هذه الأقراص بها سمٌّ قاتل.. حبوب حمية خطيرة تباع على الإنترنت، ولكن لماذا يقبل عليها البعض رغم معرفتهم بأضرارها؟
جو 24 :
خسرت أربعة كيلوغرامات من وزنها في ثلاثة أيام بفضل هذه الحبوب، إنها معجزة جعلتها تتحمل الشعور بالارتجاف الذي أصابها، ولكن من حسن حظها أنها توفقت عنها فقد تبين أنها حبوب حمية خطيرة. عندما لجأت إلين غورملي إلى حبوب إنقاص الوزن، كانت تشعر باليأس، فلجأت مثل غيرها لشراء حبوب حمية من على الإنترنت ثم سرعان ما تبين أنها حبوب حمية خطيرة، حسب ما ورد في تقرير صحيفة The Guardian البريطانية. أنواع متعددة من هذه الأقراص، يتم تداولها بشكل واسع على الإنترنت رغم أنها تحوي مواد خطيرة، والبعض لا يعلم أنها محظورة، بينما هناك من هو على استعداد للمخاطر بتناول حبوب خطيرة من أجل أن يفقد بضعة كيلوغرامات.
حبوب حمية خطيرة متاحة للجميع
كانت إلين من بلدة بيليك في مقاطعة فيرمناغ بشمال أيرلندا تعاني من السمنة منذ طفولتها، وبعد أن فقدت الكثير من الوزن وهي في أوائل العشرينيات. وبحلول عام 2012، بعد انفصالها عن الشخص الذي أحبته وخضوعها لعملية، استعادت الفتاة البالغة من العمر 29 عاماً الذي فقدته كاملاً، ويبلغ 66 كغم، ليصبح وزنها في ذلك العام 136 كغم. تقول إلين: «لقد فقدتُ قدرتي على التركيز». «شعرتُ أنَّني غير محبوبة. أخبرني صديق أنَّ شقيقته قد جرَّبت هذه الحبوب المسماة ديكسابرين Dexaprine. وأنَّها حصلت عليها عبر الإنترنت. أخبرته أنَّني سوف أجرِّبها. فقد سمعت أنَّها حصلت على نتائج مذهلة».
سوف أصاب بنوبة قلبية.. أعراض جانبية مزعجة
بعد أن طلبت الحبوب من موقع Amazon، بدأت إلين تعاني من آثار جانبية مزعجة فور تناولها. وتقول: «في غضون دقائق، بدأتُ أتصبب عرقاً شديد السخونة، لم أكن حتى أتحرك». تضيف قائلة «كان العرق يتصبب بغزارة. لكنِّي في نفس الوقت شعرتُ ببرودةٍ شديدة، وبدأ قلبي يخفق في عنف. وعندما ذهبتُ إلى عملي، شعرتُ بيدَي ترتعشان».
بعص حبوب الحمية تشكل خطورة كبيرة على الصحة/ISTOCK
تحمَّلت الآثار الجانبية لمدة ثلاثة أيام، ووزنت نفسها في اليوم الثالث. اكتشفت أنَّها فقدت أربعة كيلوغرامات. وتقول: «قلتُ في نفسي: هذه هي المعجزة التي كنتُ أنتظرها. لكن في اليوم الرابع، أخذتُ القرص وبدأتُ أشعر بألم رهيب في صدري. ظننتُ أنني سأصاب بنوبة قلبية».
«لم يكن أمامي خيار سوى أن أدخل أصابعي إلى أسفل حلقي لإجبار نفسي على التقيؤ، لإخراج القرص».
وتبين أنها محظورة في عدة بلدان.. فهي أحياناً تكون قاتلة
أخبرت غورملي والدتها، فتخلصت من الحبوب، لحسن حظها. إذ أن ديكسابرين هو مكمل غذائي قوي يحرق الدهون ويولِّد حرارة، وهو محُظِور حالياً في المملكة المتحدة وهولندا. وهو يحتوي على مشتق الأمفيتامين (DMAA(1,3-dimethylamylamine، الذي يرتبط بالاضطرابات النفسية والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وتسبب ديكسابرين عام 2012 في وفاة العدَّاءة كلير سكوايرز (30 عاماً) التي شاركت في ماراثون لندن، والتي قضت نحبها على بعد ميلٍ واحد من خط النهاية. وفي عام 2014، أعلن العلماء الهولنديون أنَّهم وجدوا «مجموعة من المنشطات الاصطناعية» في هذا المكمل الغذائي.
