هكذا أعدمت بريطانيا جندياً خدم بجيشها خلال الحرب الكبرى
خلال الحرب العالمية الأولى، اتجه البريطانيون والفرنسيون إلى إعدام المئات من جنودهم لأسباب مختلفة. فبسبب القوانين العسكرية الصارمة المعتمدة حينها، وجد العديد من الجنود أنفسهم وجهاً لوجه مع فرق إطلاق النار على منصات الإعدام، حيث أرسل هؤلاء للموت لارتكابهم عدداً من الأخطاء كعصيان الأوامر والتحريض على القادة والنوم أثناء فترات الحراسة والجبن والهرب من ساحة المعركة.
ويعد الجندي البريطاني وليام هانتر (William Hunter)، البالغ من العمر 18 سنة، واحداً من الجنود الذين لم تتردد السلطات العسكرية البريطانية في إعدامهم خلال تلك الفترة. فبسبب ارتكابه عددا من الأخطاء وإهماله للتعليمات، أعدم هانتر رمياً بالرصاص في شباط/فبراير 1916.
وولد هانتر يوم السابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 1897 بمدينة نورث شيلدز (North Shields) الإنجليزية بالشمال الشرقي لمنطقة نيوكاسل (Newcastle). وفي الخامسة عشرة من عمره، غادر مقاعد الدراسة ليعمل على متن إحدى السفن، قبل أن يتخذ قراراً سيئاً التحق على أثره عام 1914 بالجيش البريطاني عقب تقديمه معلومات خاطئة عن عمره الحقيقي، حيث أخبر المسؤولين بمركز التجنيد أنه في الثامنة عشرة (السن القانونية للتجنيد).
وعقب تقدمه لمركز التجنيد في السادسة عشرة من عمره، بدأت معاناته مع الجيش البريطاني. ففي كانون الأول/ديسمبر 1914، أعلنت إدارة التجنيد عن فقدان الجندي الجديد قرب ميناء فليكسيستاو (Felixstowe)، قبل أن تعثر عليه الشرطة آخر الشهر أثناء تجوله بإحدى المدن المجاورة. فلم يتردد المسؤولون العسكريون في معاقبة هانتر عن طريق اقتطاع جزء من راتبه وسجنه لبضعة أيام بسبب مغادرته لموقعه دون إذن.
وفي كانون الثاني/يناير 1915، أرسل هانتر للقتال على الجبهة الفرنسية، حيث أبلى بلاءً حسناً أثناء الأشهر الأولى. لكن ومع تزايد نسبة خسائرها البشرية، لم تتردد المؤسسة العسكرية البريطانية في اعتماد قوانين وعقوبات صارمة في سعي منها للحفاظ على الانضباط في صفوف قواتها. وبدأت معاناة الجندي وليام هانتر، الذي نال العديد من العقوبات قبل أن يحصل في النهاية على حكم عسكري بالإعدام.
وفي تموز/يوليو 1915، استغل هانتر فترة الاستراحة لزيارة عدد من أصدقائه بإحدى الفرق العسكرية الأخرى والتي كانت متواجدة على مقربة. وبناء على ذلك، غادر موقعه بالخنادق. وتزامناً مع تأخره في العودة لموقعه، نال عقوبة من الدرجة الأولى، حيث تم تقييده إلى أحد الأعمدة لبضعة أيام كما اقتطع جزء من راتبه.
كما تواصلت الأفعال المشينة لهانتر في الأشهر التالية، حيث تخلف مرات عديدة عن العودة إلى موقعه. واتخذ سلوكه منحى خطيراً عندما أقدم على الفرار في مناسبتين من مركز الإيقاف للاختباء بالقرى والأرياف المجاورة. وإثر اعتقاله في كانون الثاني/يناير 1916، أصدرت القيادة البريطانية قراراً بإخضاع هانتر لمحاكمة عسكرية بتهمة التمرد والفرار من ساحة المعركة.
وأثناء المحاكمة، رفض المسؤولون دعوات هانتر للصفح عنه. فعلى الرغم من التحاقه بالجيش في سن مبكرة وتوسلاته بمنحه فرصة ثانية على الجبهة، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً بالإعدام رمياً بالرصاص على هذا الجندي، الذي بلغ للتو الثامنة عشرة من عمره.
كذلك أيد العديد من كبار المسؤولين العسكريين، وعلى رأسهم الجنرال دوغلاس هيغ (Douglas Haig)، قرار الإعدام، مؤكدين على ضرورة تنفيذه لفرض الانضباط في صفوف الجيش.
وفي حدود الساعة السابعة صباحاً يوم الواحد والعشرين من شباط/فبراير 1916، أعدم هانتر رمياً بالرصاص ليكون بذلك واحداً من ضمن 346 جندياً بريطانياً أعدمتهم السلطات لأسباب مختلفة أثناء الحرب العالمية الأولى.