قانون الضريبة: المشكلة ليست في الاخراج.. والأردنيون قالوا كلمتهم
جو 24 :
أحمد عكور - بعد سلسلة لقاءات أجراها نائب رئيس الوزراء، رجائي المعشر، مع مختلف القطاعات، نشرت حكومة الدكتور عمر الرزاز مسودة قانون معدل لقانون ضريبة الدخل لا يختلف كثيرا عن مشروع القانون الذي أعدّته حكومة الدكتور هاني الملقي، وبما يشي بأن المعشر لم يكن يسمع خلال تلك المشاورات إلا لصدى صوته، وأن الحكومة رضخت بشكل كامل لاملاءات صندوق النقد الدولي التي تحتاج مناهضتها إلى ارادة سياسية وحكومة قوية قادرة على اجتراح حلول غير اعتيادية..
الواضح أن عقل الدولة الأردنية يعتقد بكون مشكلة قانون ضريبة الدخل هي بـ "الاخراج وسوء الترويج له"، ويعتقد أن الملقي كان متزمتا متسلطا وغير لبق الأمر الذي دعا الناس للانتفاض في وجهه والخروج إلى الميادين في كافة أنحاء المملكة والمطالبة باقالته، فكان الحلّ بتسمية شخص مثل الرزاز بما يحمله من صفات "الوداعة والبشاشة واللطافة والحنان" من أجل تمرير القانون!
الرزاز استسلم لتلك القناعة، وبدلا من استخدام مهاراته الاقتصادية واستغلال علاقاته مع صندوق النقد الدولي لايجاد صيغة أكثر عدالة وتناسب الأردنيين وتُنصف كافة الشرائح، بدأ باستخدام مهاراته الشخصية ووداعته من أجل "تبليع" الناس القانون وتمريره كما أقرّه الملقي من ذي قبل..
المشكلة أن الرزاز عند اقراره القانون سار على نفس النهج الذي سار عليه الملقي ومن قبلهما الدكتور عبدالله النسور، وجميعهم استهدف توسيع شرائح المكلفين بدفع الضريبة فقط، وأما زعمهم اجراء مشاورات وحوارات فلم يكن إلا ذرّا للرماد في العيون، ولا ندري كيف يمكن اعتبار تقسيم الفريق الوزاري إلى مجموعات وتكليفهم بزيارة المحافظات حوارا ومشاورات، ثمّ مشاورات حول ماذا؟! هل أجرى الرزاز تعديلات حقيقية على قانون الملقي ليجري مشاورات حولها؟!!
الناس قالوا كلمتهم في القانون عندما خرجوا بعشرات الآلاف إلى الميادين والشوارع والساحات مطلع شهر حزيران الماضي وأسقطوا حكومة الملقي احتجاجا على سياساته الجبائية وقانون ضريبة الدخل المعدل. ولكن يبدو أن الرزاز لم يفهم الفكرة ولم يستوعب مطالب الناس ومبررات خروجهم إلى الشارع، فقد أعاد انتاج نفس القانون ببنوده المجحفة، وبما يؤشر على قناعته بكون "مشكلة القانون ليست في بنوده بل في طريقة اخراجه وتسويقه"!
لا بدّ من أن يدرك الرئيس الرزاز أن حرفيته باستخدام موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وامتلاكه أعضاء يجيدون التحدث في فريقه الوزاري لا يعني امكانية تسويق القانون على شعب أردني واعٍ، فهذا وزير الاعلام السابق الدكتور محمد المومني كان متحدثا لبقا وناطقا ناجحا لكنه أُدخل إلى المفرمة عندما دافع عن القانون وبدأ بترويجه، وهو نفس المصير الذي ينتظر وزيرة الاعلام الحالية جمانة غنيمات والتي يبدو أنها أصبحت وحيدة في ظلّ اختفاء الفريق الاقتصادي في الحكومة..
المطلوب من الرزاز بكلّ وضوح هو حلّ المشكلة الاقتصادية بما يملك من أفكار ورؤى اقتصادية وادارية وليس بما يملك من وسائل التواصل الاجتماعي، كما أن المطلوب منه هو الاحتكاك المباشر والحقيقي مع الناس في الكرك والطفيلة ومعان والمفرق واربد ومادبا وشرق عمان وغيرها من المناطق والمحافظات لا أن يبقى محتميا بـ "تويتر ونشطاء تويتر".