموالي.

وكمنهجٍ لمعرفة الحقيقة التاريخية وتنزيه الإسلام عن كثيرٍ مما ألصق به، لابد من القراءة بين السطور في كتب التاريخ والتراث أو ممارسة ما يشبه في أبحاث النقد التاريخي بما يسمى (النقد التوجهي Tendenz Criticism) أي التقاط الإشارات والروايات المعاكسة للتوجه السائد، وذلك لأن بعض المشايخ كانت ربما تأخذه الصحوة الضميرية فيسرد الروايات المتعاكسة جنباً إلى جنبٍ لينتبه لها من يحالفه التوفيق. وقد أشار إلى ذلك نيازي عز الدين في كتابه دين السلطان ص 936 و595 و159، والله الموفق و الهادي و المستعان.
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير