جميلة رغم السرطان
داخل عيادتها الكائنة في وسط العاصمة اللبنانية بيروت والمتخصصة في ترميم آثار العلاج الكيماوي من السرطان ، تستقبل دانيال صفير ، خبيرة التجميل والمكياج الدائم، المرضى بابتسامة تعتبرها جزءاً أساسياً من الهدف الذي تعمل لأجله، وهو إدخال السعادة على قلوب هؤلاء، بعد إجراء الترميم اللازم لهم من تداعيات العلاج الذي كانوا خضعوا له وأسفر عند البعض عن تساقط شعر الحاجبين، أو ترك اصفراراً في الوجه والشفاه وغيرها من الأعراض.
ففي مبادرة فريدة من نوعها، اختارت دانيال صفير أن تتضامن مع مرضى السرطان بطريقتها الخاصة، من خلال إعلانها عن استقبال المرضى وتقديم خدماتها لهم مجاناً خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول، الذي يتزامن مع حملة التوعية العالمية من مرض السرطان.
ولاقت حملة الأخصائية دانيال صفير من أجلترميم آثار العلاج الكيماوي من السرطان ترحيباً في لبنان وخارجه، واهتماماً من وسائل الإعلام ومن الداعمين والمهتمين بمرضى السرطان، فمهمتها على رمزيتها تعتبر مبادرة جميلة لدعم المرضى والتخفيف من معاناتهم ومشاكلهم النفسية على وجه الخصوص، وفق ما تؤكده الشابة الطامحة إلى أعمال أوسع «إذا سمحت الظروف».
وضعت خبراتها في خدمة المصابات الزوجة والأم لولدين في الثانية عشرة من العمر، بدأت عملها في بداية شبابها، وتوقفت لفترة بعد إنجابها توأمين، تقول: «ثم عدت لأُمارس مهنتي بعد أن بدآ بالنضوج، وقد سمعت عن (semi-permanent)، وهي تقنية جديدة «للتاتو» لا تتسبب في أضرار، ولا تخرج دماء و»نستطيع العمل عليها بشكل سطحي ولا نقترب إلى الدرجة الثالثة من الجلد لكي لا تؤذي».
وأضافت: «بدأت اختصاصي بميونيخ في ألمانيا عند معهد (long time liner)، وأكملت في باريس وإيطاليا والبرازيل، وأينما وجد خبير في هذا المجال».
وتتابع: «بدأنا هذا الشهر التعاون مع Lebanese breast cancer العمل على المرضى الذين عولجوا بالكيماوي، وهؤلاء المرضى، وبسبب هذا العلاج تتساقط الحواجب والشعر، أو عند استئصال السيدات لصدورهن يستطعن ترميمها من دون الدائرة الملونة، هذا ما أستطيع فعله أنا، حيث يظهر بشكل حقيقي، من خلال إعادة رسم الدائرة لهن».
شهر أكتوبر.. شهر الأنوثة المفقودة
شهر أكتوبر/تشرين الأول معروف عالمياً بشهر التوعية، أرادت دانييل إلى جانب التوعية أن تساعد السيدات على ترميم آثار العلاج الكيماوي من السرطان والعودة إلى بعض من أنوثتهن التي يخسرنها في العلاج القاسي ، من خلال الشكل وتساقط شعورهن.
واختارت هذا الشهر لمساعدة المرأة على رفع معنوياتها، وأن تسترجع شكل حواجبها ورموشها وعيونها ونضارة الشفاه التي خسرتها في العلاج الكيميائي.
وتضاعف عدد المشاركين في هذه الحملة، خاصة بعد الفيديو الذي نشرته دانييل عن المريضة ماريا، وكيف عملت على معالجتها وإعادة رونقها بعد إصابتها بمرض السرطان ومعالجتها بالكيماوي.
وقد شجَّع هذا الفيديو الكثيرين الذين بدأوا بزيارتها للعلاج، ومن المعروف أن المرأة تتأثر نفسياً بشكلها، وخصوصاً عند بدء خسارة شيء منه في العلاج، وهذا ما نقوم على إصلاحه، علماً «أنني حتى الآن لم أستقبل سوى النساء، ولم يأت رجل، ولكنني أيضاً مستعدة لعلاجه إن أتى». تؤكد خبيرة التجميل.
مكافأتي ضحكتهن بعد الترميم
وحسب خبيرة التجميل فإن لكل امرأة قصة مؤثرة، سواء كانت الشابة التي عمرها 28 سنة التي أصيبت وتُعالج، أو المرأة الأم التي تصارع المرض ولديها أولاد «دوري أن أساعدها وأعيش معاناتها وأرى وجعها وصفرتها، فكل واحدة منهن تعني لي الكثير، وهناك الكثير من القصص المؤلمة والمؤثرة وأفضّل عدم ذكرها».
وتؤكد خبيرة التجميل أن العطاء في حد ذاته يجعلك تشعر بالفرح، وخصوصاً بعد نظر المصابة إلى المرآة، فترى أنها استعادت نضارتها ولونها وحواجبها، وعندما ترى أنها رسمت البسمة على وجوههن فهو كل الفرح بالنسبة لها.
وختمت دانييل بأن لبنان مشهور بعيادات التجميل، وطالبت كل أخصائي يعمل في هذا المجال بأن يتقن عمله، وأن يطور نفسه لأنه مؤتمن على أغلى شيء عند الإنسان وهو شكله، خصوصاً أنهم في عملهم اليومي يواجهون الكثير من الحالات الناتجة عن عمليات تجميل سابقة، ويعملون على إعادة ترميمها «المطلوب الخبرة والضمير أكثر لكي نحافظ على هذه المهنة».عربي بوست