استشهاد أسيد اللوزي يوجع الاردنيين: ضحايا الفشل الحكومي أطفال وأبطال!
جو 24 :
أحمد عكور - لم يتلكأ الشاب الثلاثيني أسيد اللوزي هنيهة لدى رؤيته الطفلة ذات الأربعة عشر ربيعا وقد سقطت في حفرة امتصاصية بشكل مفاجئ وصادم بعدما نجحت في عبور الشارع الرئيس مقابل المكتبة التي يعمل فيها بمنطقة خريبة السوق جنوبي العاصمة عمان..
فبينما تجمّد الجمع حول الحفرة من هول الصدمة، هبّ أسيد اللوزي من خلف طاولته في المكتبة التي تبيع ألعاب الأطفال محاولا انقاذ الفتاة التي سقطت في حفرة عمقها (5) أمتار؛ كان همّه الوحيد انقاذ حياتها والحفاظ على فلذة كبد أحدهم دون أن يُفكّر في عاقبة نزوله في الحفرة، ليُسطّر بذلك صفحة جديدة من صفحات بطولات الأردنيين.
المأساة التي حلّت بعائلتي الطفلة والشاب اللوزي آلمت الأردنيين وأثارت سخطهم؛ فالقلوب لم تعد تحتمل رحيل مزيد من الأطفال والأبطال نتيجة تقصير أحدهم، وهو ما عبّر عنه الصحفي الشاب راشد العساف بالقول: "ندفع قيمة باهظة للفشل الذي أصبح أسلوب حياة في المجتمع الأردني نتيجة تراكم الأخطاء، فالضحايا أطفال وأبطال.. وكأننا نعيش في حفرة امتصاصية".
فيما استحضر الكاتب الصحفي باتر وردم في منشور "مؤلم" تصريحات رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز التي دعا فيها الأردنيين للتشمير عن سواعدهم لينخرطوا معه في مشروع النهضة الوطنية، معبّرا عن أمله في أن لا نبقى نشهد حوادث نخسر فيها ضحايا وأبطال.
وقال وردم في منشوره: "شمّر الشاب الشهم أسيد اللوزي عن ساعديه.. ليس من أجل مشروع نهضة غير واضح المعالم بل للقفز داخل حفرة امتصاصية لإنقاذ طفلة وقعت في الحفرة لأن شخصا مهملا لم يغلق غطاء الحفرة بالشكل السليم. قفز أسيد بضميره قبل عقله وترك كل حسابات الدنيا وراءه لأن الشهامة كانت النداء الوحيد الذي استمع إليه. انتقل أسيد إلى رحمه الله تعالى حيث نتمنى له الجنة والخلود لأن أمثاله هم من يستحقونها، وكذلك توفيت الطفلة التي كانت ربما تعيش أحلاما كبيرة حول مستقبلها الذي اختطفه بغدر الإهمال المعشش فينا. مأساة حقيقية تتلخص فيها كل مشاكل دولتنا. مشاكل الشلفقة والإهمال وعدم تحمل المسؤولية والذي يترك مساحات كبيرة للخلل والخطر قد تصطاد أرواح المواطنين في أية لحظة. لم يكن هذا حال الأردن ابدا؟ كانت مؤسساتنا مدعاة للفخر والبنية التحتية عل أعلى مستوى، والشعور بالمسؤولية العامة عاليا. ما الذي تغير فينا؟ هل هي حكوماتنا التي تتشكل بنفس طريقة الشلفقة التي تم تغطية المنهل بها؟ أم هي ثقافتنا الإدارية او ثقافتنا الاجتماعية؟ الخطر الأكبر على الأردن ليس الإرهاب ولا الفقر ولا إسرائيل ولا صفقة القرن بالرغم من خطورة كل هذا ولكنها الشلفقة وانعدام المسؤولية على مستويات كثيرة في الإدارة والحياة العامة. الدول تتآكل من الداخل، وهنالك الكثير من المؤشرات الخطيرة على التآكل المؤسسي في بلدنا وفقدان الثقة بين المجتمع والدولة. مشروع النهضة أمر جميل حقا، ولكن من ينهض يجب أن يكون قادرا أولا على الوقوف وهذا يتطلب تجنب السقوط. رحم الله أسيد والطفلة.. ولا نريد المزيد من الابطال ولا من الضحايا. نريد حياة عادية في دولة ذات مؤسسات تتحمل المسؤولية تجاه شعبها وتجاه مهامها".
