الحاجة لـ «سحب» أو «رد» مشروع قانون «المعلومات»
عريب الرنتاوي
جو 24 : أجمع مشاركون، يمثلون أكثر من ستين حزبا سياسيا ومنظمة مدنية وعشرات الشخصيات النيابية والأكاديمية والحقوقية، الذين التقوا في مؤتمر «نحو ائتلاف مدني لإصلاح التشريعات الإعلامية» الذي أنهى أعماله بالأمس، بمشاركة نواب وخبراء من تونس ومصر والمغرب واليمن..أقول أجمع المشاركون على الحاجة لإدخال تعديلات جوهرية على قانون ضمان الحصول على المعلومات، تتخطى التعديلات الطفيفة التي أضافتها الحكومة إلى مشروع القانون المقدم لمجلس النواب السابع عشر في دورته الاستثنائية الحالية.
وأمام هذا الإدراك العميق لأهمية تحقيق إصلاح جذري في نصوص التشريع المذكور، وبعد ست سنوات تقريباً من اختبار القانون، بات يتعين على الحكومة سحب مشروع القانون، وعلى البرلمان التصويت على رده للحكومة، باعتباره لا يشكل مدخلاً مناسباً لإنجاز التعديلات الجوهرية المطلوبة..فالنواب، ملزمون بقصر مناقشاتهم للبنود التي أوصت الحكومة بتعديلها أو إضافتها وشطبها، وخارج هذا «التفويض» لا يحق لهم التصرف، الأمر الذي يستوجب اللجوء إلى خياري «السحب» أو «الرد».
لقد بدا واضحاً لكل أعمى وبصير، أننا وإن كنا الدولة الأولى عربياً التي تتبنى مشروع قانون يطلق الحق بالحصول على المعلومات، إلا أن دولاً لحقت بنا، وجاءت بتشريعات أفضل مما نملك..تجيز لكل شخص (وليس لكل مواطن) فرداً كان أم مؤسسة، أن يطلب المعلومات التي يريدها، وبأقل الأكلاف والتعقيدات الممكنة، ومن دون حاجة لتبرير طلبه هذا.
كما أن تشريعات عربية، دع عنك الدولية المستوفية لمعاييرها، تفرض عقوبات وجزاءات على الموظف العمومي الذي يرفض الإفصاح عن المعلومات وتوفيرها، وبالأخص أولئك الذين يعمدون إلى إتلاف المعلومات وإهلاكها، خشية وصولها إلى الرأي العام أو جهات الرقابة الدستورية والمجتمعية المختلفة..قانوننا خالٍ من أي إشارة إلى هذه المسائل.
لكن اتضح من النقاشات الغنية والساخنة حول القانون وتطبيقاته، وما شابهه من تشريعات نافذة في دول عديدة، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن المشكلة التي تواجهها حرية تدفق المعلومات، لا تكمن في هذا التشريع فقط، فثمة تشريعات أخرى تأخذ بيد، ما يمنحه القانون الخاص باليد الأخرى..فقانون أسرار ووثائق الدولة الساري، يسلب الأردنيين حقاً كفله لهم، قانون ضمان الحصول على المعلومات، فأي القانونين أولى بالنفاذ وجوباً ؟!.
وفي دراسات واستطلاعات للرأي، وفي تجارب لاختبار القانون في التطبيق، ثبت بالملموس أن معظم دوائر الدولة ليست جاهزة بعد، لتطبيقات هذا القانون، وكثيرٍ من الموظفين العمومين، لم يسمعوا عنه أو لا يعرفون عنه الشيء الكثير..ما استدعى التوصية بأن يتزامن إقرار مجلس النواب لأي تشريع، بطلب الحصول على «الأنظمة والتعليمات والموازنات» الكفيلة بإنفاذه، وإلا كرّسنا من دون أن ندري، فجوة كبيرة بين التشريع والتنفيذ، وأبقينا على غير إرادتنا، قوانيننا وتشريعات معلقة في الهواء.
ضعف الطلب على المعلومات، مشكلة أخرى تواجه إنفاذ الحق بالحصول على المعلومات..وهو ضعف ميز أداء الجسم الإعلامي والصحفي، فضلاً عن بقية قطاعات المجتمع المدني والحزبي والأكاديمي، وتمس الحاجة اليوم، إلى تأهيل هذه القطاعات ورفع طلبها على المعلومات، وبما يخدم أهداف رسالتها وتفويضها.
إقبال العشرات من المنظمات والأحزاب والشخصيات على الانضواء في «إطار الائتلاف المدني لإصلاح التشريعات الإعلامية - إفصاح»، وإبداؤها الاستعداد للانخراط في «مغامرة» اختبار القانون وصولاً للقضاء، والإسهام بنشر الوعي بـ»ثقافة المعلومة»، والخضوع لعمليات تدريب وتأهيل لإنجاز هذا الغرض، وسعيها لنقل التجربة من المستوى الوطني العام إلى مستوى المحافظات والبوادي والمخيمات، إنما يدل على «عودة الوعي» لأهمية إصلاح التشريعات الإعلامية، بوصفها حلقة رئيسة في مشروع الإصلاح السياسي والتحوّل الديمقراطي، فضلاً عن تنامي الإدراك بأن إنجاز هذه المهمة، لا يقع على عاتق الصحفيين والإعلاميين وحدهم، بل هي وظيفة مختلف الأحزاب والمنظمات والهيئات والفاعلين والأكاديميين والحقوقيين وغيرهم.
