بالأمس شقيقتي واليوم جاء دوري ...نورا: "لن أدعه يسرق أولادي مني"
لم يتسنَ لنورا خضرا (33 عاماً) ان تنتهي من تجربة شقيقتها مع السرطان حتى جاء دورها، وكأنه يأبى الرحيل عنهما. هل حقاً يتربص السرطان الى درجة يصعب التخلص منه بسهولة؟ لم يُخطئ من أطلق عليه صفة الورم الخبيث، صامت لا تشعر به ولكنه في داخلك يقتلك على البطيء. كانت نورا تشعر ان في داخلها شيئاً يتهدد حياتها، شكها هذا قضت عليه نتائج الفحوصات التي أكدت انها بصحة جيدة. كانت تعرف جسدها جيداً وكانت تعرف ان هذه الكتلة ليست بريئة فقررت من جديد إجراء الفحوصات مرة أخرى بعد عدة أشهر ...نورا مصابة بسرطان الثدي وبمرحلة متقدمة!
قصص كثيرة تعكس معاناة وتجارب نساء واجهن السرطان بعزيمة وقوة، وفي هذه السطور ستروي لنا نورا خضرا كيف قضت على السرطان قبل ان يقضي عليها ويحرمها من أولادها وعائلتها. الاستسلام أخبث من المرض نفسه، أرادت نورا ان تُشارك تجربتها لتبث إيجابية وتبعث برسالة الى كل امرأة للاهتمام بنفسها وعدم الخوف من اي شيء...حتى السرطان.
بين الشك واليقين
في كانون الثاني أجرت نورا صورة شعاعية، تقول "كنتُ اجري الفحوصات دورياً "على صحة السلامة" و"الحمدلله" كانت النتائج جيدة ولا داعي للقلق. غريب هذا الشعور. كنتُ على يقين ان الفحوصات "نظيفة" ولكنْ في داخلي شكٌ ينمو رويداً رويداً. في أواخر شهر آذار شعرتُ بألم فذهبت الى الطبيب وتوجهتُ الى بيروت لإجراء الفحوصات من جديد وأخذ خزعة. هذا الشك تحوّل بين ليلة وضحاها الى حقيقة مرّة، تلقيت صفعة من الحياة جعلتني أقف مذهولة عند سماع الخبر. ان تكون بين الشك واليقين شيء وان تسمعها من الطبيب شيء آخر".
خذلتها دموعها عندما تأكدت نورا انها مصابة بالسرطان وفي مرحلة متقدمة منه، كان الغضب في داخلها اقوى من كل المشاعر التي كانت تعتريها سابقاً. استرجعت شريط حياتها في لحظات، طفولتها، زواجها وأودلاها جميعهم حضروا امامها في تلك اللحظة. تصف نورا شعورها قائلة "كانت كلمة سرطان ثقيلة وصعبة، لكنني قررتُ ان أتخلّص منه بأي طريقة. تذكرتُ شقيقتي التي اجتازت درب جلجلتها مع السرطان منذ 3 سنوات، وها انا اليوم أقف مكانها لأخوض معركتي مع هذا "الخبيث" الذي يصرّ ان يبقى بيننا. بعد إجراء الفحص الجيني تبين أني أحمل خلايا خبيثة ولدي استعداد للإصابة بالسرطان".
كان علي قتله بأي ثمن
قطعت نورا الشوط الأول بإجراء الجراحة قبل ان تبدأ رحلتها الثانية بعلاج كيميائي للقضاء عليه. مرّت 7 أشهر وهي تحاول ان توازي بين علاجها وحياتها الطبيعية، لم تكن شخصاً مستسلماً او سلبياً، كانت تتمسك بقوتها وعزيمتها ومصرّة على الانتصار على السرطان مهما كان الثمن. تشرح نورا "لم يكن مسموحاً الاستسلام، عندما سمعت بإصابتي بالسرطان اول ما فكرتُ فيه كانت عائلتي، اولادي الصغار (4سنوات و7 سنوات) وزوجي. كان عليّ ان أواجههم بمرضي ولكن بطريقة مبسطة، كنتُ أرفض ان أكذب عليهم ولكني في الوقت ذاته كنتُ مصرّة على شرح الأمور بطريقة سهلة ودون الخوض بالتفاصيل. الحمدلله لم تتأثر نفسيتهم ولعب زوجي دوراً ايجابياً في حياتنا، ساندني كثيراً في لحظات الضعف والتعب".
لنور رسالة مهمة تريد ايصالها، تصرّ على رفع الصوت ومساعدة غيرها، تناشد كل سيدة وامرأة بالقول"لا تخافي من شيء، انها فترة صعبة ولكنها ستمرّ، لن تقفي عندها طويلاً. لا تهملي نفسك وتوجهي عند طبيبك عندما تشعرين بأي خلل. صحيح ان شكلك سيتغير، وستخسرين شعرك ، لكن هذا ليس مهماً مقارنة بالمعركة الكبيرة التي ستفوزين بها امام هذا "الخبيث". عليك ان تفكري ان هذا المرض لن يقتلك إلا اذا استسلمت له. السرطان لا يعني نهاية العالم، الاستسلام هو الموت بحدّ ذاته".
"ما تاخذي المرض حجة"
شغفها بالحياة يجعلك تعشق ان تعيشها بكل فرح، الابتسامة لا تُفارقها وهذا ما جعلها تنتصر عليه في النهاية. برأي نورا "هذا المرض يحتاج الى إرادة وايمان وصبر وعزيمة. المهم ان تثق الإمرأة بنفسها حتى تتمكن من محاربته. هذه المرأة التي تتحمل آلاماً كثيرة ومنها آلام الولادة قادرة على ان تتحمل كل الصعوبات والمطبات". وتختم قصتها قائلة "كل شي بيقطع، ما تاخذي المرض حجة، طلّعي فيه بمنظار تاني وخذي تحدي رح تنجحي انك تقطعي بكل قوتك".