"القدس في الليل أحلى" مبادرة شبابية لتنشيط السياحة في القدس
جو 24 : قال مؤسس مبادرة (القدس في الليل أحلى) بشار أبو شمسيه، ان المبادرة التي أنشئت العام الماضي تهدف لتنشيط السياحة الداخلية في القدس، وجاءت كإحدى المبادرات التي يقوم عليها الشباب المقدسي، بدعم ومشاركة من بعض الجمعيات المقدسية.
واشار الى أن المبادرة بدأت بمجموعة من الشباب، الذين يقومون بالتجوال ليلا في القدس، سرعان ما التفت حولهم مجموعات أخرى، حتى صارت المبادرة تستوعب أعدادا كبيرة من المجموعات الشبابية والأهالي والأطفال في داخل مدينة القدس.
وأوضح أبو شمسية في حديث لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني مساء أمس الإثنين، ان المبادرة التي يقوم عليها متخصصون بالسياحة والآثار، بالإضافة لعدد من المتدربين الذين شاركوا في الجولات المستمرة، وخضعوا لتدريبات طيلة العام الماضي، حتى تأهلوا لكي يصبحوا مرشدين، هدفها هو توعية الشباب المقدسي والشباب الفلسطيني الزائر للمدينة، بالتاريخ التفصيلي الحقيقي لمدينة القدس بكل ما تحتويه من تراث ديني ومعماري وحضاري عبر العصور المختلفة، وتسعى لتجسيد التاريخ العربي الفلسطيني للقدس، ليبقى راسخا متجذرا في عقول ووجدان الأجيال الفلسطينية في مواجهة الرواية المزورة التي يحاول الإحتلال الاسرائيلي ترويجها كرواية بديلة مزعومة .
ووصف ابو شمسية القدس في الليل بأنها غاية في الجمال والهدوء الذي يلف جنباتها، ويدخل السكينة في قلوب أهلها وساكنيها، ولهذا قررت مجموعة من الشباب الغيور أن تبدأ الحكاية وتنقلها لمسامع الأجيال الذي يجهل الكثير منهم تاريخ مدينة القدس، الذي هم أولى الناس بمعرفته خشية أن تضيع الرواية منهم ، لأن الصراع في القدس انتقل من الحجر والبشر الى الرواية والتاريخ، مشيرا الى أن الجولات الليلية التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني، تفاجيء الكثير من المشاركين بحجم التهويد والتعدي الذي يكتشفونه فيما يتعلق بتغيير الأسماء وتغيير الكثير من معالم الأماكن التاريخية والحضارية من قبل الإحتلال الذي يسعى جاهدا لفرض روايته على المدينة المقدسة .
وأشار ابو شمسية الى أن الجولات التي توسعت لتشمل السواح الأجانب والزوار المسلمين، تبدأ من البوابة الرئيسية للبلدة القديمة التي هي باب العامود، ومن ثم التوجه الى الأسواق التاريخية للإطلاع على المنتج التراثي والحرفي المقدسي، ومواصلة الجولة لتشمل المساجد والكنائس والخانقانات والمدارس والخانات والشوارع والأزقة والمباني القديمة، حيث يقوم المشرفون على الجولات بتقديم المعلومة وشرحها بطريقة سلسة وسهلة ومشوقة ومتسلسلة حسب المراحل التاريخية، لتناسب كافة العقول والأعمار والثقافات، لتبيان الأسماء الحقيقية وأهمية التاريخ والعمارة والأماكن الحضارية الدينية والتاريخية التي تحددها العصور المختلفة والفترات التاريخية التي مرّت بها مدينة القدس، بروايتها من خلال الإعتماد على مراجع مقدسية مؤكدة من مصادرها، لتكون المعلومة واضحة وموثوق بها من مصادرها التاريخية في مواجهة الرواية اليهودية .
كما أشار أبو شمسية الى أن مبادرة (القدس في الليل أحلى)، من المأمول أن تتطور مع بداية السنة الجديدة ليتفرع منها مبادرات جديدة تعمل على إيجاد منتج سياحي مقدسي متنوع ، يستند على جهود الشباب المقدسي الذي يقوم بتقديم مبادرات تثقيفية وتوعوية، وخدمات تطوعية مختلفة، منها انشاء أبحاث تاريخية من قبل المتخصصين في ذلك، وأفلام وثائقية عن تاريخ القدس، وأفلام كرتونية في ذات السياق، مناسبة لأعمار الأطفال، كما أن المبادرة تستهدف استقطاب أعداد متزايدة من الطلبة الفلسطينيين الذين يدرسون اللغة الإنجليزية، لمساعدة مجموعات المبادرة في استهداف السياح، الذين يتواجدون في عدة أماكن من المدينة، لترجمة المعلومات الصحيحة لهم، حتى يتم استيعابهم للحقائق التاريخية لمدينة القدس .