ادعاءات خرافية تغري بالشراء.. ولكن قلبك قد لا يحتملها
يشتري الآلاف من الناس حبوب إنقاص الوزن غير المشروعة كل عام عبر الإنترنت، وتغريهم الادعاءات الخرافية بقدرتها على إنقاص الوزن بسرعة. إذ يشتري واحدٌ من كل ثلاثة ممن يسعون إلى فقدان الوزن الحبوب عبر الإنترنت، وفقاً لاستطلاع الرأي المشترك FakeMeds الذي أجرته الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية بالمملكة المتحدة (MHRA) ومنظمة Slimming World.
ويقول داني لي فروست، رئيس قسم الإنفاذ في MAHRA محذراً: «أنت ببساطة لا تعرف ما تدخله إلى جسمك». فالعديد من حبوب إنقاص الوزن لها تأثير يشبه تأثير الأمفيتامين، وهي تزيد من معدل ضربات القلب». وإذا كنت تعاني ضعفاً في قلبك، فأنت في ورطة. وإذا كنت لا تعرف شيئاً عن ذلك، فستعرف بمجرد البدء في تناولها».
والبعض يلجأ إليها رغم معرفته بخطورتها
قد تؤدي الرغبة الشديدة في إنقاص الوزن إلى تهور الأشخاص الذين يتسمون بالعقلانية في الجوانب الأخرى من حياتهم. إذ قال 4 من أصل 10 أشخاص ممن شملهم الاستطلاع أنَّهم يستخدمون حبوب إنقاص الوزن مع علمهم بوجود مخاطر صحية. في حين ينخدع آخرون بمواقع الإنترنت البرَّاقة التي تعطي تأكيداتٍ زائفة بأنَّ مكونات منتجاتها «طبيعية». والنتيجة حبوب حمية خطيرة كثيرة تباع على الإنترنت، وتجد لها أعداداً كبيرة من الزبائن.
خسرت زوجها بسبب السمنة فقررت البحث عن حل
هذا ما حدث لسو غولدر (51 عاماً)، وهي مصففة شعر من هاتفيلد في هيرتفوردشاير بإنكلترا. كانت غولدر تعاني زيادةً في الوزن عندما كانت شابة. وتضاعف وزنها بسبب حملها ثلاث مرات وأعباء الحياة الأسرية، لكنَّها لم تدرك أنَّها مضطرة لاتخاذ إجراءٍ صارم إلا بعد أن فقدت زوجها.
هوس التخسيس يمثل عبئا نفسياً كبيراً خاصة على النساء/ISTOCK
تقول سو: «كل ما قرأته وشاهدته على التلفاز يقول إنَّ السمنة مرتبطة بكل أنواع السرطانات التي يمكن تخيلها. ودفعني فزعي من الفكرة إلى التفكير: لابد أن تفعلي شيئاً ما، لم يعد لهؤلاء الأطفال سواكِ الآن». وتضيف: «ذهبتُ إلى أطبائي. جلستُ أمامهم باكيةً وطلبت مساعدتهم. لقد كانوا متعاونين».
ولكن كل ما قالوه: أنتِ بحاجةٍ إلى ممارسة المزيد من التمارين الرياضية وتناول كمياتٍ أقل من الطعام. غير أنه لم يكن الحل السريع الذي أردته، بالنسبة إلى غولدر. تقول «لقد بحثتُ في جوجل عن حبوب إنقاص الوزن، وظهرت الكثير من المواقع». وأضافت «رأيتُ في الموقع الذي لفت انتباهي طبيباً كان يحمل سماعةً حول عنقه». قالت في نفسها: قد يكون ذلك مناسباً. لم تكن تعرف أنَّ الأشخاص قد يطلقون كل هذه المواقع الزائفة. تفحصتُ غولدر الموقع ووجدت ذلك الاستبيان الذي بدا رسمياً. تقول «كان من السهل جداً أن أطلب الحبوب ببطاقة الائتمان الخاصة بي».
