طلقة نارية كلّفته زراعة وجه جديد... كاميرون كافح من أجل التنفس
جو 24 :
عندما استيقظ كاميرون أندروود في المستشفى من دون وجه، لم يصدق ما قيل له. قبل خمسة أسابيع، بعد ساعات مطوّلة من الشرب في 26 حزيران 2016، أمسك الشاب البالغ من العمر 24 عاماً حينها مسدساً، ووضعه تحت ذقنه مطلقاً النار، بحسب موقع "الديلي ميل" البريطاني.
عاش صراعاً مع الكآبة لسنواتٍ عدّة، ملمّحاً لوالديه مرّةً عن نيته بالانتحار، لكنه لم يتوقّع في قرارة نسفه أنّه سيقدم على مثل هذه الخطوة.
كاميرون أندروود.
ولكن ها هو الآن، يستيقظ على سرير المستشفى بعد خمسة أسابيع من التخدير الثقيل، حياً على الرغم من كل الصعاب، ولكن من دون وجه، وغير قادر على تناول الطعام والتحدّث، ويكافح من أجل التنفّس، ويخجل من رؤية أي شخص من دون ارتداء قناع، وظنّ أنّه سيبقى على هذه الحال إلى الأبد.
لم يتوقّع أبدًا أنه بعد مرور عامين سيستطيع القيام بكلّ ما حرمته منه هذه الطلقة، بفضل زراعة وجهٍ جديد، وقلب سالي فيشر المذهل، التي تبرّعت بوجه ابنها الراحل ويل بعد وفاته المفاجئ عن عمر 23 عاماً بعد خوضه صراعاً مع مرض عقلي.
ويل فيشر.
عمل أندروود لحاماً في مدينة يوبا، شمال كاليفورنيا. وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية، بدأ العمل مع زوج والدته، وعندما بلغ الـ19 عاماً حصل على قرض لشراء منزل، لكن السنوات القليلة التالية كانت صعبة عليه. انفصل عن حبيبته بعد سنواتٍ عدّة قضياها معًا. أمّا الضربة القاضية فكانت فقدانه التواصل مع أحد أقرب أصدقائه. سافر شقيقه ، وسرعان ما أصيب بالاكتئاب. بدأ يشرب كثيراً، ورفض محاولات أقاربه لمساعدته. وفي 26 حزيران 2016 ، أمضى يوماً كاملاً وهو يشرب، وهذا أمر أصبح شائعًا بالنسبة إليه.
في تلك الليلة دخل في دوامة دمّرته، وتوصل إلى قناعة أنّه يجب عليه إنهاء حياته. عثر عليه عمه لوني، الذي دعاه أندروود لقضاء الليلة عنده. فذهب الأخير وصدم لرؤيته بهذه الحال، فأسرع بالاتصال بالإسعاف وجرى نقله جواً إلى مركز كاليفورنيا الطبي. بعد العديد من العمليات الجراحية استقرت حالته، ولكن وجهه شُوّه.
كاميرون أندروود قبل وبعد الجراحة.
قال والده راندي: "أخبرونا أنه فقد أسنانه وذقنه وهيكل وجهه. في البداية، دخل في غيبوبة، ثم خضع لتخدير شديد لمدة تزيد قليلاً عن شهر".
في آب 2016، رأى وجهه للمرة الأولى. مكث أندروود في المستشفى حتى كانون الأول 2016، وكان يرتدي قناعاً طوال الوقت ليخفي وجهه. وبعد وقتٍ قصيرٍ من خروجه، سمعت والدته أن الجراحين في جامعة نيويورك أجروا عملية زرع وجه لرجل إطفاء سابق، تشوّه وجهه بعد سقوط سقف محترق عليه، فاتصلت به. وفي أيار 2017، زار الدكتور إدواردو رودريغيز، وبدأت رحلة العلاج والتهيئة لعمليّة الزرع، وفي شهر كانون الثاني، وجدوا متبرّعاً.
بمجرد تلقيه المكالمة، استقلّ طائرة إلى نيويورك من كاليفورنيا. وفي تلك الليلة خضع لجراحة استمرت 25 ساعة غيرت مجرى حياته. وعمل فريق تألّف من 100 طبيب طوال الليل لتوصيل العضلات والأنسجة والأوعية الدموية.
كاميرون أندروود ووالدة ويل فيشر.
عملية زراعة الوجه هي عملية خطرة جداً، ومدّة العيش عند الخضوع لها غير محددة المدة، لكن الدكتور رودريغيز يقول: هناك احتمال حدوث مضاعفات بعد 10 أعوام. ويرد أندروود إنه يعرف كل ذلك، لكن الجراحة لم تكن خياره المفضّل، بل كانت أمله الوحيد لاستعادة حياته.
لا يزال أندروود يعاني من الاكتئاب حتى اليوم، ولكنه يخضع لعلاج وقال: "لم يعد هناك معركة يومية بعد الآن ... لكن نعم لا تزال هناك أيام أشعر فيها بالاكتئاب".
أمّا بالنسبة لسالي، فإنها تعتبر أن أندروود هو الشيء الوحيد الذي ساعدها على تخطي حزنها، قائلةً: "لم أعتقد أنني كنت سأبقى على قيد الحياة بعد وفاة ابني لولا كاميرون. وأنا أحب فكرة أن ويل يساعده في تأسيس حياة أفضل".
كاميرون أندروود.
كاميرون أندروود قبل وبعد الجراحة.