وقائع مؤتمر نحو ائتلاف مدني لاصلاح تشريعات الإعلام
أعلن أكثر من ستين حزباً سياسياً ونقابة مستقلة ومنظمة مجتمع مدني وعشرات الشخصيات الوطنية، من كافة محافظات المملكة، انضمامها للائتلاف المدني لإصلاح التشريعات الإعلامية "إفصاح" الذي أطلقه مرصد الإعلام الأردني بمركز القدس للدراسات السياسية، خلال أعمال مؤتمر "نحو ائتلاف مدني لإصلاح التشريعات الإعلامية" الذي انعقد يومي السبت والأحد 30-31 آذار/ مارس، بمشاركة نواب ووزراء سابقين وإعلاميين وقانونين ونقابين وحزبيين ونشطاء من منظمات المجتمع المدني، وخبراء عرب من مصر وتونس والمغرب واليمن، عرضوا تجارب بلدانهم فيما يتعلق بإصلاح تشريعات الإعلام بما يتناسب مع حالة الانتقال للديمقراطية التي تعيشها البلدان الأربعة.
وجاء انضمام هذه المنظمات والهيئات والشخصيات للائتلاف، انطلاقاً من تأكيدهم أن إصلاح التشريعات الإعلامية، جزء لا يتجزأ من عملية الإصلاح والتحول الديمقراطي، بالنظر لخصوصية هذه التشريعات في كونها المؤطر للحريات العامة ومنها حرية الرأي والتعبير.
وعلى مدار يومين ناقش المؤتمرون مروحة واسعة من القضايا المتعلقة بالتشريعات الإعلامية, وركزوا على كيفية كسب تأييد البرلمان وصانع القرار لإصلاح تشريعات الإعلام.
وتجاوب معظم النواب المشاركين في أعمال المؤتمر مع المطالب بضرورة تخليص تشريعات الإعلام من القيود التي تكبلها، وتعهد عدد منهم الدفع باتجاه تحقيق هذا الأمر مؤكدين الانحياز التام للحرية المسؤولة.
وقال مدير عام مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي في كلمة افتتح بها أعمال المؤتمر، أن المركز عمل على مدار العام الماضي على دراسة وتحليل التشريعات الناظمة لعمل الإعلام في الاردن، وقام بحصر 17 تشريعاً ذات صلة بالإعلام بحاجة إلى تعديل وتطوير، وذلك إسهاماً منه في عملية الإصلاح والتغيير الديمقراطي في المملكة، وتعزيزاً لمناخ الحريات الإعلامية. وأوضح أنه يوجد في الاردن نحو 22 قانوناً لها صلة بعمل الإعلام منها 12 قانوناً ذات صلة مباشرة بالإعلاميين وتحتوي على بنود سالبة لحرية الرأي والتعبير، وتخالف التزامات الأردن وتعهداته الدولية.
واشار إلى أهمية تعديل قانون المطبوعات والنشر كونه يشكل ركناً أساسياً من أركان العمل الإعلامي في الاتجاه الذي يلبي المعايير الدولية الخاصة بحرية الإعلام دون إغفال ما يمكن اعتباره خصوصية وطنية مشروعة.
وبين أن خطوة تشكيل ائتلاف لإصلاح التشريعات الإعلامية، سبقتها سلسلة لقاءات ومشاورات مع المعنيين، معرباً عن أمله في أن يخرج المؤتمر بصيغة من شأنها زيادة الوعي بأهمية الإصلاحات الإعلامية، وتشكيل جماعة ضغط لأجل ذلك، من منطلق الإيمان بأن حرية الصحافة ليست حكراً على الصحفيين بل هي للمجتمع بأكمله. ولفت إلى أن الأردن يتميز بعدم وجود استقرار تشريعي، فيما يخص التشريعات الناظمة للإعلام، مؤكدا أنه آن الأوان لمواءمة التشريعات مع روح الدستور الذي ينص على الحرية. وأضاف أن من يقول إن عليه محاربة الفساد، فيجب إطلاق العنان للحريات، مؤكداً أهمية دور مجلس النواب في استيعاب أهمية تعزيز الحريات الإعلامية، وأهمية مسؤولية الإعلام في الرقابة والمساءلة كشريك إستراتيجي في العملية الإصلاحية.
رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب النائب د. مصطفى ياغي والذي ترأس أعمال الجلسة الأولى للمؤتمر وعنوانها "الإعلام في عالم متغير"، أكد أن الإعلام يعزز دور السلطة التشريعية في الرقابة والمساءلة.