ولفت أبو شمسية الى حجم المضايقات والمساءلات، والإعتقال لبعض الناشطين في المبادرة، وما يتعرضون له من تحقيقات وتفتيش وتهديد مبطن من قبل الشرطة الإسرائيلية، التي لا تستطيع الاستمرار في اعتقالهم لعدم وجود سند قانوني يدعم هذه الإعتقالات، خصوصا أن البلدة القديمة في القدس مراقبة بالكاميرات وتحت أعين سلطات الإحتلال على مدار الساعة .
ولفت منسق (مبادرة القدس في الليل أحلى) عبد الله سرحنه، الى أن نشاط المبادرة الثقافي الكفاحي الرائد، لا يروق للمحتل الذي لا يؤمن بوجود رواية أخرى سوى روايته المزعومة، ويقوم بالمضايقات لفعاليات المبادرة، التي رغم كل ما تواجهه ستستمر بنشاطاتها وجولاتها، لأن هدفها الرئيسي هو خلق الجيل الواعي الذي يعرف كامل الرواية العربية الفلسطينية الأصلية، مشيرا الى أنه في ظل الأجواء التي تعيشها البلدة القديمة، ومنها طمس الرواية الأصلية، ستستمر المضايقات بشكل مؤكد، ولكننا سنستمر بتعزيز صمود أهلنا من خلال عدة مبادرات متنوعة .
وفي المحور المتعلق بالخانقاه الصلاحية التي تعد نموذجا لتجسيد العهدة العمرية، أشار متولي وقف كنيسة الصعود في القدس المحامي نزيه العلمي، ان هذا الوقف الذي أنشأه صلاح الدين الأيوبي، يقع في محلة حارة النصارى في القدس القديمة، وهو مسجل كوقف خيري عام باسم مديرية دائرة الأوقاف الاسلامية في القدس، مبينا أن الخانقاه الصلاحية تحتوي على مسجد، ومساكن ومدرسة تدعى مدرسة الهدى .
واعتبر العلمي أن هذا المكان من أهم الأماكن الدينية داخل مدينة القدس، لحساسيته البالغة، كونه يشكل مكانا مشرفا مباشرة على كنيسة القيامة، وعندما اختار صلاح الدين الاقامة فيه وإقامة خلوته فيه، اختار أن يسير على نهج الذي سار عليه سيدنا عمر بن الخطاب، الذي أبى أن يصلي داخل الكنيسة، واختار المكان الموجود فيه حاليا مسجد عمر، لافتا الى أن صلاح الدين بعد تحريره لمدينة القدس من أيدي الصليبيين، لم يشأ أن يعتدي على حقوق المسيحيين في داخل الكنيسة، ولكنه أقام بجانبها، بين الكنيسة وبين المسجد الأقصى المبارك، فكان هذا المكان الذي اختاره هو أنسب الأماكن وأكثرها حساسية ودقة .
وأشاد العلمي بالإستجابة السريعة من الأوقاف الاسلامية والصندوق الهاشمي، لإعمار المكان الذي جعلوه مكانا يليق بالمكانة اللائقة به، مشيرا الى أن الصرف عليه والعناية به من قبل الصندوق الهاشمي، وتهيئته للزوار والوافدين إليه، يشكل مفخرة نعتز بها .
وذكّر العلمي بأن كنيسة القيامة عبر التاريخ الإسلامي لم تغلق ولا لمرة واحدة، ولكن قد تم إغلاقها مرتين في عهد الإحتلال بعد عام 1967، الأولى كانت في سنة 1990، عندما جرى استيلاء المستوطنين على الكنيسة المقابلة لكنيسة القيامة، فأغلقت الكنيسة احتجاجا على ذلك، والمرة الثانية كانت قبل شهور قليلة، عندما حاولت بلدية الإحتلال فرض ضريبة (الأرنونا) على الكنائس كافة في مدينة القدس، فجرى أيضا إغلاق الكنيسة احتجاجا على ذلك، الى أن علّق ذلك القرار، فأعيد فتح الكنيسة. وأوضح المؤرخ الدكتور محمد العلمي، أن الخانقاه كلمة فارسية تعني منزل لأهل الصوفية، وتجمع ما بين مسجد وبيوت للإقامة ومدرسة للتدريس، مشيرا الى أن الخانقاه تولى مشيختها عبر 900 عام ، العديد من مشاهير العلماء من الديار المقدسة، حتى عام 1613، حيث تولاها مشايخ من أل العلمي الى يومنا هذا .