أطفالي سيجدوني جثة هامدة.. حادثة مرعبة أوقفتها
تناولت غولدر الحبوب لمدة ثلاثة أسابيع قبل أن توقفها حادثةٌ مرعبة. وتقول عنها: «كنتُ هنا وحدي، كان أبنائي جميعاً في المدرسة، انتابني شعورٌ فظيع، هاجمني وكأنَّه موجة. ظننتُ أنَّني سأمرض. شعرتُ بساقَيّ ترتجفان، كنتُ أرى نقاطاً فضية تحوم حول رأسي، وقلتُ في نفسي: يا إلهي! سأقضي نحبي. سيجدني أطفالي جثةً هامدة ملقاة على الأرض».
كانت الحبوب التي تناولتها غولدر تسمى ريدكتيل Reductil (ريدكتيل)، وتحتوي على مادة سيبوترامين المحظورة في الوقت الحالي. وعام 2010، وجدت دراسة سريرية كبرى عن العلاقة بين مادة السيبوترامين وأمراض القلب والأوعية الدموية أنَّ المخاطر المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تسببها مادة سيبوترامين تفوق فوائدها.
ورغم حظرها في الاتحاد الأوروبي فإنها تحظى بشعبية كبيرة
وعلى الرغم من حظرها في دول الاتحاد الأوروبي قاطبةً، ورغم صدور تقارير عدة عن آثارها الجانبية المزعجة، فإنها لا تزال متاحة على نطاقٍ واسع عبر الإنترنت. ففي عام 2012، أُصيب مراهقٌ أيرلندي بالتهاب القولون الإقفاري، وهو تورم شديد في الأوعية الدموية التي تغذي الأمعاء، بعد تناول حبوبٍ تحتوي على تلك المادة. يقول لي فروست رئيس قسم الإنفاذ في الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية بالمملكة المتحدة إنَّ مادة سيبوترامين تشكل تهديداً خطيراً. ويوضح: «لاقت أقراص ريدكتيل إقبالاً كبيراً، وكانت تُباع في جميع أنحاء العالم. كانت تحظى بشعبيةٍ كبيرة، ثم جاءت تقارير عن وقوع حوادث غير متوقعة. سكتات دماغية ونوبات قلبية. وسُحبت هذه الحبوب من الأسواق لاحقاً، فقد تبين أنها حبوب حمية خطيرة.
إذ أن هناك بدائل تُصنع في الصين
ولكن لا يزال بإمكانك العثور على السيبوترامين على الإنترنت عبر بدائل أخرى لحبوب ريدكتيل. إذ أصبحت المصانع الصينية تنتج كمياتٍ ضخمة من هذه الحبوب الحمية الخطيرة. فالإنترنت أصبح مجالاً لبيع حبوب حمية خطيرة متعددة، ولم تعد تقتصر على أقراص ريدكتيل وغيرها من الأنواع المشهورة.
هوس التخسيس يدفع البعض لتناول حبوب حمية خطيرة تباع على الإنترنت/ISTOCK
ويقول لي فروست «لا ينبغي أن يباع هذا المنتج، فهو غير مرخص». ويقول فروست»صراحةً، سيبوترامين، هي مثال سيئ السمعة يخرج من الصين».
وهو عبارة عن شريط أقراص على شكل قوام الساعة الرملية ومادة السيبوترامين مذكورة ضمن مكوناته، لكن البعض الآخر لا يشير إلى ذلك على الإطلاق. ويقول لي فروست: «لديك حبوب وكبسولات وأقراص تقول عنها إنَّها طبيعية وآمنة وعشبية. لكن عندما حللناها وجدنا أنَّها تحتوي على سيبوترامين أكثر مما تحتويه حبوب ريدكتيل الأصلية المحظورة». ومن الأمثلة الخطيرة على ذلك حبوب أدوكي Aduki لإنقاص الوزن، التي يُزعَم أنَّها طبيعية تماماً. إذ صودر أكثر من 28 ألف من تلك الحبوب في حملة مداهمة في مانشستر عام 2016.
ومشاهير إنستغرام يفاقمون المشكلة عبر صورهم
مشاهير إنستغرام يفاقمون المشكلة من خلال عرض أجسادهم المتناسقة وأنماط عيشهم الرغدة، والحديث عن استخدامهم لحبوب إنقاص الوزن، حسبما يقول لي فروست. فبعد أن كنا نراهم على صفحات المجلات الفاخرة فحسب، أصبحنا الآن نرى «أشخاصاً حقيقيين» يقولون لنا إنَّنا جميعاً قادرون على أن نمتلك أجساد عارضي الأزياء . ونتيجة لذلك عانت النساء من ضغوطات الحصول على القوام «المثالي» على مدى عقود، فلجأت بعضهن إلى شراء حبوب حمية خطيرة من على الإنترنت دون دراية.
