كارثة تنتظر الأرض إذا تعرضت لعاصفة شمسية هوجاء
جو 24 :
يتوقع خبراء الأرصاد الجوية في بريطانيا، أن تتعرض الأرض لعاصمة شمسية هوجاء قد تتسبب بأضرار جسيمة وخسائر مادية فادحة.
وطالب الخبراء بلادهم بضرورة ابتكار أقمار اصطناعية جديدة يمكنها التنبؤ أو توقع مثل هذه العواصف الشمسية المدمرة، قبل حدوثها، وبالتالي الاستعداد لها وتقليص الخسائر إلى الحدود الدنيا.
ما هي العواصف الشمسية؟
تتسبب العواصف الشمسية الهوجاء في زيادة التوهجات الشمسية ذات الترددات العالية، كما أنها قد تولد حقولا مغناطيسية كثيفة فوق سطح الأرض، وفي هذه الحالة، يمكن تتسبب بأضرار.
في تحذير خبراء الأرصاد الجوية الإنجليز من العاصفة الشمسية المقبلة، أشاروا إلى أنها قد تكلف الاقتصاد البريطاني حوالي 16 مليار جنيه إسترليني.
لكن تاريخيا، تعرضت الكرة الأرضية لعواصف هوجاء تسببت إما بأضرار وخسائر أو حتى أمور مجهولة، عرفت أسبابها لاحقا.
ففي العام 1859 دمرت خطوط التليغراف واحترقت الأورق وهذه من الآثار السلبية، لكن من الآثار الإيجابية أو الجمالية، أن أضواء الشمال (الشفق القطبي) امتدت جنوبا لتصل حتى جزر الباهاما، فيما عرف بحادثة كارينغتون، التي استمر تأثيرها طوال أسبوع تقريبا.
وقعت هذه الحادثة جراء انبعاث كتلي إكليلي ضرب المجال المغنطيسي للأرض في سبتمبر عام 1859، ورصده عالم الفلك البريطاني ريتشارد كارينغتون، وسجل بداية مجال دراسي جديد هو "الطقس الفضائي".
وفي العام 1972، انفجرت عشرات الألغام البحرية قبالة سواحل فيتنام بصورة غامضة، وفي وقت لاحق تبين أن السبب يعود إلى أن العواصف الشمسية تسببت باضطراب المجال المغناطيسي للأرض، مما أدى إلى انفجارها.
وفي العام 1989، تسبب الطقس الفضائي المضطرب بأضرار جسيمة في كندا جراء عاصفة مغناطيسية هوجاء أدت إلى انقطاع الكهرباء والطاقة عن 6 ملايين شخص لأكثر من 9 ساعات، وأفادت تقارير أن الأضرار المادية فاقت مئات ملايين الدولارات.
وفي العام 1994، أوقعت عاصفة شمسية أعطالا كبيرة في اثنين من الأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات، وأدى ذلك إلى تعطيل خدمات الإذاعة والتلفزيون في كندا.
عام 2003 أجبرت التوهجات الشمسية طاقم محطة الفضاء الدولية على الاختباء والاحتماء.
كيف تحدث العواصف الهوجاء؟
الشمس عبارة عن نجم، أي أنها عبارة عن كتلة هائجة من الهيدروجين المشحون كهربائيا. وفيما يتحرك هذا السائل دائريا، تتولد الطاقة داخل حقلها المغناطيسي المعقد.
كما أنها عبارة عن كتلة مشتعلة من الغازات، وتشكل قرصا من التفاعلات النووية والانفجارات الهائلة المستمرة التي ينجم عنها قدر كبير من الطاقة، وباختصار فإن الشمس عبارة عن مفاعل نووي ضخم في الفضاء.
أثناء دورانها، تنطلق الطاقة المغناطيسية على شكل دفقات كثيفة من الضوء تعرف باسم الانفجارات الشمسية، وكذلك على شكل اندفاعات هائلة من الحقول المغناطيسية تعرف باسم العاصفة الشمسية أو الانبعاث الكتلي الإكليلي، وهو عبارة عن انفجار هائل من الرياح الشمسية المندفعة في الفضاء الخارجي.
وبينما يمكن للانفجارات الشمسية أن تتسبب باضطراب الاتصالات على الأرض، تشكل العواصف الشمسية تهديدا أكبر للأرض، فكل عاصفة شمسية تحتوي على ما يعدل 100 ألف مرة كل الترسانة النووية على الأرض، لكنها تنتشر في أرجاء الفضاء وفي كل الاتجاهات جراء دوران الشمس حول نفسها.
لكن إذا اتجهت إحدى هذه العواصف باتجاه الأرض، فإنها تتسبب بتشويه المجال المغناطيسي للأرض، مما يؤثر بدوره على الأرض، حيث قد يعمل على تسريع الجزئيات المشحونة كهربائيا المندفعة نحو الأرض.
وعندما تضرب هذه الجزئيات طبقة الغلاف الجوي العليا للكوكب فإنها تسخنها، وقد تتسبب بحدوث لمعان على شكل عرض أخاذ يعرف باسم الشفق القطبي أو أضواء الشمال أو أضواء الجنوب.
لكن هذا التشويه للحقل المغناطيسي للأرض قد يكون له تداعيات أكبر وتأثير أقوى، كما حدث في العام 1972 و1859 و1989 وغيرها من الأحداث.
متى ستحدث مرة ثانية؟
منذ أن رصد العلماء تأثيرها على الأرض أول مرة صاروا يبحثون عن مصادرها أو الأسباب المحفزة لها، لكنهم لم يتوصلوا إلى معرفة متى ستحدث مرة أخرى، لكن من خلال الرصد والسجلات التاريخية توصلوا إلى أنها تتكرر مرة، على الأقل، كل 100 عام.
غير أنه مع زيادة التطور التكنولوجي وانتشار الأجهزة الإلكترونية والاتصالات فإن الأضرار قد تكون أكبر بكثير مما كان يحدث سابقا، وبالتالي فإن الخسائر المادية ستكون باهظة للغاية، ومن هنا جاء تحذير خبراء الأرصاد الجوية البريطانيين الأخير.
وأشار التحذير، إلى أنه في حال تمكنت بريطانيا من ابتكار أقمار اصطناعية جديدة، تحل محل القديمة، ويمكنها التنبؤ بمثل هذه العواصف الشمسية المدمرة قبل وقوعها، فإنها ستنجو منها.
وشدد العلماء على ضرورة أن تستثمر بريطانيا في السنوات المقبلة في هذا مجال بناء أقمار اصطناعية جديدة ومتطورة يمكنها رصد العواصف الشمسية قبل حدوثها وتعمل كمنصات إنذار مبكر ضد الأحوال الجوية الفضائية المختلفة.
وأوضحوا أنه يمكن لشبكة أقمار اصطناعية حديثة أن تراقب الشمس وتقدم قراءة قبل أسبوع من وقوع الكارثة على الأقل.