وأشار العلمي الى سطح كنيسة القيامة يتبع الخانقاه الصلاحية منذ عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، ويقوم بحمايته وتنظيفه المسلمون، وخاصة من آل العلمي، ويمنع دخول أي غريب للمكان نظرا لحساسيته، وبعد أن جعل المكان جامع، أعرف يعرف بخلوة صلاح الدين، وهو ملاصق تماما لقبة كنيسة القيامة، وله درج يؤدي الى الكنيسة .
وقالت سائدة العلمي التي تقيم في المكان، أنها تفتخر أن جلالة الملك عبد الله بن الحسين، يرعى الخانقاه شخصيا، وينظر الى كنيسة القيامة والقدس بمنظار السلطان صلاح الدين الأيوبي، مشيرة الى أن جلالة الملك قام بترميم الخانقاه الصلاحية على نفقته الخاصة، بإشراف من سمو الأمير غازي بن محمد في عامي 2012 و2013، وهذا يجعلنا نطمئن دائما أن الخانقاه في رعاية ووصاية أيدي أمينة، تحافظ على عهدتي عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي، حتى يأتي يوم تحرير القدس .
وتحدثت العلمي عن حالة الصداقة والأخوة والمحبة التي تجمع المسلمين في الخانقاه مع بطريركية الروم للقدس، وعلاقات الجوار الوطيدة والتزاور وتبادل الهدايا .
ووصف سيادة مطران الروم الأرثذوكس في عمان، كريستوفورس حنا عطا الله، العلاقات الاسلامية المسيحية في مدينة القدس وفي المجتمع العربي الأردني الفلسطيني بالمتميزة، لأن جذورها ممتدة لأكثر من 1400 سنة، منذ استقبال البطريرك صفرونيوس للخليفة عمر بن الخطاب في القدس .
وأضاف عطا الله في حديث لتقرير "القدس في عيون الأردنيين" ، أن المسيحيين استقبلوا المسلمين الذين جاءوا الى البلاد، حتى يعطوهم دور الشريك، لتبدأ صفحة جديدة من تاريخ المنطقة، قامت ببناء حضارة عربية اسلامية مسيحية مشتركة في أجواء من الألفة والمحبة، شكلت البعد الحضاري للعيش المشترك الذي كان له الدور الذي انعكس على كل ما هو يومي في مدينة القدس حاليا، ان كانت العلاقة ما بين الجوامع والكنائس، والعلاقة ما بين العربي المسيحي الاسلامي، في مواجهة التطرف الاسرائيلي .
وتابع، نرى المسجد والمدرسة في الخانقاه الصلاحية، هي التي تحمي هوية المدينة المقدسة، محذرا من أن أي مس بالمدرسة والمسجد هناك، هو مسّ بالهوية الاسلامية المسيحية لمدينة القدس، مؤكدا على أننا واحد، ويجب أن نفهم أنه بوحدتنا فقط تكمن قوتنا، وإذا ما ساهمنا في انقساماتنا، فهنا سيتشكل الخطر الأكبر على وجودنا .
فيما أكد مطران كنيسة اللاتين في الأردن، وليم الشوملي، على أن الوئام بين المسلمين والمسيحيين هو أمر عالمي مهم، لأنهم يشكلون في العالم نصف سكان البشرية تقريبا، مشيرا الى أن العلاقات بين أصحاب هاتين الديانتين العظيمتين، تعود الى القرن السابع للميلاد .
واستذكر الشوملي المواقف في علاقات المحبة والتكاتف والتضامن والمؤازرة القائمة بين المسلمين والمسيحيين في القدس الممتدة عبر تاريخ التعايش المشترك، والقائمة على وحدة الهدف والمصير، وخصوصا عندما يتم اعتداء على الأقصى، او احدى الكنائس في القدس .
ونوّه الشوملي بأن جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي استلم قبل أيام، جائزة (تيمبلتون) للوئام بين الأديان، هو الذي اقترح على الأمم المتحدة أسبوع الوئام بين الأديان، الذي وافقت عليه الأمم المتحدة، وهو الوصي الأمين الذي يذود عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، مشيرا الى أن مبادرات جلالته تعكس هذه الروح العمرية التي وردت في العهدة، وهو من الأشخاص الذي استطاع أن يترك بصمته على التاريخ .
