العجالين وابو رمان والشهداء العبادي والعلي: أنقذوا أكثر من 28 مصابا في حادثة البحر الميت
- قادت الصدفة غطاس الدفاع المدني الرقيب زاهر سعد العجالين الى خوض "معركة حقيقية" من اجل الحياة عصر الخميس الماضي في مياه البحر الميت، في مسعى لانقاذ من يمكن انقاذه من ضحايا فاجعة ذاك اليوم الحزين.
ترجّل العجالين من سيارته قرب نقطة الغلق التي نصبتها الشرطة، مستفسرا عن سبب منع المرور، فعرف ان سيولا مفاجئة اخذت في طريقها تلاميذ مدرسة ومصطافين كانوا في سيل ماعين، فاستأذن من فوره ليجتاز النقطة بعدما عرّف بنفسه غطاسا محترفا.
ركض العجالين صوب نقطة الدفاع المدني المجاورة، فزوده زملاؤه ببدلة للغطس ارتداها ليخوض مغامرة في لجّة مياه هادرة جلبت معها كمية كبيرة من الطين وعوالق اخرى.
قال زاهر العجالين(42 عاما): كانت مشاعري ساعتئذ خليطا غير مفهوم من عواطف الشفقة والخوف والتحدي. ركضت صوب البحر نحو 700 متر فالقيت بنفسي في الماء. لحظتُ طفلا يطفو مستسلما على سطح الماء فندهته باعلى صوت علّه يسمعني، وحين استجاب، حاولت بث الطمأنينة في نفسه فطلبت منه حين اقتربت ان يساعدني لئلا يدخل زبد المياه المالحة في جوفه. استجاب فحملته على ظهري، وكان مصابا بيده اليسرى وراسه فضلا عن اصابات مختلفة. واضاف العجالين: اوصلته الى الشاطئ حيث كان زملائي في الدفاع المدني. عدت من فوري الى البحر وبعد سباحة نحو 50 مترا وجدت رجلا خمسينيا فندهته وسبحت نحوه، تحدثت معه وقدرت باني لا استطيع حمله على ظهري، فزودني زملائي بحبل وسحبت الرجل الى الشاطئ.
وقال: كنت مجهدا فجلست، لكن صوت استغاثة تناهى الى مسامعي، فركضت صوب الشلال لاجد ثلاث فتيات اعمارهن بين الـ 13 و الـ15 عاما، وكن يصرخن خوفا من الشلال فامسكت بهن وقدتهن الى الشرطة. عدت الى البحر وغطست فوجدت جثة تطفو على الماء، حاولت الصراخ لكن الشخص لم يستجب، وحين اقتربت كانت فتاة فارقت الحياة، فسحبتها الى الشاطئ ومن ثم عدت الى البحر، حيث وجدت جثتي فتاتين سحبت اولاهما الى الشاطئ ومن ثم الجثة الثانية. العجالين يستعيد لحظة قاسية "لا يمكن ان انساها حين غشاني شعور خوف شديد لدى حملي الطفل الاول واسمه عمار سامي سعود (15 عاما)، فشعرت باني قد اموت وكنت ادعو الله الا يحدث لي مكروه قبل ان انقذ اكبر عدد ممكن من المنكوبين".
الملازم في الدفاع المدني قيس ابو رمان، كان في طريقه من العقبة لقضاء اجازة بين اهله، عرف لدى وصوله موقع الفاجعة بما يعانيه المنكوبون فترجل من السيارة ليقطع مسافة طويلة سيرا على الاقدام، فدخل الوادي حيث وجد 13 طفلا يجلسون على قرب السيل فقام بتهدئتهم وطمأنتهم، وهم في حاله يرثى لها، فيما الظلام يهبط على المكان. بقي ابو رمان مع الاطفال يهدئ من روعهم، حتى وصول مفرزة عسكرية زودته بسلّم، ليقوم بانقاذ الأطفال واحداً تلو الاخر، اذ كان في سباق مع الزمن، بينما كان منسوب المياه يرتفع بتصاعد.
اما هاشم عيد الزيادات العبادي الذي قضى نحبه وهو ينقذ 5 اطفال، فقد سجلت بطولته المعلمة في مدرسة فكتوريا، مجد الشراري، التي اكدت في مقابلات عديدة ان دليلهم الزيادات حثها لان تبقى مع مجموعة من التلاميذ الذين طلب منهم ان يصعدوا المرتفعات لينجوا. وعاد الى المياه المتدفقة ليساهم في عمليات الانقاذ حتى دفع حياته ثمنا للمروءة. عمر ووائل العلي، اللذان يرقدان على سريري الشفاء في مستشفى البشير، عاشا فصولا من صراع مع الموت قرب البحر الميت، حين هبا مع شقيقين آخرين لمساعدة منكوبي الفاجعة. كانت كلمات عمر العلي "مشحونة بالاسى والحزن والألم الذي يقض مضجعه، بعد الحادث الأليم الذي أودى بحياة 21 طالباً ومواطناً، حيث كان وأفراد أسرته قد توجهوا من عمان لمنطقة البحر الميت في رحلة عائلية، وأثناء تناولهم لطعام الغداء هناك، تفاجأوا بسيل هادر من الماء في الوادي المجاور، ويصحب معه نحو 4 إلى 5 فتيات، ليهرعوا بالنزول إلى السيل وإخراج الفتيات منه، وبعد أن أتمّوا مهمتهم بدأ السيل يشتد بوتيرة متسارعة وفي وقت قياسي، ليحمل في هذه المرة أعداداً أكبر من الطلبة والأطفال، فما كان من الاشقاء إلا أن هبوا لمساعدة من يمكن مساعدته، خصوصا وأن الأوضاع أخذت تسوء بشكل خارج عن السيطرة، حتى اخذت المياه اثنين من الاشقاء الاربعة فلفظا انفاسهما غرقا.
--(بترا)