ونوه ياغي إلى أن هناك إعلاماً انحرف عن الإيجابية عبر ممارسات سلبية ينتهجها خرجت عن الحيادية والموضوعية، معرباً عن أمله بالعودة إلى مسلمات العمل الإعلامي، أحد أذرع إرساء الحياة الديمقراطية في الدولة وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية.
واستعرض الخبير الإعلامي يحيى شقير في ورقة عمل قدمها للمؤتمر بعنوان "إعلام جديد وقوانين قديمة" الفروقات بين الإعلام الحديث والإعلام التقليدي، مبيناً ما أحدثه في المشهد الإعلامي، من تغييرات، بحيث لم يعد ممكناً وضع أي شكل من أشكال القيود عليه.
واستشهد شقير بدول ديمقراطية، أصبحت تعتبر حرية الإنترنت حقاً من حقوق الإنسان الأساسية؛ مستنكراً ما تمارسه الحكومات من تقييد لهذا الإعلام، لا سيما التعديلات الأخيرة على قانون المطبوعات والنشر.
وتحدث عن دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وأشارت إلى أن حرية الصحافة، تعزز الاستقرار السياسي في الدول، فضلاً عن أنها تقلل من منسوب الفساد فيها.
الجلسة الثانية وترأستها النائبة وفاء بني مصطفى، كان موضوعها "لماذا الائتلاف المدني لإصلاح التشريعات الإعلامية؟ وما الصيغة التنظيمية المناسبة لعمله؟".
وتحدث في هذه الجلسة، رئيس كتلة التجمع الديمقراطي النائب يوسف القرنة، معلناً دعم كتلته لفكرة الائتلاف وإصلاح التشريعات الإعلامية.
كما أعلن انضمام مركز داعم للتدريب وحرية الإعلام الذي يترأس مجلس أمنائه للائتلاف، مؤكداً وجود تشريعات تحتاج للتعديل فوراً، لا سيما قانوني المطبوعات والنشر، وحق الحصول على المعلومات.
وأكد القرنة أهمية التعاون بين مجلس النواب والجسم الإعلامي، بما يثمّر من إصلاحات إعلامية حقيقية، مبينا أن الإعلام المستقل؛ هو الطريق لحياة ديمقراطية حقيقية.
وشدد الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور في كلمته، على أنه لا يمكن وجود إصلاح سياسي بدون حرية إعلام، وقال إذا كانت التشريعات تستخدم في العالم العربي كأداة للتقييد والضغط؛ فهذا أمر يحتاج للتوقف عنده والعمل على إصلاحه.
وأشار منصور إلى أن التشريعات الناظمة للإعلام منذ العام 1990 وحتى الآن، كانت وما زالت مقيدة للحريات الإعلامية، ومن الأسباب التي أدت لاستمرارها؛ غياب الوعي القانوني ومخاطرها على الحريات.
واستشهد منصور بقانون المطبوعات والنشر الذي خضع تسع مرات للتعديل، وظل على الدوام محط انتباه السلطة التنفيذية التي بدأت باستهداف الصحافة الأسبوعية وأخيراً الصحافة الإلكترونية.
كما أشار إلى أن قانون حق الحصول على المعلومات، والذي أقر العام 2007، لم يدخل حيز التنفيذ حتى اليوم، مع الإشارة إلى مدى أهمية هذا القانون الذي يعد بوابة لمكافحة الفساد.
الوزيرة السابقة والأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة أسمى خضر، بينت أنه يجب ألا يتوقف الأمر عند استعراض واقع الإعلام، بل التفكير في آليات لتغيير هذا الواقع.
وأشادت خضر بإطلاق هذا الائتلاف، موضحة أنه لم يكتف بالإعلام كصاحب مصلحة في إصلاح التشريعات الإعلامية، بل أشرك مختلف الأطياف التي تسعى لذلك بما يفضي إلى واقع إصلاحي.
ودعت البرلمان إلى إحالة كافة القوانين الإصلاحية العالقة إلى حيز النفاذ، لا سيما قانون حق الحصول على المعلومات، والذي هو من حق المواطنين قبل أن يكون من حق الصحفيين.