--(بترا)
واشار الى أن المبادرة بدأت بمجموعة من الشباب، الذين يقومون بالتجوال ليلا في القدس، سرعان ما التفت حولهم مجموعات أخرى، حتى صارت المبادرة تستوعب أعدادا كبيرة من المجموعات الشبابية والأهالي والأطفال في داخل مدينة القدس.
وأوضح أبو شمسية في حديث لبرنامج "عين على القدس" الذي بثه التلفزيون الأردني مساء أمس الإثنين، ان المبادرة التي يقوم عليها متخصصون بالسياحة والآثار، بالإضافة لعدد من المتدربين الذين شاركوا في الجولات المستمرة، وخضعوا لتدريبات طيلة العام الماضي، حتى تأهلوا لكي يصبحوا مرشدين، هدفها هو توعية الشباب المقدسي والشباب الفلسطيني الزائر للمدينة، بالتاريخ التفصيلي الحقيقي لمدينة القدس بكل ما تحتويه من تراث ديني ومعماري وحضاري عبر العصور المختلفة، وتسعى لتجسيد التاريخ العربي الفلسطيني للقدس، ليبقى راسخا متجذرا في عقول ووجدان الأجيال الفلسطينية في مواجهة الرواية المزورة التي يحاول الإحتلال الاسرائيلي ترويجها كرواية بديلة مزعومة .
ووصف ابو شمسية القدس في الليل بأنها غاية في الجمال والهدوء الذي يلف جنباتها، ويدخل السكينة في قلوب أهلها وساكنيها، ولهذا قررت مجموعة من الشباب الغيور أن تبدأ الحكاية وتنقلها لمسامع الأجيال الذي يجهل الكثير منهم تاريخ مدينة القدس، الذي هم أولى الناس بمعرفته خشية أن تضيع الرواية منهم ، لأن الصراع في القدس انتقل من الحجر والبشر الى الرواية والتاريخ، مشيرا الى أن الجولات الليلية التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني، تفاجيء الكثير من المشاركين بحجم التهويد والتعدي الذي يكتشفونه فيما يتعلق بتغيير الأسماء وتغيير الكثير من معالم الأماكن التاريخية والحضارية من قبل الإحتلال الذي يسعى جاهدا لفرض روايته على المدينة المقدسة .
وأشار ابو شمسية الى أن الجولات التي توسعت لتشمل السواح الأجانب والزوار المسلمين، تبدأ من البوابة الرئيسية للبلدة القديمة التي هي باب العامود، ومن ثم التوجه الى الأسواق التاريخية للإطلاع على المنتج التراثي والحرفي المقدسي، ومواصلة الجولة لتشمل المساجد والكنائس والخانقانات والمدارس والخانات والشوارع والأزقة والمباني القديمة، حيث يقوم المشرفون على الجولات بتقديم المعلومة وشرحها بطريقة سلسة وسهلة ومشوقة ومتسلسلة حسب المراحل التاريخية، لتناسب كافة العقول والأعمار والثقافات، لتبيان الأسماء الحقيقية وأهمية التاريخ والعمارة والأماكن الحضارية الدينية والتاريخية التي تحددها العصور المختلفة والفترات التاريخية التي مرّت بها مدينة القدس، بروايتها من خلال الإعتماد على مراجع مقدسية مؤكدة من مصادرها، لتكون المعلومة واضحة وموثوق بها من مصادرها التاريخية في مواجهة الرواية اليهودية .
كما أشار أبو شمسية الى أن مبادرة (القدس في الليل أحلى)، من المأمول أن تتطور مع بداية السنة الجديدة ليتفرع منها مبادرات جديدة تعمل على إيجاد منتج سياحي مقدسي متنوع ، يستند على جهود الشباب المقدسي الذي يقوم بتقديم مبادرات تثقيفية وتوعوية، وخدمات تطوعية مختلفة، منها انشاء أبحاث تاريخية من قبل المتخصصين في ذلك، وأفلام وثائقية عن تاريخ القدس، وأفلام كرتونية في ذات السياق، مناسبة لأعمار الأطفال، كما أن المبادرة تستهدف استقطاب أعداد متزايدة من الطلبة الفلسطينيين الذين يدرسون اللغة الإنجليزية، لمساعدة مجموعات المبادرة في استهداف السياح، الذين يتواجدون في عدة أماكن من المدينة، لترجمة المعلومات الصحيحة لهم، حتى يتم استيعابهم للحقائق التاريخية لمدينة القدس .
