"حكاية نور .. قضية مجتمع"
جو 24 :
طرحت قضية زواج الفتيات القاصرات على بساط البحث الواسع في الحلقة التي أقيمت بالتعاون بين "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية"،ومؤسسة الصفدي الثقافية تحت عنوان "الزواج المبكر بين الواقع والقانون"، وذلك لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، على مسرح "مركز الصفدي الثقافي" في طرابلس.
استندت الحلقة على فيلم "حكاية نور .. قضية مجتمع"، مخرجه خليل زعرور، رفعت في مقدمه شعارات: "نور ليست الأولى ولا الأخيرة للأسف"، و"أكيد بكير عليها".
حضر اللقاء رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة" كلودين عون روكز، نائبة الرئيسة عبير شبارو، رئيسة "مركز الصفدي الثقافي" فيوليت خيرالله الصفدي، ، ممثل جمعية "حماية" غيث بيطار ، المخرج خليل زعرور، رئيسة اتحاد حماية الأحداث في لبنان UPEL أميرة سكر، عضوات الهيئة، ورؤساء وأعضاء الهيئات والجمعيات النسائية والإجتماعية في طرابلس والشمال.
استهلالا بالنشيد الوطني، فتعريف وترحيب من مديرة مركز الصفدي الثقافي نادين العلي، ثم القت
"بكّير عليها"... التشريع في مواجهة زواج الطفلات
عون روكز كلمة رأت فيها ان "الاستمرار بالقبول بتزويج الأطفال، وعدم فرض سن أدنى للزواج، هو دليل آخر عن قصورِ التشريع عن مواكبة التبدلات التي طرأت على أوضاع النساء، وعلى الأدوارِ التي يَقُمنَّ بها فعلياً في المجتمع".
وكشفت عون روكز ان "الهيئة عمدت على دمج مشاريع القوانين المقترحة في هذا المجال، في قانون واحد يعتمد سن الـ 18 سنة كسن أدنى للزواج للذكورِ كما للإناث، ولا يجيز الاستثناء لهذه القاعدة إلا بعد اكتمال سن السادسة عشرة، وبعد حصول الوليّ أو الشرعيّ على إذن من القاضي المنفرد الناظر في قضايا الأحداث، الذي يجري تحقيقاً اجتماعياً وله أن يستعين بالخبرة الطبية والاجتماعية والنفسية خلال نظرِه في القضية، موضحة انه "من المتوقَع أن يتم اعتماد هذا المشروع من جانب لجنة الإدارة والعدل البرلمانية قبل عرضه على الهيئة العامة".
وعدّدت النشاطات التي قامت بها الهيئة في المناطق اللبنانية كافة والحملات على مواقع التواصل الإجتماعي في إطار مشاركتها في الحملة العالمية "16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات".
وختمت:" كما أن "بكير عليها" أن تقودَ سيارةً، و "بكير عليها" أن توقّع على أيةِ وثيقةِ رسميّة، و"بكير عليها" أن تأخذَ القرارات المصيريّة كونَها تحت سنّ ال 18 سنة، بالتالي "بكير عليها" أن تتزوّج وأن تنجبَ الأطفال وأن تهتمّ بتربيتِهم وأن تكونَ مسؤولةً عن قراراتها وخياراتها.
فلتكن قضيةُ نور وغيرها من فتيات لبنان، قضيةَ مجتمعٍ، نأخذُ منها العبرَ والمعاني، ولنعمل معاً لمجتمعٍ أفضل وأكثر ثقافةً ونضوجاً واحتراماً لبناته وبنيه."
من جهتها، اعتبرت الصفدي ان "طرابلس المدينة المهمشة إقتصاديًا وتنمويًا على الصعد الرسمية تعاني كما غيرها من المدن اللبنانية من ارتدادات النزوح السوري مما انعكس ارتفاعًا في نسبة الزواج المُبَكّر منذ 2013 لغاية اليوم، يضاف إليها غياب فرص التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرسمية مما يفاقم المشكلة ويزيد الأزمات". وتوقفت عند دراسة للبنك الدولي تحذر من إنعكاسات الزواج المبكر على الفتيات على الصعد الجسدية والشخصية والنفسية والإجتماعية والعملية مما يساهم في ازدياد دورات الفقر.
ولفتت الى ان هذا اللقاء هو بمثابة صرخة إنذار من اجل العمل سريعا على اعادة وضع طرابلس على خارِطة الاهتمام الوطني بحماية المرأة منذ طفولتها، ووبالتالي تعزيزِ حقوقها في كافة المجالات.
وأوضحت أن "مؤسستي الصفدي التنموية والثقافية تعملان ومنذ أكثر من 13 عامًا على وضع برامج وقائية تساهم في التخفيف من تزويج القاصرات ومنها: تحسين الأوضاع الإقتصاديّة للأسرة، تطوير العائلة على كافة المستويات، تطوير المهارات الشخصية والحياتية لدى الأطفال وخصوصًا الفتيات لمساعدتهن على اتخاذ القرارات، فضلاً عن المشاركة منذ أكثر من 5 سنوات في وضع التقرير السنوي لتنفيذ الخطة الوطنية للهيئة، والمساهمة في تطبيق الخطة الوطنية الاستراتيجية"، ووعدت الاستمرار برفع الصوت في الاروقة الدولية وعلى المنابر كافة واينما وجدت والمطالبة بدولة قوانين تحمي مواطنيها دون اي تفرقة او تمييز .
