مؤمن.. خرج يبحث عن وطن وحياة كريمة فعاد شهيدًا
لم يعد لوالدة الطفل مؤمن أبو عيادة (15عامًا) منذ استشهاده برصاصة إسرائيلية قبل يومين، غير التأمل في ملامح نجلها بصورته المعلقة على جدران منزلهم في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وفي كل يوم تستذكر غادة أبو عيادة (42عامًا) نجلها الذي كانت تواظب على رعايته ولا يفارقها صباح مساء، لكن منذ استشهاده في 20 سبتمبر/ أيلول الجاري لم يبق لها غير صورته لتحتضنها وتقبلها.
وودع آلاف المواطنين أبو عيادة الخميس الماضي، والذي أنهى حياته عيار ناري متفجر أصيب به برأسه وهو يشارك مع مئات المتظاهرين السلميين مساء الأربعاء بمسيرة العودة قرب السياج شرقي رفح.
وتقول الوالدة المكلومة إن لحظاتها الأخيرة مع نجلها لا تكاد تفارق مخيلتها، إذ أنه عاد من مدرسته ليتناول الغذاء وينال قسطًا من الراحة قبل أن يطلب منها مصروفه ليذهب كعادته لمخيم العودة.
وتشير لمراسل "صفا" إلى أنه دار بينهما حوار أخير حول مشاركته بمسيرة العودة ليقول لها إنه: "يعرف أنه طفل بالقدر الذي يُدرك فيه أن له حق عند الاحتلال الإسرائيلي ويريد أن ينتزعه".
وتذكر أنها كثيرًا ما كان يرفع من معنوياتها رغم خشيتها عليه ونصحها المتكرر له، مرجعة ذلك إلى أن "جنود الاحتلال لا يتورعون عن قتل أحد.. فهم اغتالوا الكثير من أمثال مؤمن".
وتضيف أبو عيادة "أن ابنها كان يحلُم بأن يدرس ويكبر لكنه أدرك حقيقة واقع غزة الصعب الذي دفع الناس للتوجه للحدود للمطالبة بحقوقها بالعودة لأراضيهم وكسر الحصار ليعيشوا حياة كريمة".
وتتساءل: "ما الذي جعل من طفلي يصل لهذا التفكير؟.. من المؤكد أن مأساتنا التي نحياها هو الذي دفع شعبنا -منهم مؤمن- بأن يحكموا على مستقبلهم بأنه غامض".
ولا تكف والد الشهيد عن السؤال عن سبب قتل "إسرائيل" لنجلها: "ما ذنبه أن يُقتل هكذا؟، ماذا فعل؟، هذه جريمة.. أين حقوق الإنسان منها؟، فنحن شعب أعزل مظلوم لا أحد يقف معنا".
ما ذنب مؤمن؟
شقيقته أريج (13عامًا) لم تتمالك نفسها من هول الصدمة لتتساءل: "مع من ألعب في البيت بعد اليوم.. لماذا قتلوه الجبناء وأخذوه مني.. حسبنا الله ونعم الوكيل عليهم قتلة الأطفال".
أما عمته الستينية زينا أبو عيادة تشير إلى أن الجندي الإسرائيلي الذي قنص "مؤمن" تعمد قتله بتوجيه رصاصة متفجرة صوب رأسه بدليل أنه كان بإمكانه إطلاق النار بشكل تحذيري صوبه.
وتقول أبو عيادة لمراسل "صفا" إن "مؤمن طفل لا يُشكل أي خطر على أحد، بل أعزل ذهب ليطالب بحقه في أرضه وعودته لها، لكن الاحتلال أصابه ليوقف حياته".
ورغم ما أصاب العائلة إلا أنها تشدد على استمرارها في المشاركة بمسيرة العودة دون توقف، وتقول "لن نترك غزة ونغادر أرضنا وسنواصل الطريق بعزيمتنا حتى نسترد حقوقنا".
وتلفت عمة الشهيد لوكالة "صفا" إلى أنها أصيبت يوم 14مايو المنصرم بعيار ناري إسرائيلي في قدمها، وهي غير نادمة على ذلك، وستبقى تشارك بمسيرات العودة.
وتختم بقولها إن "مؤمن سبقه الكثير من الشهداء ولن يكون الأخير. ودمائهم هي التي ستغيظ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتوقف صفقة القرن".