وقال باسل العكور من تنسيقية المواقع الإلكترونية، إن مشكلة اغتيال الشخصية والابتزاز التي كانت ذريعة للحكومة في تعديل قانون المطبوعات والنشر لم تنته، ذاهباً إلى أن الهدف من تعديل هذا القانون هو بمثابة سيف مصلت على الصحفيين.
وأكد العكور أن الحكومة وأجهزتها، تمارس وسائل لتقييد حرية الإعلام، مثل سياسة الاحتواء والتدخل في عمل المؤسسات الإعلامية.
وخلال الجلسة أعلن مدير عام مؤسسة الإعلام المجتمعي، داود كتّاب، انضمام المؤسسة للائتلاف، مشيداً بفكرة تأسيسه، ومشدداً على دور المجتمع المدني في الضغط باتجاه تعديل التشريعات الإعلامية. وتحدث كتّاب عن الصعوبات التي تواجهها مؤسسات الإعلام المجتمعي في الحصول على المعلومات خاصة عند إجراء تحقيقات استقصائية، مشيراً إلى أن إذاعة "راديو البلد" قدّم 30 طلباً للحصول على معلومات، ولم يستجب لأي منها، لافتاً إلى أن قانون المرئي والمسموع ما زال قانوناً مؤقتاً، داعياً لتعديله لصالح الإذاعات المجتمعية. كما أعلنت رنا الصباغ المديرة التنفيذية لشبكة أريج "صحفيون من أجل صحافة استقصائية" عن انضمام مؤسستها للائتلاف، وتحدثت عن جهود مؤسستها في تدريب الصحفيين على إجراء التحقيقات الصحفية والصعوبات التي تواجهها في الحصول على المعلومات.
وخلال الجلسة تحدث الرنتاوي عن فكرة تأسيس الائتلاف فقال إن الهدف من تشكيل ائتلاف وطني عابر للمحافظات يضم الإعلاميين والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني والجهات والمنظمات الحقوقية، يأتي من أجل تحقيق مصلحة مشتركة وهدف سام، هو إصلاح التشريعات الإعلامية، حيث سيقوم هذا الائتلاف بالضغط على البرلمان لإصلاح التشريعات الإعلامية ومنحها مزيداً من الحريات، مشدداً على أن حرية الصحافة ليست مهمة الصحفيين وحدهم بل مهمة النواب ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب، وقال عندما يطالب الصحفيون بتعديل قانون حق الحصول على المعلومات هم لا يفعلون ذلك من أجلهم بل من أجل إطلاع المجتمع على الحقائق وتزويده بالمعلومات.
وطرح مشاركون العديد من الأفكار والمقترحات لتأطير عمل الائتلاف، بما يسهم في ديمومته، وتحقيق الأهداف المرجوة من إنشائه، ومن جملة الطروحات، وضع بيان تأسيسي يتوافق عليه أعضاء الائتلاف، وتحديد أهداف واضحة لعمله، وجعل باب العضوية مفتوحاً أمام من يرغب من مؤسسات المجتمع المدني وغيرهم من العاملين في الحقل العام.
النائب سمير عويس وخلال ترؤسه جلسة العمل الثالثة من أعمال اليوم الأول للمؤتمر، شدد على أهمية إصلاح التشريعات الإعلامية وتحديثها بما ينسجم مع الدستور والمعايير الدولية، مبدياً استعداد مجلس النواب للاستماع لمختلف الأفكار والطروحات، منتقداً ثقافة السرية السائدة لدى مختلف مؤسسات الدولة.
وخلال الجلسة التي تناولت أجندة عمل الائتلاف المستقبلية ، شرح الرنتاوي أن الائتلاف سيعمل على الضغط بإتجاه إصلاح التشريعات الإعلامية بما يتلاءم مع المعايير الدولية ويحمي حرية التعبير، ونشر الثقافة لدى الجمهور بقوانين الإعلام والحقوق والواجبات وثقافة التشريع الإعلامي الناظم لعمل الحريات، والتدريب والتأهيل لمؤسسات المجتمع المدني على أهمية المعلومة.
وقال الرنتاوي إن الائتلاف سيكون بمثابة قوة ضاغطة على الحكومة ومجلس النواب وقوى الشد العكسي، وتابع بالقول إننا شركاء لمجلس النواب وسنعمل معه في هذا المجال.
وتستهدف أجندة عمل الائتلاف المستقبلية كسب تأييد البرلمان لإصلاح التشريعات الإعلامية، وتنظيم أنشطة توعوية في مختلف المحافظات بأهمية إصلاح تشريعات الإعلام والتعاون مع مختلف مبادرات وائتلافات منظمات المجتمع المدني في هذا المجال.