وتساءلت الاعلامية ايمان العكور: "هل هناك من سيأخذ بحقّ أسيد اللوزي والطفلة الشهيدة من المهمل المسؤول عن مصيدة المتوفى وسط الطريق أم أنها ستُسجّل قضاء وقدرا" مختتمة تغريدتها بوسم #أمانة_عمان_الكبرى .
وغرّد رسام الكاريكاتير ناصر الجعفري بصورة للشهيد اللوزي والشهيد في سيول ضبعة الحارث الجبور، فقال: "في كلّ يوم تنجب هذه الأرض بطلا ونودّع شهيدا، يتركوا لنا ملحمة وشريط أخبار عاجلة باللون الأسود".
وغرّدت سجى أبو زرقة والتي عرّفت نفسها بكونها صديق اللوزي: "صاحبتي وأختي، قدّر الله أن يقطف منها زوجها البطل أسيد اللوزي محاولا انقاذ طفلة وقعت في حفرة امتصاص، تزوجوا قبل 7 أشهر فقط، كانت أجمل فترة رأيت فيها صديقتي سعيدة من القلب، وستأتي ابنتهم بعد أشهر قليلة إلى الدنيا ولن تشاهد أباها".
وطالب الشاب مراد حمدان أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة بتحمّل مسؤولياته الأدبية وتقديم استقالته بعد سقوط الطفلة في الحفرة الامتصاصية التي لم تكن مغطاة بالشكل الصحيح، وقال: "أسيد اللوزي شمّر عن يديه وأظهر شهامته. اللهم تقبله شهيدا يا رب. استقالة أمين عمان ومحاسبته أقل ما يجب فعله".
فيما بثّ المدوّن عبدالمجيد المجالي منشورا عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، استهجن فيه مسارعة أمانة عمان للتبرؤ من المسؤولية، تماما كما فعل رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في حادثة البحر الميت والتي سارع لتحميل مدرسة فيكتوريا مسؤوليتها.
وكتب المجالي في منشوره المؤثر: "هي شهامتنا يا أُسيد.. شهامتنا التي تفرض علينا أن نغادر مبكراً حياة الانهزام والتخاذل، أعرف تماماً شعور النخوة الذي تملكك وأنتِ ترى طفلة على مشارف الموت، لم تتنصل ولم تحمل المسؤولية لسواك.. تخيل أن أمانة عمان أصدرت بياناً سريعاً على طريقة حكومتها وكبيرتها التي علمتها "التهرب" قالت فيه إن موتكما (أنت والطفلة) لم يكن بسبب منهل تابع لها وإنما بسبب حفرة امتصاصية تابعة لمجمع؟! وكأنه ليس من واجبها متابعة الشوارع والمجمعات ومخالفة المخطئ..هكذا هم يا أسيد؛ يسارعون إلى إلقاء اللوم على غيرهم ولا تعنيهم الأرواح التي تذهب بلا ذنب والأرواح التي تلحقها بلا ذنبٍ أيضاً سوى أنها آثرت على نفسها أن تموت لتُحيي غيرها... إذا كان هناك سيد للأبطال في الأحداث الأخيرة التي تعاملنا معها على طريقة "الفزعة" فهو بلا شك أسيد اللوزي ، لأنه ليس رجل أمن وليس من واجباته إنقاذ حياة المواطنين .. وكم أتمنى لو يضع الرزاز وفريقه الوزاري صورة هذا البطل الشهم في مكاتبهم.. عل وعسى أن تصيبهم عدوى المروءة!".
وفيما بثّ أصدقاء ومعارف اللوزي تغريدات ومنشورات استذكروا فيها مناقب الشهيد وصور حسن عشرته سواء في حياته اليومية أو رفقته في العمرات والمساجد، قال يوسف العلوان: "الشهامة والرجولة ترزقك الشهادة، تبقى الرجال رجال ومافي داخل صدرك يدفعك ان تبقى حر، الله يرحمك يا بطل".
وقال فاروق الفقيه: "هذه المدينة لم تعد تتسع للشرفاء، هذه المدينة أصبحت تعرف كيف تقتل أبناءها البارّين #أسيد_اللوزي ".
وربط العديد من المغردين والمواطنين عبر الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بين بطولة اللوزي واخوانه الشهداء في حوادث سيول الأردن التي شهدتها المملكة خلال الأسبوعي الماضيين، معبّرين عن أسفهم لخسارة هؤلاء الأبطال وأملهم في أن يتمّ محاسبة كبار المسؤولين وتحميلهم مسؤولياتهم الأدبية والأخلاقية والسياسية.