(الدستور)
وأمام هذا الإدراك العميق لأهمية تحقيق إصلاح جذري في نصوص التشريع المذكور، وبعد ست سنوات تقريباً من اختبار القانون، بات يتعين على الحكومة سحب مشروع القانون، وعلى البرلمان التصويت على رده للحكومة، باعتباره لا يشكل مدخلاً مناسباً لإنجاز التعديلات الجوهرية المطلوبة..فالنواب، ملزمون بقصر مناقشاتهم للبنود التي أوصت الحكومة بتعديلها أو إضافتها وشطبها، وخارج هذا «التفويض» لا يحق لهم التصرف، الأمر الذي يستوجب اللجوء إلى خياري «السحب» أو «الرد».
لقد بدا واضحاً لكل أعمى وبصير، أننا وإن كنا الدولة الأولى عربياً التي تتبنى مشروع قانون يطلق الحق بالحصول على المعلومات، إلا أن دولاً لحقت بنا، وجاءت بتشريعات أفضل مما نملك..تجيز لكل شخص (وليس لكل مواطن) فرداً كان أم مؤسسة، أن يطلب المعلومات التي يريدها، وبأقل الأكلاف والتعقيدات الممكنة، ومن دون حاجة لتبرير طلبه هذا.
كما أن تشريعات عربية، دع عنك الدولية المستوفية لمعاييرها، تفرض عقوبات وجزاءات على الموظف العمومي الذي يرفض الإفصاح عن المعلومات وتوفيرها، وبالأخص أولئك الذين يعمدون إلى إتلاف المعلومات وإهلاكها، خشية وصولها إلى الرأي العام أو جهات الرقابة الدستورية والمجتمعية المختلفة..قانوننا خالٍ من أي إشارة إلى هذه المسائل.
لكن اتضح من النقاشات الغنية والساخنة حول القانون وتطبيقاته، وما شابهه من تشريعات نافذة في دول عديدة، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن المشكلة التي تواجهها حرية تدفق المعلومات، لا تكمن في هذا التشريع فقط، فثمة تشريعات أخرى تأخذ بيد، ما يمنحه القانون الخاص باليد الأخرى..فقانون أسرار ووثائق الدولة الساري، يسلب الأردنيين حقاً كفله لهم، قانون ضمان الحصول على المعلومات، فأي القانونين أولى بالنفاذ وجوباً ؟!.
وفي دراسات واستطلاعات للرأي، وفي تجارب لاختبار القانون في التطبيق، ثبت بالملموس أن معظم دوائر الدولة ليست جاهزة بعد، لتطبيقات هذا القانون، وكثيرٍ من الموظفين العمومين، لم يسمعوا عنه أو لا يعرفون عنه الشيء الكثير..ما استدعى التوصية بأن يتزامن إقرار مجلس النواب لأي تشريع، بطلب الحصول على «الأنظمة والتعليمات والموازنات» الكفيلة بإنفاذه، وإلا كرّسنا من دون أن ندري، فجوة كبيرة بين التشريع والتنفيذ، وأبقينا على غير إرادتنا، قوانيننا وتشريعات معلقة في الهواء.
ضعف الطلب على المعلومات، مشكلة أخرى تواجه إنفاذ الحق بالحصول على المعلومات..وهو ضعف ميز أداء الجسم الإعلامي والصحفي، فضلاً عن بقية قطاعات المجتمع المدني والحزبي والأكاديمي، وتمس الحاجة اليوم، إلى تأهيل هذه القطاعات ورفع طلبها على المعلومات، وبما يخدم أهداف رسالتها وتفويضها.
إقبال العشرات من المنظمات والأحزاب والشخصيات على الانضواء في «إطار الائتلاف المدني لإصلاح التشريعات الإعلامية - إفصاح»، وإبداؤها الاستعداد للانخراط في «مغامرة» اختبار القانون وصولاً للقضاء، والإسهام بنشر الوعي بـ»ثقافة المعلومة»، والخضوع لعمليات تدريب وتأهيل لإنجاز هذا الغرض، وسعيها لنقل التجربة من المستوى الوطني العام إلى مستوى المحافظات والبوادي والمخيمات، إنما يدل على «عودة الوعي» لأهمية إصلاح التشريعات الإعلامية، بوصفها حلقة رئيسة في مشروع الإصلاح السياسي والتحوّل الديمقراطي، فضلاً عن تنامي الإدراك بأن إنجاز هذه المهمة، لا يقع على عاتق الصحفيين والإعلاميين وحدهم، بل هي وظيفة مختلف الأحزاب والمنظمات والهيئات والفاعلين والأكاديميين والحقوقيين وغيرهم.
(الدستور)