قراءة الفاتحة على أرواح شهداء البحر الميت _ الجامعة الهاشمية
جو 24 :
قال تعالى في سورة البقرة:
وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
وقال تعالى في سورة الفجر:
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)صدق الله العلي العظيم
ببالغ مشاعر الحزن والأسى والألم، تتقدم اسرة الجامعة الهاشمية طلابا وعاملين من الكادر التدريسي والاداري، بأحر التعازي والمواساة للوطن وقائده جلالة الملك عبدالله الثاني وأهالي شهداء الوطن ضحايا الأمطار والسيول والانهيارات في حادث البحر الميت الأليم، وتدعو الله العليّ القدير أن يتغمّد شهداء الوطن بواسع رحمته وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان.
ليلة حزينة عاشتها المملكة الأردنية الهاشمية، يوم الخميس الماضي (يوم الوجع الوطني) بعد ان أودت السيول بوفاة21 طالباً ومواطناً واصابة العشرات بينهم ثلة من فلذات أكبادنا الاطفال ومعلمين ومواطنين فى حادث قاسي وأليم ومصاب جلل يدمي القلوب بمنطقة البحر الميت.
قلوبنا مع أهالي الشهداء المكلومين، مصابهم مصابنا ، نشاطرهم الألم ونسأل الله المولى العلي القديرأن يتغمد شهدائنا الابرار بواسع رحمتة وغفرانه وجنات الخلد، وأن يمن بالشفاء التام والعاجل على المصابين وندعوا من الله أن يُجنّب الوطن الأزمات، في هذا الظرف العصيب، الذي عمّه الحزن والألم العميق .
لقد اكدت هذه الفاجعة النموذج المشرق لكل فئات الشعب الاردني التي وقفت وقفة رجل واحد، وقفة وطنية موحدة متضامنة من التكافل مع اهالي الشهداء والمصابين ومن اجل الحقيقة ورفعة الوطن ليلامس الشمس ضياء.
لقد فقدنا أجمل وأعز وأغلى الأحبة؛ أطفالا شهداء بعمر الورد، كانوا نصف حاضرنا وكل مستقبلنا وكذلك فقدنا معلمات مخلصات حملن مسؤولية الأمانة ومواطنين اخرين هبوا لمساعدة هؤلاء الاطفال.
اننا لا بد لنا ان لا ننسى في هذا المصاب الأليم أن الجهود الجبارة والمضنية والتي نثمنها عاليا التي بذلها رجال الدفاع المدني والقوات المسلحة والأمن العام وقوات الدرك وقوات البحرية الملكية وطائرات سلاح الجو الملكي.وجميع الكوادر الطبية وكذلك كل من ساهم في عملية الاخلاء والإنقاذ من المواطنين الذين هبّوا لمساعدة منكوبي فاجعة البحر الميت تلبية للواجب الانساني والأخلاقي تجاه المحاصرين بالمياه، فهذه الجهود قد نجحت في إنقاذ حياة العشرات من المواطنين من موت محقق، في ظروف جوية بالغة الخطورة، ومناطق شديدة الوعورة.
على المقلب الاخر، فلقد منينا بخسارة وطنية فادحة ولن تمر هذه الفاجعة بلا محاسبة. فالشعب كله والملك حزين وغاضب وينتظرنتائج لجنة التحقيق الصارمة التي امر بها الملك ليشمل عملها التحقيق في كل عناصرواسباب هذه الكارثة بدقة، ولتحديد المسؤوليات واوجه العجز والتقصير والفساد، وتنفيذ الحلول وبشكل فوري من اجل منع تكرار هكذا كوارث. وفي هذا السياق نؤكد على ضرورة تنفيذ التوجيهات الملكية السامية التي أكدت مراراً وتكرارًا على ضرورة احترام وإنفاذ القانون بحزم في شتى مجالات الحياة.
هناك اهمال مزمن بمشاريع البنية التحتية في مناطق مختلفة من الأردن، وتكرار حوادث السير وحوادث السيول الجارفة وضحايا في كل سنة من أبناء الوطن في كل المناطق، وهناك غياب واضح وجلي للرقابة والمساءلة رغم تكرار الحوادث والفواجع. والأسوأ من ذلك غياب سيادة القانون. فمؤسساتنا ما تزال تعمل كجزر معزولة دون تنسيق يذكر ودون دراية كافية بعلم ادارة الازمات.
موضوع اخر اثارته هذه الفاجعة وهو يختص بموضوع تعريف المسؤولية المباشرة والمسؤولية الادبية. ان هذه الفاجعة الثقيلة والأليمة والظروف الصعبة التي أصابتنا معها، تثير وبقوة أسئلة مهمة وكثيرة. إن التصريحات التي يتداولها بعض المسؤولين، للتهرب من مسؤولياتهم الأدبية أمام الشعب الأردني حول هذه الفاجعة، تزيد من الهوة الواسعة في الثقة بين اجهزة الحكومة والشعب المكلوم والغاضب. كل سارع بالتنصل من المسؤولية. أن الأخطاء واوجه التقصير التي شابت ما جرى في هذا المصاب الجلل، يتحمّلها الجميع كلٌ في مكانه وحسب اختصاصه ولا يتحمّلها طرف معين. ان المسؤولية الأدبية هي للاسف ثقافة غائبة تماما عن ذهن المسؤولين في بلادنا وقواميسنا الإدارية. وعوضا عن ذلك يتشبث المسؤولين بالمناصب ويلقون باللائمة على غيرهم اوعلى القدر. هذا ما حدث بالضبط في فاجعة البحر الميت فراح معظم المسؤلون يلومون جهات اخرى وقد يكون ذلك جزئيا فيه بعض الحقيقة ولكن ذلك لا يعفيهم من تحمل المسؤولية الأدبية والفنية والمهنية في مواجهة ما حدث عندما قصروا في تهيئة البيئة المانعة لوقوع مثل هذه الحوادث أو التخفيف من أثارها.
ان التقتير في اعطاء المعلومات الدقيقة والصحيحة كما ان غياب المسؤولية والدقة في تداول الحيثيات حول فاجعتنا الوطنيةقد زاد من فوضى النشر في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي مما زاد الطين بلة.
اننا ندعو كافة الجهات الرسمية والقطاعات الاهلية والجامعات ومنها انفسنا، للعمل معا وبشكل فوري لتطوير وتطبيق نظام انذار مبكر على مستوى الوطن باسرع وقت ممكن. كما ندعو الى سرعة انجاز لجنة التحقيق والعمل على المعالجة الجذرية لكل اسباب مثل هذه الكوارث.
نحن نعلم انه لا يكون الحل بمنع الرحلات المدرسية والجامعية العلمية لأنها جزء من التربية والتعليم والمنهاج والثقافة الوطنية، ومكملة للكتاب والمدرسيين ولكن بسبب النقص الواضح في البنى التحتية في وطننا العزيز قررنا في الجامعة الهاشمية تعليق كافة انواع الرحلات الجامعيةلفصل الشتاء الحالي.
حزينون عليك يا وطني..!
حمى الله الأردن وشعب الأردن في ظل القيادة الهاشمية
إنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل