"الريفي".. طفل استسلم للموت بعد 4 سنوات من مقاومة الجريمة
صفا
أربع سنوات عصيبة ملؤها التشبث بالحياة قضاها الطفل محمد نصر الريفي متنقلًا بين المشافي أملًا في الشفاء، لكن أثر الجريمة الإسرائيلية كان أكبر من أن يتحملها جسده النحيل؛ فاستسلمت روحه إلى بارئها أخيرًا.
كان ألمه شديدًا لكنه كان يُخفيه خلف ابتسامة لم تفارق شفتيه. كان متفائلًا إلى أبعد الحدود، مُصرًا على النجاة من موت ترصده لأكثر من 1500 يوم.
أصيب الطفل الريفي (14 عامًا) بشلل رباعي جراء قصف إسرائيلي استهدف منزله شرقي حي التفاح شرقي مدينة غزة خلال العدوان الإسرائيلي صيف عام 2014م؛ في حين استشهد والدهوشقيقه التوأم وأربعة أطفال من أبناء عمومته.
كانت صدمة والدته هبة الريفي لا توصف بفقد زوجها وأحد أطفالها، لكن بقاء "محمد" ابنها البكر على قيد الحياة، رغم إصابته بالشلل الرباعي، بعث فيها أملًا لتحيا من أجله.
رحلة معاناة
بدأت رحلة معاناة الطفل الريفي منذ إصابته في 21 أغسطس 2014 بكسر في الفقرة العنقية الثانية، الأمر الذي أدى إلى قطع في الحبل الشوكي؛ نتج عنه شلل رباعي كامل.
منذ إصابة الطفل الريفي في القصف الإسرائيلي غاب عن الوعي لثلاثة أشهر، وبعدما استيقظ لم يستطع تحريك جسده بالكامل سوى شفتيه؛ ما استدعى تحويله إلى مستشفى المقاصد بمدينة القدس المحتلة، ولم يطرأ تحسن على حالته هناك.
بعد شهرين من إفاقته ركّب الأطباء له جهاز تنفس اصطناعي خارجي بسبب صعوبة تنفسه بفعل شظايا القصف الإسرائيلي التي أصابت كليتيه.
بعد أربع سنوات من التشبث بالحياة، وتلقي العلاج في مشفى "الوفاء" بغزة، فاضت روح محمد لتنكأ جراح عائلة الريفي بعد المجزرة التي ارتكبها الاحتلال بحق ستة من أبنائها.
تقول والدة الطفل والأسى بادٍ عليها لمراسل وكالة "صفا": "استشهد توأم محمد وكذلك زوجي خلال العدوان، وأملت من الله أن يتعالج محمد ويبقى سندي بالحياة، لكن الله أخذ أمانته، ولا أقول إلاّ حسبنا الله ونعم الوكيل".
وقدّمت الوالدة عديد المناشدات للحكومة والرئيس محمود عباس للسماح بسفر نجلها إلى الخارج للعلاج، وتركيب جهاز تنفس صناعي داخلي ليتعافى نجلها؛ لكن محاولاتها باءت بالفشل، كما تقول.
حصار قاتل
ويعبّر طبيب الطفل وائل خليفة عن أسفه لاستشهاد الطفل الذي لازمه في العلاج طيلة أربع سنوات، مشيرًا إلى أن الإصابة أنهكت جسده البريء.
ومكث الطفل الريفي في مشفى الوفاء منذ 30 نوفمبر 2014 وخضع لمتابعة حثيثة وعلاج بالمسكنات وجلسات تدليك، وفق ما تحدث به الطبيب لمراسل وكالة "صفا".
ويلفت إلى أنه "لو سنحت الفرصة منذ بداية إصابة الطفل الريفي للسفر للخارج للعلاج لكانت حالته أفضل؛ لكن الحصار قاتل ضيّق على مرضانا الحياة".
ويستذكر طبيبه المعاناة التي كان يتعرّض لها الطفل بالمشفى جراء انقطاع التيار الكهربائي بين الفينة والأخرى عن جهاز التنفس الاصطناعي؛ الأمر الذي يُحدث له مضاعفات عديدة.