ولفت أبو شمسية الى حجم المضايقات والمساءلات، والإعتقال لبعض الناشطين في المبادرة، وما يتعرضون له من تحقيقات وتفتيش وتهديد مبطن من قبل الشرطة الإسرائيلية، التي لا تستطيع الاستمرار في اعتقالهم لعدم وجود سند قانوني يدعم هذه الإعتقالات، خصوصا أن البلدة القديمة في القدس مراقبة بالكاميرات وتحت أعين سلطات الإحتلال على مدار الساعة .
ولفت منسق (مبادرة القدس في الليل أحلى) عبد الله سرحنه، الى أن نشاط المبادرة الثقافي الكفاحي الرائد، لا يروق للمحتل الذي لا يؤمن بوجود رواية أخرى سوى روايته المزعومة، ويقوم بالمضايقات لفعاليات المبادرة، التي رغم كل ما تواجهه ستستمر بنشاطاتها وجولاتها، لأن هدفها الرئيسي هو خلق الجيل الواعي الذي يعرف كامل الرواية العربية الفلسطينية الأصلية، مشيرا الى أنه في ظل الأجواء التي تعيشها البلدة القديمة، ومنها طمس الرواية الأصلية، ستستمر المضايقات بشكل مؤكد، ولكننا سنستمر بتعزيز صمود أهلنا من خلال عدة مبادرات متنوعة .
وفي المحور المتعلق بالخانقاه الصلاحية التي تعد نموذجا لتجسيد العهدة العمرية، أشار متولي وقف كنيسة الصعود في القدس المحامي نزيه العلمي، ان هذا الوقف الذي أنشأه صلاح الدين الأيوبي، يقع في محلة حارة النصارى في القدس القديمة، وهو مسجل كوقف خيري عام باسم مديرية دائرة الأوقاف الاسلامية في القدس، مبينا أن الخانقاه الصلاحية تحتوي على مسجد، ومساكن ومدرسة تدعى مدرسة الهدى .
واعتبر العلمي أن هذا المكان من أهم الأماكن الدينية داخل مدينة القدس، لحساسيته البالغة، كونه يشكل مكانا مشرفا مباشرة على كنيسة القيامة، وعندما اختار صلاح الدين الاقامة فيه وإقامة خلوته فيه، اختار أن يسير على نهج الذي سار عليه سيدنا عمر بن الخطاب، الذي أبى أن يصلي داخل الكنيسة، واختار المكان الموجود فيه حاليا مسجد عمر، لافتا الى أن صلاح الدين بعد تحريره لمدينة القدس من أيدي الصليبيين، لم يشأ أن يعتدي على حقوق المسيحيين في داخل الكنيسة، ولكنه أقام بجانبها، بين الكنيسة وبين المسجد الأقصى المبارك، فكان هذا المكان الذي اختاره هو أنسب الأماكن وأكثرها حساسية ودقة .
وأشاد العلمي بالإستجابة السريعة من الأوقاف الاسلامية والصندوق الهاشمي، لإعمار المكان الذي جعلوه مكانا يليق بالمكانة اللائقة به، مشيرا الى أن الصرف عليه والعناية به من قبل الصندوق الهاشمي، وتهيئته للزوار والوافدين إليه، يشكل مفخرة نعتز بها .
وذكّر العلمي بأن كنيسة القيامة عبر التاريخ الإسلامي لم تغلق ولا لمرة واحدة، ولكن قد تم إغلاقها مرتين في عهد الإحتلال بعد عام 1967، الأولى كانت في سنة 1990، عندما جرى استيلاء المستوطنين على الكنيسة المقابلة لكنيسة القيامة، فأغلقت الكنيسة احتجاجا على ذلك، والمرة الثانية كانت قبل شهور قليلة، عندما حاولت بلدية الإحتلال فرض ضريبة (الأرنونا) على الكنائس كافة في مدينة القدس، فجرى أيضا إغلاق الكنيسة احتجاجا على ذلك، الى أن علّق ذلك القرار، فأعيد فتح الكنيسة. وأوضح المؤرخ الدكتور محمد العلمي، أن الخانقاه كلمة فارسية تعني منزل لأهل الصوفية، وتجمع ما بين مسجد وبيوت للإقامة ومدرسة للتدريس، مشيرا الى أن الخانقاه تولى مشيختها عبر 900 عام ، العديد من مشاهير العلماء من الديار المقدسة، حتى عام 1613، حيث تولاها مشايخ من أل العلمي الى يومنا هذا .