جلسة العمل الرابعة التي ترأسها وزير الإعلام الأسبق د. نبيل الشريف، تناولت الإطار الدستوري لتشريعات الإعلام في كل من مصر والمغرب والأردن.
وفي ورقة عمل قدمها للمؤتمر، تحدث مدير مركز "صحفيون متحدون" سعيد شعيب عن واقع الحريات الإعلامية في مصر بعد صدور الدستور الجديد، فقدم صورة بدت قاتمة عن حالة الحريات الإعلامية في بلاده، وقال "كان بودي أن اقول لكم إننا نتقدم ولو قليلاً في حريات الصحافة والإعلام في أعقاب ثورة مجيدة، ولكن للأسف عدنا للخلف بدرجة مروعة. فقد انتهى الهامش الضيق العرفي الذي كانت تنعم به الصحافة والإعلام قبل الثورة، وهو هامش تم عبر نضالات مريرة ليس في عهد مبارك وحده، ولكن منذ تأسيس الصحافة في نهاية القرن قبل الماضي. فقد استخدم المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد رحيل مبارك ومن بعده الإخوان القوانين ذاتها والآليات الاستبدادية ذاتها، بل واستندوا إلى قوانين مجهولة لم يجرؤ على استخدامها رؤساء مصر السابقين، منها تهمة إهانة الرئيس. وأضاف الإخوان إبداعاً جديداً بدسترة الاستبداد، أي منح الاستبداد مواد دستورية تحصنه، ومنها على سبيل المثال إغلاق الصحف والوسائل الإعلامية".
وبعد استعراضه المواد الدستورية الجديدة المتعلقة بحرية الرأي والصحافة في مصر، قال إن باب التقاضي يكاد يكون مغلقاً أمام الصحفيين والإعلاميين، محذراً من أن هذه هي الكارثة الكبرى التي ستدفع مصر ثمنها غالياً، وهي دسترة الاستبداد، أي منح المواد المقيدة للحريات بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام حصانة دستورية. موضحاً أن الدستور السابق كان "يكفل" هذه الحريات، وكانت القوانين تعطله. لكن القيود الآن اصبحت محمية بنصوص دستورية، ما يجعل اللجوء إلى المحكمة الدستورية أمراً غير مجد، فهي ستؤيد هذا التقييد استناداً إلى الدستور.
رئيس منظمة حرية التعبير والإعلام في المغرب محمد العوني، أكد في ورقته أن الدساتير المغربية أكدت منذ العام 1908 على صيانة حرية الرأي والتعبير وحرية الاجتماع.
وتحدث العوني بإسهاب عن المواد المتعلقة بحرية الرأي والتعبير في التعديلات الأخيرة على الدستور المغربي والتي أعلنت العام 2011، مشيراً إلى أن الدستور في تعديلاته الأخيرة، تناول هذه القضية في 21 فصلاً من الباب الثاني، موضحاً أن الفصل السادس والعشرين يؤكد على حرية النشر والإبداع، والفصل السابع والعشرين يؤكد على حق المواطنين في الحصول على المعلومات.
غير أنه قال إن الصيغ الورادة في الدستور حول حرية الرأي والتعبير جاءت بصيغ عامة واستخدمت مفردات مطاطية، الأمر الذي يفتح المجال أمام تأويلات مختلفة قد تحد من حرية الإعلام وتجعل مراقبة وسائل الإعلام أمراً ممكناً، كما أشار إلى أن المواد الدستورية المتعلقة بالإعلام كرست الفصل بين بين الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني والمكتوب، بما يتعارض مع الإتجاه العالمي بهذا الخصوص.
الخبير القانوني الأردني خالد خليفات، استعرض في كلمته أمام الجلسة البنود الدستورية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير في الدستور الأردني المعدل، وأشار إلى أن الوضع الدستوري في الأردن فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير بشكل عام جيد، إذا ما تمت مقارنته بالمعايير الدولية لحرية الإعلام والتعبير.
غير أنه أشار إلى وجود تعارض بين بعض البنود الدستورية والقوانين المتعلقة بالإعلام خاصة قانون المطبوعات والنشر، والذي يتعارض بدوره مع قوانين أخرى مثل قانون العقوبات، موضحاً أن قانون المطبوعات يمنع حبس الصحفيين، فيما تندرج عقوبة الحبس للصحفيين في قانون العقوبات.
