نور النعيمي السيدة التي هزمت السرطان ... تتحدث عن تفاصيل رحلتها
جو 24 :
كمحاربة عادت بعد نصر عظيم، تجلس لتلتقط أنفاسها وترتب مشاهد الرحلة المبعثرة، لتعيد سردها بكبرياء المنتصرة على عدو كاد أن يفتك بها.
بهذا المشهد بدأت الكاتبة السعودية نور النعيمي حديثها الخاص مع "سبوتنيك" حول رحلتها مع مرض " السرطان" المعروف عنه بأنه مرض قاتل.
تصمت النعيمي قليلا وتستعيد المشهد بذاكرتها، وتبدأ الحديث بصوت منخفض قائلة: "منذ ثلاث سنوات شعرت وقتها بالتعب والإرهاق، لكني لم أكن أعلم أني مصابة بالمرض فلجأت إلى إجراء بعض الفحوصات، وبعدها ذهبت إلى أحد المؤتمرات بدبي، وجاءني اتصال من عمي الدكتور أحمد النعيمي طالبني بقطع المؤتمر والعودة إلى المنزل، وبعد العودة استغرقوا الكثير من الوقت في الحديث معي عن الثقافة والوعي ومدى تفهمي للحياة وتقبلي لأي شيء، وبعدها أخبروني بإصابتي بالمرض".
تستغرق نحو نصف دقيقة من الصمت لتعود النعيمي للحدث مجددا بأنها حين تلقت الخبر انهارت تماما، وتخيلت الموت واقفا على باب غرفتها فتقول: "جلست لنحو الأسبوع في غرفتي لا أتحدث إلى أحد، ولا أجلس مع أحد وتلاشت كل الأشياء في عيني وشعرت بنهايات الأشياء كلها، وذات يوم استيقظت من نومي وقررت أن أتلقى العلاج، حتى أنتصر عليه، خاصة أنه كان في المرحلة الرابعة وهي المرحلة الأخطر والأصعب في المرض".
وتتابع النعيمي "ذهبت إلى الصين برفقة عمي، واستغرقت فترة العلاج نحو العام، لكنه لم يكن بالكيميائي الذي يدمر الإنسان بشكل كبير، وأنا كنت وما زلت ضد العلاج بالكيميائي، لذلك قررت الذهاب إلى الصين للعلاج بمواد مختلفة "تحت التجميد" وهي الأفضل في العلاج، كما أن السفارة السعودية بالأردن كان لها دور كبير وخاصة الأمير خالد بن عبد العزيز السفير السعودي لدى الأردن تكفل برحلة العلاج للصين، وهناك طلب مني الطبيب الصيني أن أتحدى الأمر بكل إرادتي وهو ما ساهم في تخطي الأزمة، خاصة أني دخلت غرفة العمليات مبتسمة ولم أخف ليقيني بأن الأعمار بيد الله".
نور النعيمي
© PHOTO /
نور النعيمي
وتؤكد النعيمي أنها لم تنعزل خلال فترة العلاج عن العالم، لكن المرض كشف الأقنعة المزيفة حولها، حيث ابتعد الكثير ممن كانوا حولها في الفترات السابقة، وهو ما أثر بشكل سلبي بعض الشيء على الحالة النفسية لها، لكن تمسك البعض الآخر وقوفهم بجوارها من دول عدة بالوطن العربي، دفعها إلى مقاومة المرض وتحديه بشكل كبير، خاصة أن بعض المقربين منها لم يتقبلوا الآثار التي ترتبت على المرض ومنها سقوط شعرها وتغير ملامح وجهها بشكل كبير.
وتوضح النعيمي أن التأثير السلبي كان على مستوى العمل، خاصة أنها ترأس "مجلة رموز" إحدى المجلات العربية ولم تعد تستطيع الذهاب إلى المجلة ولا متابعة أعمالها وكتاباتها، إلا أنه كل ذلك عاد بعد الشفاء إلى طبيعته الأولى.
ومن ضمن الشخصيات التي تشيد بها نور النعيمي لوقوفها بجوارها، كان الفنان لطفي بوشناق، حيث تؤكد أنه لم يتركها طيلة فترة العلاج، وأنه كان دائم الاطمئنان عليها في كل اللحظات الصعبة، موضحة أن عمها أحمد النعيمي ترك كافة أشغاله وأعماله وتفرغ لمرافقتها طوال رحلة العلاج.
وتشير النعيمي إلى أنها كتبت رحلتها بالكامل في كتاب سيصدر قريبا في القاهرة، ويتضمن كافة التفاصيل الدقيقة منذ سماعها خبر إصابتها وحتى شفائها تماما منه، وأنها خصصت صفحة في المجلة للحديث عن المرض وكيفية تحديه.
وصمتت النعيمي قليلا قبل أن تعود للحديث قائلة: "الصراع مع العدو يتطلب أن تستحضر كل قوتك وتنتصر عليه، وهي الرسالة التي يجب أن يفطنها كل مصاب أو مصابة بالمرض، خاصة أن الإرادة والعزم هي التي تجعل الإنسان ينتصر على السرطان ، ويجب أن يعي الشخص المصاب بأنه يمكن أن يقتل عدوه إذا أراد، وأنا أحمل تلك الرسالة دائما أينما توجهت حيث أقوم بزيارة المستشفيات والأشخاص المصابين وأحسهم على ضرورة المقاومة والتحدي، وإخبارهم برحلتي، كما أزور مستشفيات الأطفال الخاصة بمرضى السرطان للتأكيد لهم على أنه يمكن الشفاء منهم".
وشددت النعيمي على ضرورة التوعية في كافة المناطق والدول العربية بأن السرطان يمكن الشفاء منه وهزيمته إذا ما أراد الشخص المصاب ذلك، وأن العامل النفسي من أكثر الدوافع للشفاء، وهو ما يستوجب على المحيطين بالمصاب عدم اعتزاله أو تركه وكأنه في عداد الأموات.