الطفل "عبد العال".. شهيد فوجئ والده بجثمانه وتعلّقت روحه بجدته
لم يذهب الطفل شادي عبد العال اليوم كعادته إلى مدرسة "الفاخورة" شمالي قطاع غزة؛ وبينما كان رفاقه في طريق عودتهم من المدرسة إلى بيوتهم قبيل الظهر، كان هو محمولًا على الأكتاف شهيدًا، بعد أن قتله قناص من جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب مخيم العودة شرقي جباليا أمس.
ليلة قاسية عاشها والد الطفل بعد صدمة كبرى تلقاها أمس، إذ خرج إلى المستشفى الإندونيسي لعلاج طفله الصغير بعد جرح أصابه في يده أثناء اللعب، لكنه تفاجئ هناك أن ولده شادي شهيدًا غارقًا بدمائه، وكان لفترة قصيرة قبل ذلك "مجهول الهوية".
البكاء كان المشهد الأكثر حضورًا عند وداع الطفل شادي (14 عامًا)، وحاولت نسوة التففن حول والدته "أسماء" داخل منزله بمخيم جباليا التخفيف عنها، لكن جدّته لم تحتمل الفاجعة؛ فأغمي عليها، إذ كان متعلقًا بها كثيرًا، كما تعلّقت هي به.
واستشهد ثلاثة مواطنين أمس الجمعة بقمع قوات الاحتلال المتظاهرين السلميين في جمعة "المقاومة خيارنا"، في الأسبوع الـ25 لمسيرة العودة وكسر الحصار، وهم: هاني عفانة (21 عامًا) شرقي خانيونس، ومحمد شقورة (21 عامًا) شرقي المحافظة الوسطى، والطفل عبد العال، الذي تلقى رصاصة في رأسه، كما أصيب 248 آخرين.
استعدّ للدراسة
وقبيل استشهاد الطفل عبد العال بأيام بدأ العام الدراسي؛ ووقتها لم تسعه الفرحة بالعودة إلى مقاعد الدراسة، ولقاء زملائه، ووعد والديه بالاجتهاد لتحقيق أعلى الدرجات، لكنه رحل دون خوض ذلك التحدي.
تقول والدة الطفل "عبد العال" لمراسل وكالة "صفا" وهي تحتضن حقيبته المدرسية: "لم يفرح على كتبه التي استلمها من المدرسة.. لماذا قتلوه؟. ما الخطر الذي شكّله هذا الطفل على جنود الاحتلال كي يقنصوه في رأسه؟!".
وكان الشهيد يواظب على المشاركة في مسيرة العودة كل جمعة، فكان يجهّز كوفيته ومقلاعه في يوم الخميس، لكن كان القلق يساور والديه دائمًا حتى عودته؛ فهم يعلمون أن جنود الاحتلال لا يُفرّقون في القتل بين طفل وشاب وفتاة.
وتضيف ودموعها غطّت وجنتيها "حسبنا الله ونعم الوكيل على الاحتلال الذي قتل طفلي.. سنصبر ونصمد ولنا الجنة إن شاء الله. رحل أبناؤنا لكنهم رفعوا رؤوسنا عاليًا".
"المقاومة خيارنا"
أما "عدنان" عم الطفل فيقول لمراسل وكالة "صفا" عقب عودته من تشييع الجثمان إن: "مقاومة المحتل هي الخيار الأوحد لمجابهته ومحاسبته على الجرائم التي يرتكبها بحق شعبنا، وقتله الأطفال والشباب بمسيرات العودة".
ويضيف "الجميع شهد على سلمية مسيرات العودة؛ فلماذا يقتل جنود الاحتلال أبناءنا بهذه الطريقة، وما الخطر الذي شكّله الأطفال على القوات المدججة بالسلاح؟!".
ويُبدي "عبد العال" الكثير من السخط على حُكام الدول العربية، ويقول إنهم "يشاهدون شعبنا الأعزل يُقتل ويلتزمون الصمت".
ويرى "عبد العال" أن "كل شعبنا مشاريع شهادة. وأنه لا يحك جلدك إلاّ ظفرك"، داعيًا المقاومة للانتقام لدماء الأطفال والشبان.
ويخرج الفلسطينيون في القطاع منذ 30 مارس الماضي يوم الجمعة من كل أسبوع تجاه مخيمات العودة شرقي محافظات القطاع الخمس للمشاركة في مسيرة العودة وكسر الحصار.
وبحسب وزارة الصحة في غزة فإن إجمالي عدد الشهداء الذين ارتقوا جراء قمع الاحتلال المسيرات السلمية بلغ 177 شهيدًا، ونحو 20 ألف جريح.