الفيلم
ثم جرى عرض فيلم "حكاية نور .. قضية مجتمع" الذي ناهز عرضه الساعة من الوقت، وفيه عرض لمسيرة تزويج فتاة قاصر باستخدام الترهيب، والترغيب.
يعرض الفيلم حياة ناشئة من ذكور وإناث، وكيفية سعيهم للحياة بفرح، وتمضية أوقاتهم بلا هموم. عرض شيق في أجواء مناظر طبيعية من لبنان، كما هموم دراستهم، تطيرهم، شيطاناتهم، في أجواء تذكر الجميع ببدايات خروجه إلى الحياة العامة، والتفاعل العاطفي بين الجنسين.
في لحظة، يتقدم راغب بالزواج من إحدى البنات التي تحب زميلا لها في المجموعة، تستغرب الفكرة، وتحاول رفضها، وهنا تتدخل السطات المختلفة لترويضها، وكسر رفضها، وإخضاعها للقبول، فتستخدم الوالدة الترغيب بأسوارة الذهب، والوعود البراقة المستقبلية التي لم تعنِ للفتاة شيئا، وعند محاولاتها رفض الفكرة، كانت السلطات الاجتماعية تتدخل لقمعها، ممثلة بشقيقها.
تمانع الفتاة، فيستدرج الدين لتوجيه الضربة القاضية لممانعتها، فيسألها الكاهن إن كانت تقبل بالزواج بالرجل المتقدم لها، وتحت إشارات الشقيق والوالدة، تقول مذعنة إنها وافقت.
يعلن الكاهن عن حفل الزفاف في الكنيسة بينما لم يكن حبيبها قد عرف بالقصة، فيُصدم، ويهرع خارجا من الكنيسة، بينما تتراوح انطباعات الغالبية من المصلين على الثناء، وقلة منهم على استغراب الأمر.
يتم الزفاف، تذهب الفتاة عنوة مع العريس، الذي لا تحبه، تقاومه، فيتعرض لها بالعنف، وفي مسار تقليدي لما يجري بين الحماة والكنة، تتعرض الفتاة لتحالف الزوج ووالدته، مع تواطؤ أم الفتاة، وتدخل شقيقها لقمعها وترويضها، والسير بزواجها كما تم اختياره لها بالقوة.
في لحظة لم تعد تحتمل واقعها، تسعى لمقابلة حبيبها بذرائع مختلفة، أكثر من مرة، وفي واحدة من المرات، تتأخر عن العودة إلى البيت الزوجي، فيلحقها زوجها، وخادمة المنزل، وشقيقها، وعندما يلتقون بها مع حبيبها، ينهالون عليهما ضربا، ويعيدها زوجها عنوة إلى المنزل، بينما يتولى شقيقها تهذيب حبيبها لمنعه من الاقتراب منها ثانية.
ينتهي الفيلم وهي في خدرها الزوجي تبكي مذعنة لتضافر مختلف السلطات الاجتماعية والدينية والقانونية لترويضها، فتخسر سعادة طفولتها، وتتأطر في سياق مؤسسة الزواج التي لم تكن مهيأة لها.
حلقة نقاش
بعد عرض الفيلم، عقدت حلقة نقاش أدارتها الإعلامية آمال الياس سليمان وشارك فيها كل من مدير عام "مؤسسة الصفدي الثقافية" سميرة بغدادي، رئيسة القطاع الإجتماعي في "مؤسسة الصفدي" سمر بولس، منسقة الشمال في اتحاد حماية الأحداث UPELنايلة أبي شاهين، ، مديرة قسم الابحاث في الجامعة اللبنانية الدكتورة في علم الإجتماع مهى كيال، المعالجة النفسية في جمعية حمايا الدكتورة جوانا شويفاتي وصدر عنها عناوين اساية ابرزها: العمل على تعديل القوانين ومحاسبة الاهل الذين يعرضون اطفالهن لخطر الزواج المبكر، والعمل على تغيير ذهنية من خلال التنمية الثقافية والمجتمعية ، وترسيخ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة انطلاقا من الصغر واشراك المدارس كدور فاعل في هذا الاطار، وتعزيز المهارات الشخصية وتعزيز القدرات الاقتصادية.
وخلال الحلقة، توجهت الزميلة الياس من الحضور سائلة عن سيدات تزوجن قبل الثامنة عشرة، وكانت المفاجأة أن سيدة تزوجت في الرابعة عشرة من عمرها، وأنجبت خمسة اولاد قبل الواحد والعشرين، وقالت إنها كانت بحاجة لمن يساعدها في تربية الأولاد.
وفي ختام اللقاء، أضيء "مركز الصفدي الثقافي" باللون البرتقالي استكمالاً للمبادرة التي تقوم بها الهيئة الوطنية تماشيًا مع الحملة العالمية في إضاءة المعالم الوطنية والأثريّة، كدلالة على التضامن، بعد إضاءة كل من قصر رئاسة الجمهورية ومبنى مقر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وقلعة بعلبك.النهار اللبنانية