ومفهوم الجسد المثالي بدأ يؤثر بشكلٍ متزايد على الرجال أيضاً
تقول فتاة -فضلت عدم الكشف عن اسمها- إنها تتناول العديد من حبوب إنقاص الوزن التي اشترتها عبر الإنترنت مع حبيبها، الذي كان مهووساً مثلها بامتلاك قوام نحيف ومتناسق. وكانت البداية عندما كانا يعملان في متجرٍ لبيع الملابس، ونصحهما بعض عارضي الأزياء ممن يعملون هناك بتناول تلك الحبوب.
ولم تعد القضية مجرد حبوب حمية خطيرة على الصحة تُباع على الإنترنت، بل أصبح هناك ضحايا فقدوا حياتهم بسببها.
فالبعض يموت من أجل عضلات البطن الست
ففي عام 2017، توفي ليام ويليس (24 عاماً)، بسوانسي في ويلز بالمملكة المتحدة بعد تناوله حبوب إنقاص الوزن التي تحتوي على مادة دينيتروفينول (2.4-dinitrophenol (DNP، التي تُسرِّع عملية الأيض بمستوياتٍ خطيرة. وقبل عامين، تسببت الحبوب التي تحتوي على مادة DNP، في وفاة إلويس باري من بلدة شروزبري بغرب إنكلترا. وقد حُكم بالسجن 7 سنوات على التاجر الذي باع هذه الحبوب في وقتٍ لاحق. وتسببت المادة الكيميائية نفسها أيضاً في مقتل طالب المدرسة نجم الرغبي كريس مابليتوفت (18 عاماً)، عام 2013. وقالت والدته ليزلي لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC» بعد التحقيق في سبب وفاته: «لم تكن لوفاته علاقة بالرغبي على الإطلاق. ولم تكن بسبب الرياضة على الإطلاق. أعتقد أنَّ السبب بالكامل يرجع إلى رغبته في امتلاك العضلات الست في البطن، لا ينبغي أبداً أن يضطر أحد الوالدين إلى دفن فلذة كبده، ليس بسبب شيءٍ كهذا».
كما أن هناك من أصابه جنون الارتياب
أمَّا جوش هيويت (20 عاماً)، من ريتش هيل في مقاطعة أرماغ شمال إيرلندا، فتوقَّف لحسن الحظ عن تناول الحبوب التي اشتراها من موقع EBay قبل أن تُلحق به ضرراً جسيماً. لكن، كان لهذه الحبوب تأثير ضار على صحته النفسية. إذ تسببت في شعوره بجنون الارتياب والقلق (بعض حبوب إنقاص الوزن كُشِفَ عن ارتباطها بالنوبات الذهانية)، وأدت إلى زيادة وزنه كذلك. ويشير هيويت، وهو مُدوِّن الفيديو اللامعُ، إلى الدور الذي أدته الشبكات الاجتماعية في اتخاذ قراره تناولها. إذ يقول: «هناك ضغوط تأتي من الإنترنت، يبحث الأشخاص عن مزيد من الإعجابات، ويريدون أن يظهروا في الصور بأفضل شكل».
فالمشكلة أن الرجال لا يستطيعون حتى البوح بمشاعرهم كالنساء
وقد واجهت هيويت دائماً مشكلةٌ في الوزن، وعانى تدنِّي تقديره ذاته. لكنَّه لم يبُح بمشاعره لأي شخص.
هوس التخسيس موجود عند العديد من الرجال ولكن المشكلة أنهم لايبوحون بمشاعر الضيق التي تنتابهم/ISTOCK
يقول هيويت: «ترى الفتيات على شاشات التلفاز يتحدثن عن افتقارهن إلى الثقة، بسبب أجسادهن. لكنَّك كرجل لا تملك الشجاعة لقول ذلك». ويضيف: «لا تريد أن يفكر فيك أحدهم بطريقة دونية، وبما تمر به. إنَّها مشكلة كبيرة بالنسبة للرجال».