وأشار العلمي الى سطح كنيسة القيامة يتبع الخانقاه الصلاحية منذ عهد السلطان صلاح الدين الأيوبي، ويقوم بحمايته وتنظيفه المسلمون، وخاصة من آل العلمي، ويمنع دخول أي غريب للمكان نظرا لحساسيته، وبعد أن جعل المكان جامع، أعرف يعرف بخلوة صلاح الدين، وهو ملاصق تماما لقبة كنيسة القيامة، وله درج يؤدي الى الكنيسة .
وقالت سائدة العلمي التي تقيم في المكان، أنها تفتخر أن جلالة الملك عبد الله بن الحسين، يرعى الخانقاه شخصيا، وينظر الى كنيسة القيامة والقدس بمنظار السلطان صلاح الدين الأيوبي، مشيرة الى أن جلالة الملك قام بترميم الخانقاه الصلاحية على نفقته الخاصة، بإشراف من سمو الأمير غازي بن محمد في عامي 2012 و2013، وهذا يجعلنا نطمئن دائما أن الخانقاه في رعاية ووصاية أيدي أمينة، تحافظ على عهدتي عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي، حتى يأتي يوم تحرير القدس .
وتحدثت العلمي عن حالة الصداقة والأخوة والمحبة التي تجمع المسلمين في الخانقاه مع بطريركية الروم للقدس، وعلاقات الجوار الوطيدة والتزاور وتبادل الهدايا .
ووصف سيادة مطران الروم الأرثذوكس في عمان، كريستوفورس حنا عطا الله، العلاقات الاسلامية المسيحية في مدينة القدس وفي المجتمع العربي الأردني الفلسطيني بالمتميزة، لأن جذورها ممتدة لأكثر من 1400 سنة، منذ استقبال البطريرك صفرونيوس للخليفة عمر بن الخطاب في القدس .
وأضاف عطا الله في حديث لتقرير "القدس في عيون الأردنيين" ، أن المسيحيين استقبلوا المسلمين الذين جاءوا الى البلاد، حتى يعطوهم دور الشريك، لتبدأ صفحة جديدة من تاريخ المنطقة، قامت ببناء حضارة عربية اسلامية مسيحية مشتركة في أجواء من الألفة والمحبة، شكلت البعد الحضاري للعيش المشترك الذي كان له الدور الذي انعكس على كل ما هو يومي في مدينة القدس حاليا، ان كانت العلاقة ما بين الجوامع والكنائس، والعلاقة ما بين العربي المسيحي الاسلامي، في مواجهة التطرف الاسرائيلي .
وتابع، نرى المسجد والمدرسة في الخانقاه الصلاحية، هي التي تحمي هوية المدينة المقدسة، محذرا من أن أي مس بالمدرسة والمسجد هناك، هو مسّ بالهوية الاسلامية المسيحية لمدينة القدس، مؤكدا على أننا واحد، ويجب أن نفهم أنه بوحدتنا فقط تكمن قوتنا، وإذا ما ساهمنا في انقساماتنا، فهنا سيتشكل الخطر الأكبر على وجودنا .
فيما أكد مطران كنيسة اللاتين في الأردن، وليم الشوملي، على أن الوئام بين المسلمين والمسيحيين هو أمر عالمي مهم، لأنهم يشكلون في العالم نصف سكان البشرية تقريبا، مشيرا الى أن العلاقات بين أصحاب هاتين الديانتين العظيمتين، تعود الى القرن السابع للميلاد .
واستذكر الشوملي المواقف في علاقات المحبة والتكاتف والتضامن والمؤازرة القائمة بين المسلمين والمسيحيين في القدس الممتدة عبر تاريخ التعايش المشترك، والقائمة على وحدة الهدف والمصير، وخصوصا عندما يتم اعتداء على الأقصى، او احدى الكنائس في القدس .
ونوّه الشوملي بأن جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي استلم قبل أيام، جائزة (تيمبلتون) للوئام بين الأديان، هو الذي اقترح على الأمم المتحدة أسبوع الوئام بين الأديان، الذي وافقت عليه الأمم المتحدة، وهو الوصي الأمين الذي يذود عن المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، مشيرا الى أن مبادرات جلالته تعكس هذه الروح العمرية التي وردت في العهدة، وهو من الأشخاص الذي استطاع أن يترك بصمته على التاريخ .
--(بترا)