اليوم الثاني من أعمال المؤتمر خصص جلستيه لمناقشة قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، وقانون المطبوعات والنشر.
الجلسة الأولى التي تناولت قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، ترأسها رئيس لجنة الحريات في مجلس النواب النائب خير الدين هاكوز، وقدم خلالها مقرر لجنة الإعلام في مجلس النواب اليمني النائب عبد المعز دبوان تجربة بلاده في إقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، مركزاً على دور مؤسسات المجتمع المدني في الضغط لتحقيق هذا الأمر رغم المعارضة الحكومية. وشدد على أن إقرار القانون اليمني مثًل إنجازاً مجتمعيا بامتياز، وثمرة لنضالات استمرت لمدة خمس سنوات لمنظمات المجتمع المدني في اليمن، في ظل ممانعة حكومية ورفض للقانون ابتداءً، ثم محاولات تشويه لمحتوياته وإفراغه من محتواه.
وقال دبوان إنه تمت الاستفادة من تجربة الأردن عند وضع القانون، كونه الدولة العربية الأولى التي تقر قانوناً كهذا، مشيراً إلى أن واضعي المشروع اليمني تلافوا أوجه القصور الواردة في القانون الأردني.
واضاف إن فلسفة القانون انطلقت من عدة معايير، أبرزها ثقافة ومعايير حقوق الإنسان، كما نصت عليها المواثيق والمعاهدات الدولية والدستور اليمني الذي أقر في مادته السادسة الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية وخاصة ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذا المواد الواردة في الباب الثاني (حقوق وواجبات المواطنين الأساسية). وأكد أن المعلومات الموجودة في الجهات الحكومية هي ملك للشعب، وليس من حق الحكومة وموظفيها حجب تلك المعلومات عن مالكها الأساسي.
الخبير الأردني في قوانين حق الحصول على المعلومات، د. عمر الدعجة، قدم ورقة عمل خلال الجلسة، تحدث خلالها عن التجربة الأردنية في مجال حق الحصول على المعلومات، وقال إن المقومات الأساسية لتحقيق الشفافية الإدارية لم تتحقق بعد في المجتمع الأردني على الرغم من صدور قانون ضمان حق الحصول على المعلومات متضمناً النص على حق كل أردني في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الإدارات الحكومية، وذلك على الرغم من أن الأردن كان أول دولة عربية تقر مثل هذا القانون.
وقال الدعجة إن التوجه العام لدى المشرع الأردني في قانون حق الحصول على المعلومات، كان يميل للحظر أكثر منه للإباحة، وإلى التقييد أكثر من الإتاحة، مشيراً إلى محدودية كل من نطاق المستفيدين من هذا الحق ونطاق الخاضعين لقاعدة الكشف عن المعلومات، في مقابل اتساع نطاق الاستثناءات الواردة على قاعدة الكشف عن المعلومات.
ودعا الدعجة إلى توسيع نطاق الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على المعلومات وإعادة تعريف المعلومات الخاضعة لقاعدة الكشف عن المعلومات ليشمل، إضافة إلى الدوائر والوزارات والسلطات والهيئات والمؤسسات العامة الرسمية، السلطتين التشريعية والقضائية، إضافة للمؤسسات الخاصة التي تمتلك معلومات تؤثر في حقوق الأفراد.
كما دعا إلى إعادة تعريف المعلومات الخاضعة لقاعدة الكشف، مشدداً على أهمية إلغاء قانون حماية وثائق وأسرار الدولة لسنة 1971.
جلسة العمل الثانية التي ترأسها النائب خالد البكار رئيس لجنة التوجيه الوطني في مجلس النواب، تناولت البحث في قانون المطبوعات والنشر والقيود التي تفرضها هذه القوانين على حرية الصحافة من خلال استعراض التجربتين التونسية والأردنية في هذا المجال.
عضو الهيئة الوطنية لإصلاح قوانين الإعلام في تونس وممثل المادة 19 في شمال إفريقيا هشام السنوسي، قدم خلال الجلسة ملخصاً عن مهام الهيئة والصعوبات التي واجهتها في عملها خاصة فيما يتعلق بالمرسومين الدستوريين 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر، والمرسوم 116 المتعلّق بحرّية الاتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلّة للاتصال السمعي والبصري.
