نوافذ أمل
حمادة فراعنة
جو 24 :
تداعيات سياسية، متتالية، قد تُعيد للإنسان العربي استعادة توازنه المفقود، وإن كان ذلك يحتاج لمزيد من الوقت والخطوات، بعد كوارث الحروب البينية العربية التي دمرت العراق وليبيا وسوريا واليمن ومن قبلهم الصومال ولاتزال، واستنزاف مصر، واستهلاك قدرات الخليجيين المالية .
السياسة الأردنية أول التداعيات المبهجة، بعد أن مثلت نموذجاً في تعاملها مع مظاهر الربيع العربي والانحناء الإيجابي أمام انفجاراتها، وامتصاص أثمانها الاقتصادية والاجتماعية التي دفعناها حفاظاً على حالة التوازن التي حمت الأمن الوطني سواء من محاولات التسلل التخريبية، ومن مبادرات الخلايا الكامنة الإرهابية، أو من عدم التورط في ثناياها في سوريا واليمن .
وقد برز الموقف الأردني جلياً، بعد أن شكل رأس حربة سياسية باتجاهين : أولهما رفض صفقة القرن الأميركية ومقدماتها بعد أن أعلن ترامب موقفه من القدس يوم 6/12/2017، وثانيهما إسناد الموقف الفلسطيني باتجاه الرفض المبدئي والحازم لصفقة القرن وأفعالها، وممثليها الثنائي كوشنير وجرينبلات .
كما أضاف قرار رأس الدولة جلالة الملك يوم 21 تشرين أول 2018 بإلغاء ملحق معاهدة السلام الخاص بمنطقتي الباقورة والغُمر الأردنيتين، بمثابة صفعة سياسية لحكومة المستعمرة الإسرائيلية ورئيسها نتنياهو وفريقه العنصري المتطرف، ليعيد التأكيد على تمسك الأردنيين بكرامتهم، وتصويب الخلل لمضمون معاهدة السلام ونتائجها المؤذية .
ومثّل الإنجاز السوري التداعي الثاني في صمود المثلث الوطني : الشعب والجيش والنظام في مواجهة قوى التطرف والدمار والخراب وقوى التحالف بقيادة الولايات المتحدة، واستعادة الأمن والاستقرار في الوسط والجنوب السوري وتحريرهما من المعارضة المسلحة، على طريق الإنجاز الكامل ليشمل تحرير الشمال استكمالاً لخطوات العاصمة والوسط والجنوب، مما أتاح فتح بوابات العبور والحدود، وعودة السفر بالاتجاهين بين الأردن وسوريا إمتداداً إلى لبنان، على أثر زيارة سياسية هامة قام بها شخصية أمنية رفيعة المستوى لدمشق، أزالت العوائق وأعادت الثقة، وأكدت أهمية التواصل بين العاصمتين، مما يدلل على صواب الخيارات الأردنية وسعة أفقها في وقت مبكر، حينما رفضت التورط في الوحل السوري، وحافظت على توازن صعب في ذروة الأزمة السورية ومتاعبها .
الاتفاق الاستراتيجي بين القاهرة وموسكو، مثّل العنوان الثالث ، أعاد التأكيد أن خيارات العرب لم تعد باتجاه واحد نحو واشنطن، فالسياسة الأميركية سببّت المآسي وأشاعت الكوارث بحق العرب ومصالحهم وقضاياهم من خلال الدعم اللامحدود الذي تقدمه الولايات المتحدة للمشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وحمايته من المساءلة وتغطية احتياجاته في التوسع والاستيطان ومواصلة الاحتلال، إضافة إلى ما قدمته الولايات المتحدة للأنظمة غير الديمقراطية وتقوية تسلطها، ومن دعم وتغطية لفصائل الإسلام السياسي طوال مرحلة الحرب الباردة لمواجهة الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي، ونتائج ذلك ما نشاهده اليوم من تخلف وأحادية وضد التعددية والتيارات اليسارية والقومية والليبرالية .
الاتفاق الاستراتيجي المصري الروسي، يعيد لمصر دورها الذي سبق وأن بنته مع السد العالي والتصنيع وتطوير قدرات جيشها الوطني، لتقف اليوم مع بناء قواعد مماثلة تدفع بخياراتها الوطنية نحو تعزيز التعددية والاستقلال السياسي والاقتصادي .
إضاءات متعددة وشموع البداية لعلها تبدد جزءاً من الظلمة، وتزيل الإحباط الكامن والدمار المادي والنفسي الذي اجتاح عالمنا العربي ودواخلنا النفسية، فهل رهاننا في مكانه ؟؟ وهل نواصل الطريق بمزيد من الخطوات على ما تحقق في عمان ودمشق والقاهرة ؟؟ .