هكذا كان إرسال الأطفال بالبريد قانونياً في أميركا
مع بداية شهر يناير سنة 1913، اتجه مركز البريد الأميركي لاعتماد خدمة الطرود البريدية. وبناء على ذلك سمح للأميركيين لأول مرة بإرسال الأشياء التي يتجاوز وزنها 4 أرطال عبر البريد مقابل ثمن بخس. وقبل اعتماد هذه الخدمة لجأ الأميركيون نحو الشركات الخاصة لنقل الطرود من منطقة لأخرى.
وتزامنا مع توفر هذه الخدمة أقدم الأميركيون على إرسال العديد من الأشياء الغريبة عبر البريد كالبيض والدجاج والآجر والإسمنت والحديد. فضلا عن ذلك لم يتردد البعض في استغلال خدمة الطرود البريدية لإرسال أبنائهم من منطقة لأخرى حيث استغل هؤلاء غياب قانون يمنع ذلك ليقدموا على إرسال أطفالهم في وقت وجيز عبر البريد لزيارة أقربائهم.
وبعد مضي أسابيع قليلة عن بداية اعتماد خدمة الطرود البريدية، شهدت ولاية أوهايو (Ohio) الأميركية أول عملية إرسال للأطفال عبر البريد، حيث أقدم زوجان على إرسال ابنهما الذي يبلغ وزنه 11 رطلا نحو منزل جدته على بعد ميل واحد مقابل 15 سنتا كثمن للطوابع البريدية، ونحو 50 دولارا كتأمين. وعلى حسب ما نقلته جريدة نيويورك تايمز خلال تلك الفترة، تكفّل ساعي البريد فيرنون ليتل (Vernon Lytle) بمهمة نقل الطفل نحو منزل جدته.
وتزامنا مع نجاح أول عملية إرسال طفل بالبريد وتناقل الصحف الأميركية لهذا الخبر الغريب اتجه العديد من الأميركيين نحو القيام بخطوة مشابهة، حيث تحول البريد حينها إلى وسيلة آمنة وسريعة لنقل الأطفال وإرسالهم لزيارة أقاربهم بالمناطق البعيدة. وعقب حادثة أوهايو بأيام قليلة، شهدت ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania) ثاني عملية إرسال للأطفال تكلفت حينها 45 سنتا وتكفل بها ساعي البريد جيمس بيرلي (James Byerly).
وفي الأثناء تعد حادثة الطفلة ماي بييرستورف (May Pierstorff) أشهر قصة لإرسال الأطفال عبر البريد عرفتها الولايات المتحدة الأميركية.
فيوم التاسع عشر من شهر شباط/فبراير سنة 1914، أقدمت إحدى العائلات القاطنة بولاية إيداهو (Idaho) على إرسال ابنتها ماي بييرستورف البالغة من العمر ست سنوات نحو منزل جدتها على بعد 73 ميلا مقابل طوابع بريدية بلغ ثمنها 53 سنتا ألصقت إلى معطفها ومن أجل نقل الفتاة بسرعة اعتمد ساعي البريد على القطار.
وعلى إثر انتشار خبر حادثة الطفلة ماي بييرستورف، أمر المشرفون على البريد الأميركي بوقف عمليات إرسال البشر عبر الطرود البريدية. وفي الأثناء ألهمت قصة ماي بييرستورف الكاتب الأميركي Michael O. Tunnell والذي لم يتردد في تحويلها إلى رواية للأطفال.
وعلى الرغم من صدور قرار منع إرسال البشر عبر الطرود البريدية، واصل الأميركيون اعتماد هذه الممارسة لأشهر إضافية.
ومع بداية سنة 1915، أقدمت امرأة من ولاية فلوريدا (Florida) على إرسال ابنتها البالغة من العمر ست سنوات عبر البريد نحو منزل والدها بولاية فرجينيا (Virginia) مقابل ما قيمته 15 سنتا فقط من الطوابع البريدية، وبناء على ذلك حققت هذه الطفلة التي قطعت مسافة 720 ميلا عبر البريد بين الولايتين رقما قياسيا وغير مسبوق.
وعلى حسب ما نقلته المصادر الأميركية، شهد شهر آب/أغسطس سنة 1915 آخر عملية نقل للأطفال عبر البريد، وخلالها أقدمت عائلة من ولاية كنتاكي (Kentucky) على إرسال الطفلة مود سميث (Maud Smith) ذات الثلاث سنوات نحو منزل والدتها المريضة على بعد 40 ميلا.العربية