وقال إن الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، دعت كافة المعنيين في المجتمع المدني بالدفاع عن حق المواطن التونسي في إعلام حر ومستقل وملتزم بالمعايير المهنية والأخلاقية، للتحرّك العاجل من أجل حماية هذا الحق الذي أصبح مهدداً أكثر من أي وقت مضى منذ إزاحة الرئيس السابق.
موضحاً أنه بعد حوالي ثمانية أشهر من صدور المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والذي ينظم حرية الاتصال السمعي والبصري وتعيين المسؤولين على رأس المؤسسات السمعية والبصرية العمومية ويحمي استقلاليتها إزاء السلطة العمومية، استمرت الهيئة في رفض اعتماد هذا المرسوم الذي شهدت منظمات مهنية وحقوقية تونسية ودولية بتطابقه مع المعايير الدولية لحرية التعبير. وقال إن هذا الرفض أفرز فراغاً قانونياً أفسح المجال لاستباحة المشهد السمعي والبصري التونسي من أطراف غير مستعدة للالتزام بالقانون.
كما أن قرار الحكومة في عدم تطبيق المرسوم عدد 116 والذي ينص في بنده التاسع عشر على أن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري تتولى "إبداء الرأي المطابق في ما يتعلّق بتسمية الرؤساء والمديرين العامين للمؤسسات العمومية للاتصال السمعي والبصري"، قد نتج عنه الأسلوب المعتمد نفسه في التعيينات والإقالات في العقود الماضية.
وشدد على أنه في غياب خطوات عملية تعكس إرادة سياسية حقيقية لتأسيس إعلام حر ومستقل وملتزم بالمعايير الدولية، فإن الهيئة ترفض أن تكون مجرد ديكور في الوقت الذي يتواصل فيه تراجع القطاع الإعلامي.
الخبير الإعلامي الأردني يحيى شقير، قدم ورقة عمل بعنوان "قانون المطبوعات والنشر الأردني والقيود على حرية الصحافة"، مستعرضاً البنود الدستورية في المادة 15 التي تؤكد على كفالة الدولة لحرية الصحافة والإعلام. كما استعرض بنود قانون المطبوعات والنشر التي تتحدث عن حقوق الصحفيين في الحصول على المعلومات وحضور الاجتماعات العامة.
وعلى الرغم من ذلك قال شقير، إن الصحفي معرض بموجب قانون المطبوعات والنشر لمجموعة من العقوبات الجزائية التي تستهدف الحد من حريته الشخصية (كالتوقيف أو الحبس)، والعقوبات المدنية التي تشمل الغرامة وتعويض المتضرر بالمال، إضافة إلى العقوبات التكميلية والتأديبية.
وركز شقير في مداخلته على التعديلات الأخيرة على قانون المطبوعات والنشر لعام 2012، والتي استهدفت السيطرة على الإعلام الإلكتروني، حيث أصبحت المطبوعة الإلكترونية ملزمة بالتسجيل والترخيص، وملزمة بأن يكون لها رئيس تحرير عضو في نقابة الصحفيين واعتبار التعليقات التي تنشرها المطبوعة الإلكترونية مادة صحفية لغايات تحديد مسؤولية المطبوعة ومالكها ورئيس تحريرها والتكافل والتضامن، ومنح مدير المطبوعات حجب المواقع الإلكترونية غير المرخصة إذا ارتكبت مخالفة لأحكام القانون.
وفي ختام اعمال المؤتمر، اتفق المشاركون على سلسلة من الإجراءات والنشاطات المستقبلية لعمل الائتلاف،حيث سيتم العمل على المسار التشريعي بتوفير التعديلات التي اقترحها مركز القدس على القوانين الإعلامية لأعضاء الائتلاف، وعقد لقاء مع أعضاء الائتلاف يتم فيه وضع البيان التأسيسي وخطة عمل الائتلاف التي ستشمل لقاءات في المحافظات بدءاً من مادبا ومعان والمفرق، كما تقرر التوجه لإنشاء هيئات تنسيق في المحافظات لتشرف على أنشطة الائتلاف محلياً وخاصة عقد اللقاات بين أعضاء الائتلاف ونشطاء آخرين مع النواب في دوائرهم، إضافة إلى عقد ورشات تدريبية على كيفية استخدام قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وخلق طلب على المعلومات ينسجم مع احتياجات مختلف قطاعات المجتمع.