الجزر يزيد صلابة الأسمنت، وفطر يعالج تشققات الخرسانة.. علماء يجرون تجارب قد تجعلك تبني منزلك بمخلفات الطعام
جو 24 :
قد يصبح بيتك في يوم من الأيام مبنياً من خليط من الجزر وبنجر السكر، والأهم أنه قد لا يحتاج للترميم فالفطريات قد تعالج التصدعات في حوائطه، فيحتمل أن تبني منزلك بمخلفات الطعام خلال فترة قريبة. على سبيل المثال، لم تعد فوائد الجزر تقتصر فقط على تقوية النظر، كما تنصح الأمهات، ولكن الجزر يحتل مكانة مهمة في أبحاث بشأن استخدام مواد صديقة للبيئة تخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكثر كفاءة في عملية البناء، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة The Daily Mail البريطانية. فالعالم يشهد تجارب متنوعة لإحداث تغيير جذري في فلسفة البناء، ومن بينها تحارب أجراها علماء لاستخدام مواد طبيعية مثل مخلفات الخصراوت لتشييد أبنية صديقة للبيئة.
إنهم يستخدمون خلاط طعام لتصنيع الخرسانة
تستخدم مجموعة من الباحثين في جامعة لانكستر البريطانية خلاط الطعام المنزلي لخلط جزيئات الجزر مع الخرسانة لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم إنتاج منتج أقوى وأكثر أماناً من الناحية البيئية. المواد الجديدة -التي صنعت من خلال الجمع بين الأسمنت العادي والصفيحات النانوية المستخرجة من الجزر التي تطرحها صناعة المواد الغذائية- مقاومةٌ للتصدعات، وتزيد صلابتها عن صلابة المنتج التقليدي بما يقرب من 80٪، حسب التقرير.
العلماء يستخدمون خلاطاً منزلياً لاختبار إضافة الجزر إلى الخرسانة/ISTOCK
وقال البروفيسور محمد صافي من قسم الهندسة بجامعة لانكستر «إن تلك المركبات لا تتفوق على منتجات الأسمنت الحالية من حيث الخصائص الميكانيكية والبنية الدقيقة وحسب، بل تستخدم أيضاً كميات أقل من الأسمنت». وأضاف «هذا يقلل كثيراً من استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بتصنيع الأسمنت».
وميزة الجزر أيضاً أنه يعالج تشققات الخرسانة إضافة إلى أنه صديق للبيئة
إضافة الجزر تمنع حدوث أي تشققات في الخرسانة، حسبما يقول الفريق. وقال صافي لرويترز، «اكتشفنا أنه يمكن زيادة قوة الخرسانة بنسبة 80% باستخدام كمية صغيرة من هذه المادة الجديدة». وأضاف «تظهر نتائجنا الأولية أن إضافة حوالي نصف كيلوغرام من المادة النانوية للجزر تقلل كمية الأسمنت اللازمة لإنتاج متر مكعب من الخرسانة بنحو 10 كيلوغرامات». وهذا يعني أيضاً أن هناك حاجة إلى كمية أقل من الأسمنت، مما يخفض نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ويساهم الأسمنت بنحو 7% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
كما يجربون استخدام بنجر السكر، فهم يسعون لجعلك تبني منزلك بمخلفات الطعام
وفي دراسات إثبات المفهوم، وجد الباحثون أن إضافة صفائح الجزر النانوية تؤدي إلى توفير 40 كيلوغراماً من الأسمنت وثاني أكسيد الكربون في كل متر مكعب من الخرسانة. وقد حاول الفريق أيضاً استخدام ألياف بنجر السكر في خلائط الأسمنت.
الخضراوات المستخدمة في التجارب جاءت من مخلفات الطعام/ISTOCK
فقد كانت جميع الخضراوات المستخدمة في التجارب الخاصة بصنع مواد جديدة للبناء تأتي من مخلفات الطعام. فهل اقترب اليوم الذي يصبح متاحاً فيه أن تبني منزلك بمخلفات الطعام؟
ولكن هناك مفاجأة أخرى فطر ينمو داخل الجدران ويعالج تصدعات الخرسانة
وجد الباحثون في جامعة بينغهامتون الأميركية أن فطراً يسمى Trichoderma reesei يمكن أن يستخدم لصنع خرسانة لها خصائص العلاج الذاتي. فعندما يخلط هذا الفطر مع الخرسانة، فإنه يبقى كامناً – ولكن بمجرد ظهور الصدع الأول، يبدأ الفطر في النمو داخل الجدران والأعمدة الخرسانية. من خلال خلط الفطر والمغذيات مع الخرسانة، يمكن أن يؤدي نمو البوغ الفطري (خلية تكاثر لاجنسي) ) إلى إنتاج كربونات الكالسيوم. «عندما يحدث التصدع، سيجد الماء والأكسجين طريقهما إلى داخل هذا التصدع. ومع وجود ما يكفي من الماء والأكسجين، فإن الأبواغ الفطرية الكامنة ستنبت وتنمو وبالتالي تترسب كربونات الكالسيوم لتضميد الشقوق»، كما يقول كونغروي جين، أستاذ الهندسة الميكانيكية المساعد. ويضيف قائلاً «عندما تمتلئ الشقوق تماماً، بحيث لا يمكن دخول المزيد من الماء أو الأكسجين، سيشكل الفطر أبواغاً مرة أخرى». ويؤكد أنه «حين تصبح الظروف البيئية مواتية في مراحل لاحقة ويصبح هناك تصدعات أخرى، يمكن أن تستيقظ الأبواغ مرة أخرى».
والعلماء يحاولون جعل الخرسانة تزداد قوة بعد انتهاء تشييدها
وسوف يواصل الباحثون اختبار هذه الخلاطات بالتعاون مع شركائهم التجاريين، وهي شركة إسكتلندية تقوم بتصنيع الطلاء باستخدام الألياف النباتية الجذرية. كما يعمل الباحثون على طريقة لتعديل الهياكل الخرسانية الموجودة بتلك المواد لجعلها أقوى دون الحاجة إلى إعادة إنشائها. حتى الآن، يدرس الباحثون استخدام صفائح رقيقة مكونة من المواد النباتية التي يمكن إضافتها كتدعيم. ستكون هذه الصفائح أكثر مرونة من البدائل الأخرى، مثل ألياف الكربون، مما يعني أنها ستشكل حماية أفضل من القوى التي يحتمل أن تكون ضارة أيضاً. وعلى مدار مدة المشروع البالغة سنتين، سيقوم الباحثون بإجراء المزيد من البحوث على قدرات المواد والبحث عن طرق لدمجها في صناعة البناء. وقد يأتي اليوم بالفعل الذي فيه تبني منزلك بمخلفات الطعام.