ما الذي يمكن عمله لكبح سوق تلك الحبوب؟
تتدفق الآلاف من الحبوب غير المرخصة إلى المملكة المتحدة، ويوزعها أشخاص بعيدون تماماً عن الشركات المصنّعة في آسيا. بعض هؤلاء بريطانيون يُدفع لهم مقابل «العمل من المنزل»، ويُوقعون على تسلّم حزم الأدوية. ويوجد الموزعون الآخرون في بريطانيا بشكلٍ غير قانوني. وقد صادرت الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية «MHRA» ما تبلغ قيمته 5 ملايين دولار تقريباً من حبوب إنقاص الوزن منذ أبريل/نيسان عام 2013. وهي تعمل على أساس توجيهات جهاز تحديد المواقع، وعمليات الشراء التجريبية، وتتبع الطرود والمعلومات السرية من قوة الحدود وهيئة البريد الملكية.
والأماكن التي توجد فيها هذه الحبوب مثيرة للاشمئزاز
عندما تشن الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) حملات على أماكن تلك الحبوب إلى جانب الشرطة، فإنَّ المشاهد التي تصادفها يمكن أن تكون مزعجة
للغاية، إذ لا توضع هذه الحبوب في مختبرات نظيفة. ويقول لي فروست رئيس قسم الإنفاذ في وكالة (MHRA): «ينتشر رماد السجائر في كل مكان، وترى زجاجة خمر جوني ووكر، وبقايا كباب. وتستقر أشرطة الحبوب المفتوحة على الطاولة… إنَّهم لا يبالون بالنظافة».
والحل في إقناع مدمني هذه الأقراص بأنها ليست قاتلة فقط ولكن أماكن إعدادها كريهة أيضاً
«كان هناك 6 أشخاص يعيشون في غرفةٍ واحدة بسرير مزدوج. كانت الغرفة كريهة الرائحة». هكذا يصف فروست مكاناً مخصصاً للتجارة في هذه الحبوب تمت مداهمته من قِبل وكالته. يقول: «كانت الغرفة تضم مرحاضاً واحداً وكان مثيراً للاشمئزاز. لم أكن أرغب في لمسه حتى وأنا أرتدي القفازات». ويضيف: «لو علم عدد أكبر من الناس بتلك الظروف التي تخزَّن فيها هذه الحبوب، فقد ينخفض احتمال شرائهم لها». ويرى أن «هناك أمراً واحداً واضحاً: التركيز فقط على الآثار الجانبية لهذه الحبوب، حتى مع إمكانية تسببها في مقتلك، ليس رادعاً كافياً».
فالشباب لا يأبه كثيراً بفكرة أنها تمثل خطراً على حياته
«كنتُ أعرف أنَّ هناك مخاطر، لكن ما كان يعنيني أكثر حينها أن أصبح نحيفة»، هكذا تصف سيدةٌ طريقة تفكيرها عندما تناولت حبوب حمية خطيرة في شبابها. تقول: «لقد فعلتُ الكثير من الأشياء التي لا يمكنني أن أصفها بأنَّها صحية». وتضيف: «فعندما تكون صغيراً في السن، تبدو الإصابة بأي مشاكل صحية مستبعدة تماماً. والآن فقط أُخبر نفسي جدياً: (يا إلهي، عليّ أن أبدأ في اتباع نمط حياة صحي). لكن قبل 10 سنوات، كانت النتيجة الفورية أهم بالنسبة لي». وتصف نفسها بأنَّها كانت «مهووسة» بفكرة أن تصبح نحيفة. وتقول: «إذا كنتَ شاباً يتعامل مع الطعام بطريقة غير صحية على أي حال، ولا تتبع معايير تناول الطعام العادية، فلا يمكنك أن تشعر بالنفور من تناول الحبوب. كانت هذه مخاطرة أرغب في خوضها». بعبارةٍ أخرى، أن تصبح نحيفة كان أهم بالنسبة لها من أي شيءٍ آخر. فالبعض يعتبر السمنة أسوأ من التغوط
البعض يعتبر السمنة أسوأ من التغوط في ملابسهم
سيدة أخرى عملت في مجال العلاقات العامة بقطاع المستحضرات الطبية، تكشف كيف أصبحت السمنة تمثل عبئاً نفسياً على النساء. روت هذه السيدة تجربتها في العمل بالترويج لحبوب إنقاص وزن قانونية معروفة، والتي كشفت ملاحظات صادمة.
