3 سيناريوهات تتجاذب «العفو العام» بين الاستعجال والتريث وصولاً إلى الرفض
سيناريوهات عدة قد تواجه بها الحكومة المطالبات المتزايدة بإقرار قانون عفو عام، بعد سبع سنوات على آخر قانون للعفو العام والذي صدر في العام 2011.
ثلاثة سيناريوهات تتجاذب القرار حول العفو العام، تتراوح بين الإستعجال والتريث وصولا الى رفض بحث الأمر نهائياً، وفي حين يميل المزاج الحكومي نحو إرسال مشروع القانون إلى مجلس النواب في أقرب فرصة، ترى جهات ضرورة التريث وإرجاء الأمر لبضعة شهور، فيما ترى جهات داخل الدولة أن الكلفة المالية والأمنية للعفو العام عالية وأنه لا ضرورة لبحث الأمر حاليا .
الجزء الأكبر من الفريق الحكومي يرى أن إرسال القانون في هذه الفترة من شأنه تخفيف حدة الانتقادات التي تواجهها الحكومة، ويجسر العلاقة مع مجلس النواب من خلال الاستجابة للمقترح الموقع من ما يزيد على 70 نائبا لهذه الغاية، ويستعجل هذا الفريق إرسال القانون مع بدايات الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة وبالتزامن مع قانون ضريبة الدخل وقبيل إرسال قانون الموازنة العامة لسنة 2019.
بيد أن الأمر لا يبدو بالسهولة التي تتمناها الحكومة والنواب الذين تبنوا المقترح، فقانون العفو العام له كلف اقتصادية واجتماعية وأمنية لا بد من دراستها بعمق واحتسابها بدقة، وهذا الرأي قوبل بالرضا والقبول لدى أغلبية مرجعيات الدولة وفق معلومات مؤكدة وصلت لـ «الدستور».
سياسيا قد يُجسر إصدار قانون العفو العام في هذه الفترة العلاقة ما بين الحكومة والشارع، ويسهم في تخفيف أعباء مالية على المواطنين خصوصا في موضوع المخالفات، لكن هذه النقطة بالتحديد واحدة من حجج الداعين إلى التأني في إصدار العفو، خصوصا أن الخاسر الأكبر منها سيكون البلديات التي يعاني معظمها من أوضاع مالية صعبة.
موضوع العفو لا زال مدار بحث بين جهات عدة في الدولة وعقدت لأجل بحث الأمر العديد من الاجتماعات شارك في إحداها مؤخرا رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، الذي أبدى اهتماما بكل الملاحظات الواردة إلى الحكومة في هذا الخصوص والتي تناولت كافة الجوانب، بما فيها الأثر الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
ووفقا للمعلومات التي وصلت «الدستور» فإن العلة الاقتصادية الأساسية تمثلت بعدم قدرة أي جهة على تقديم كلفة مالية تقديرية دقيقة لإصدار العفو، حيث تفاوتت الأرقام الموضوعة أمام الحكومة بشكل كبير، ووقعت بين السبعين مليونا وفق بعض التقديرات لتصل في تقديرات أخرى إلى نحو نصف مليار دينار، والتفاوت هذا مرده الى صعوبة حصر الغرامات الواردة في آلاف الأحكام القضائية.
المؤيدون لإصدار قانون العفو يرون أنه بالإمكان تجاوز الأثر المالي لقانون العفو من خلال استثناء الغرامات والأحكام القضائية القطعية وحتى المخالفات، بحيث تكون الغاية من القانون إلغاء القرارات الجزائية وأحكام الحبس فقط، ويؤكد هذا الفريق أهمية الالتفات إلى الكلفة المالية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، التي ستنخفض بصورة كبيرة عند احتساب الأثر المالي لإصدار عفو.
ويرى هذا الفريق أنه بالإمكان أيضاً تجاوز المخاوف الأمنية بحرمان أصحاب السوابق الجرمية، من الاستفادة من العفو والذين يشكلون 40 % تقريبا من مجموع الموقوفين والمحكومين، ويرى مؤيدو العفو أن الأثر الاجتماعي سيكون إيجابيا من خلال لم شمل الأسر وتشجيع الخصوم على إجراء مصالحات خصوصا إذا ما اشترط قانون العفو وجود تلك المصالحات للاستفادة من أحكامه.
على الجانب الأخر يبرز رأيان، الأول يعارض إصدار قانون عفو عام لا آنيا و لا مرحليا، معللا ذلك بالآثار الاقتصادية والأمنية، ويشير في هذا السياق إلى أن السياق الزمني لقانون العفو العام يستوجب مراعاة المباعدة الزمانية عند تكرار إصداره، معتبرا أنه من المبكر الحديث عن العفو في ضوء صدوره مرتين خلال السنوات الثماني عشرة الماضية.
فيما يرى فريق ثالث ضرورة إصدار العفو لكنه يميل الى التريث لمزيد من الدراسة المعمقة وقياس كافة الآثار وانتظار مناسبة وطنية ملائمة، كذكرى مئوية تأسيس الدولة الأردنية التي تصادف بعد عامين أو الذكرى العشرين لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية التي تصادف العام المقبل.
مراكز الإصلاح والتأهيل مزدحمة إلى حد كبير وفق ما أشار إليه تقرير حالة حقوق الإنسان الرابع عشر الصادر قبل نحو أسبوعين، خصوصا مراكز الاحتجاز المؤقت، ولا تبدو المالية العامة جاهزة لتحمل كلف إنشاء مراكز جديدة، ومن هنا يبرز مبرر آخر لإصدار عفو عام.
الحكومة أعلنت على لسان وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين أنها ستعلن موقفها من إصدار عفو عام مع نهاية الشهر الحالي، والتوقعات أن الحكومة أكثر الأطراف المعنية تحمساً لإصدار القانون، لتخفيف وطأة الانتقادات التي تتلقاها بسبب مشروع قانون ضريبة الدخل.الدستور - عمر محارمة