2024-07-29 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التحرش الجنسي في العمل جريمة صامتة حتى من الضحية خوفاً من وصمة العار

التحرش الجنسي في العمل جريمة صامتة حتى من الضحية خوفاً من وصمة العار
جو 24 : كتبت - رجاء سيف - يلذن بالصمت خشية المحاسبة والنظرة المجتمعية السلبية، لكن الجرم فادح فهنّ ضحايا التحرش الجنسي في مكان العمل.

"أمل" تعمل في شركة، تذكر ذات مرة كيف حاول أحد زملائها لمس يدها أكثر من مرة، و لم تُعر الموضوع اهتماماً في البداية ظنّا منها أن الموضوع غير مقصود، لكن زميلها حاول مرات أخرى أن يلمسها عنوةً، فمنعته، حتى أنه تعمّد التعليق على ملابسها، معلّقاً أنها "لا تليق بالعمل" فهي محتشمة، كما تقول.

قصة أمل ليست فريدة، فكثيرًا ما تتكرر في أماكن العمل، الكثير من الفتيات العاملات والموظفات يتعرضن لتحرش يومي واستفزاز، وما يزيد الأمر سوءاً ان غالبيتهن، رغم الأذى النفسي والجسدي، يلتزمن الصمت، الأمر الذي يسمح لبعض ضعاف النفوس بالتمادي.

يسيطر على (أمل) الخوف من أن يتمادى زميلها معها، ورغم ذلك حاولت أن تتكتم على ما يجري خوفاً من أن يزيد الأمر تعقيدا وتصبح "مادة دسمة لأقاويل وهمهمات" زملائها في العمل.

كذلك (سمية ) وهي فتاة أخرى تعمل في شركة تصف كيف أنها كثيرا ما تعرضت من بعض الزملاء "لنظرات تحمل إيحاءات غير مريحة"."في كل مرة كنتُ أرمقهم بنظرات حادة، أعبر من خلالها عن امتعاضي وغضبي من نظراتهم غير البريئة تجاهي، والتي كانت ترمي إلى ما يخدش الحياء."

"إشكالية في التجريم"

هذه القصص كثيراً ما تتكرر مع عدد غير بسيط من الفتيات العاملات، لكن المشرّع يقصر في موضوع تجريم هذه الممارسات، كما يقول سفير النوايا الحسنة لحقوق الانسان لمنظمة "سبمودا" للسلام الدولي، كمال المشرقي الذي شدّد على ضرورة إصدار تشريع خاص يضمن حماية المرأة من التحرش في العمل، مشيراً الى أنها "ظاهرة أصبحت تتنامى في المجتمعات العربية بشكل كبير."

ويعزو المشرقي وجود اشكالية في عدم التعاطي مع موضوع تجريم التحرش في العمل، نتيجة للثقافة الاجتماعية السائدة ونمط التعامل مع المرأة وخصوصا في المجتمع الاردني، ما يستوجب حملات توعية وتثقيف لكل من المرأة العاملة والشباب، بحيث تعمل على توعية المرأة فيما يخص أهمية التحرك باتجاه اتخاذ الاجراءات اللازمة في حال تعرضها للتحرش أثناء العمل، ولتحمل في اتجاهها الى الآخر رسالة توعوية للشباب فيما يتعلق بالعقوبات المترتبة عليه في حال وقوع التحرش،أو ما يسمى "بخدش الحياء العام."

ويشير المشرقي لدور الأهل السلبي في تفاقم إشكالية وتجنب المرأة التي تتعرض للتحرش تقديم شكوى; يتدخل الأهل بشكل كبير لضمان قيام المرأة في العمل وعدم طردها أو فقدانها لعملها نتيجة لأي عمل قد تتخذه بهذا الخصوص.

ويرى المشرقي ضرورة العمل على تنفيذ الالتزامات الدولية بخصوص الأردن لضمان تطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بالمراة، وخصوصاً اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدها، اذ يجب على الحكومة أن تعمل على تعديل التشريعات بطريقة تتواءم مع الالتزامات الدولية.

"تكاد لا تُذكر"

بدوره لا ينفي الناطق الاعلامي لوزارة العمل هيثم الخصاونة وجود شكاوى ترد للوزارة فيما يخص تعرض المرأة العاملة للتحرش، لكنه يؤكد انها "تكاد لا تذكر"، و يعتقد أن الأمر يعود لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد الاجتماعية، بالاضافة الى تخوف الفتاة من أن تكون عرضة للاتهام من عدة أطراف في حال تعرضها للتحرش.

لكنّ الخصاونة بيّن أن التشريع يلزم صاحب أي عمل بخلق بيئة آمنة وغير عدائية للمرأة، وفي حال وجود بيئة مشجعة للتحرش يلزم صاحب العمل بتصويبها، مشيراً الى أنه يوجد داخل كل مؤسسة نظام داخلي تعده المؤسسة يحدد العقوبة وما يترتب عليها في حال وقوع التحرش، بالاضافة الى أن العقوبات تتدرج حسب الموقف ومن الممكن ان تنتهي بالفصل. .

دراسة تكشف نِسَب قضايا التحرش

وفيما يتعلق بالعنف في مكان العمل، أظهرت نتائج دراسة سابقة للعوامل التي تشكل الأدوار الجندرية في الأردن حول أبعاد النوع الاجتماعي (الجندر) عن أن 14 % من النساء اللواتي يعملن يتعرضن لتحرش جنسي لفظي في مكان عملهن، وأن 0.7 % منهن يتعرضن لتحرش جنسي جسدي في مكان العمل.

كما كشف الدراسة، التي حملت عنوان "دراسة العوامل التي تشكل الأدوار الجندرية في الأردن"، أن 8 % من النساء العاملات يتعرضن لعنف لفظي (ألفاظ نابية أو مهينة)، مقابل 2.3 % يتعرضن لترويع وتهديد نفسي من رئيس العمل.

وبيّنت نتائج الدراسة، التي أعدها فريق بحثي من الجامعة الهاشمية لصالح برنامج دعم مبادرات تكافؤ الفرص/ الوكالة الكندية للتنمية الدولية، أن 76.3 % من المستطلعة آراؤهم "يؤيدون" عمل المرأة، مقابل 21.5 % لا يؤيدون ذلك .

حقوق المرأة دولياً و وطنياً

وفيما يتعلق بحقوق المرأة العاملة ضمن الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية، فان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ينص في المادة 23/1 على أن ((لكل شخص الحق في العمل وله حرية اختياره ضمن شروط عادلة مرضية...)).

كما ورد في المادة(32) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان فتنص على أن ((تضمن الدولة للمواطنين تكافؤ الفرص في العمل والأجر العادل والمساواة في الأجور)).

أما على صعيد التشريعات الوطنية، فقد كفل الدستور الأردني حق العمل للمرأة عندما نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة: ((الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات))، وهذا يؤكد أن العمل أحد حقوق المرأة الأساسية.

وتأكيداً على مكانة العمل وأهمية توفيره لسائر الموطنين رجالاً ونساء، تنص الفقرة الثانية من الدستور: ((تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود إمكانياتها وتكفل الطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع الأردنيين)).

وورد أيضاً في الدستور الأردني، المادة 23/1، أن العمل حق لجميع المواطنين، وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به بحسب ما اوضحه حقوقيون.

*أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين
تابعو الأردن 24 على google news