محاولة التخلص من السمنة تدفع بعض النساء لتصرفات خطيرة/ISTOCK
تقول: «هناك موقف لا يزال عالقاً في ذهني عندما كنتُ أجلس لمراقبة مجموعة مناقشة لاستطلاع رأي مكونة من 10 نساء يناقشن تجاربهن مع حبوب إنقاص وزن معروفة منافسة. إذ تحدثن جميعهن بسعادة عن أسوأ الأماكن التي كن يتغوطن فيها بملابسهن، في محل البقالة، بحفل عشاء، في العمل. في أماكن لايمكن تخيلها. «كن يعتقدن أنَّ ذلك سيساعدهن على إنقاص الوزن، واستمررن في تناولها، مستخدمات المناشف الصحية لحمايتهن من الإسهال، وعشن في قلقٍ دائم». «وكن يتبادلن أطراف الحديث عن هذا الأمر بارتياح بالغ، كما لو كان عبئاً ضرورياً يُلازم المرأة البدينة». إنَّ تجاربها تشير إلى أن وصمة السمنة جعلت بعض النساء يعتبرن أن زيادة الوزن تعتبر أسوأ من التغوط في ملابسهن.
إن المشكلة في مقاييس الجمال اللعينة هذه
تحدث معظم مستخدمي حبوب إنقاص الوزن عن تدني تقديرهم ذاتهم، سواء أكانوا يعانون زيادة الوزن أم لا . شعر الكثيرون منهم بالعزلة، وكان ينتابهم شعورٌ بالخزي يمنعهم من البوح للآخرين. وتقول الطبيبة النفسية سوزي أورباخ إنَّنا نحتاج إلى «تنويع مقاييس الجمال اللعينة«. فنظرة المجتمع إلى الجمال الجسدي ذكوراً وإناثاً لا تزال في اتجاهٍ واحد. ويعمل المشاركون في حملة الجسد الإيجابي Body positive على تغيير هذا، لكن لا يزال هناك طريق طويل يجب قطعه.
حملة Body positive تشجع على تغيير معايير الحمال/ISTOCK
تتساءل أورباخ: «كيف نوقف انجذاب الناس إلى هذه الحبوب». المشكلة في أنَّها ليست حالة فردية، لكنها واسعة النطاق، ما يعني أنَّنا بحاجة إلى مساعدة الآباء والمعلمين على التعامل بهدوء مع الطعام والأجساد، حتى لا يصير شغلهم الشاغل إدمان أبنائهم الحِمية. ويتجه المهووسون بالتخسيس، من ثم، إلى شراء حبوب حِمية خطيرة من على الإنترنت. تقول: «نحن بحاجة إلى التصدي للمفهوم الضيق للسياسة الحكومية المُضحكة حول البدانة. وتضيف: «نحن بحاجة إلى مقاضاة شركات حبوب إنقاص الوزن، بسبب إعلاناتها الكاذبة، ولإظهار الأجسام المتحركة والنشطة بكل الأحجام، مثلما فعلت الحملة التي أطلقتها هيئة الرياضة الإنكليزية تحت عنوان This Girl Can. نحتاج أن نبدأ بالتشكيك في الفهم المحدود لمفهوم الجمال ومفهوم أنَّ الجسم هو كل شيء».
وعليك أن تعلم أن الطريق الطبيعي للتخسيس مرهق ولكنه آمن
أخيراً، تمكنت غولدر وغورملي من فقدان وزنيهما الزائد بطريقةٍ صحية، بفضل منظمة Slimming World. ويتبع المدون هيويت حميةً غذائية أكثر توازناً، ويصطحب كلبه لتشجعيه على ممارسة المزيد من رياضة المشي. لم يحقق لهم هذا الطريق الطبيعي الوعدَ بحدوث تحوّل يشبه المعجزة ما يرمون إليه. ولكن لحسن حظهم أنَّهم توقفوا في الوقت المناسب عن تناول تلك الحبوب قبل أن يصيبهم ما هو أسوأ. غير أن حالاتهم توضح كيف أنَّ المستهلكين يعرفون القليل عن الأقراص التي يشترونها، إنها حبوب حِمية خطيرة وأحياناً قاتلة.
عربي بوست