"تضامن" تدعو الى إنشاء نظام إنذار مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي والجرائم الجنسية الأشد خطورة
جو 24 :
أظهرت دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن 2017" والتي أعلنت عن نتائجها اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة بتاريخ 25/11/2018، بأن ثلاثة أفراد من كل أربعة ضمن عينه الدراسة قد تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لأحد أشكال التحرش الجنسي، وهي نتائج تنذر بخطورة المرحلة التي وصلت اليها هذه الظاهرة والتي بكل تأكيد تنعكس سلباً على المجتمع وتساهم بإزياد الجرائم الجنسية الأكثر خطورة كهتك العرض والإغتصاب، وهو أيضاُ ما أظهرته أرقام التقرير الإحصائي السنوي لعام 2017 والصادر عن إدارة المعلومات الجنائية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" وهي معنية كمؤسسة مجتمع مدني وبمشاركة كافة الجهات ذات العلاقة، بإيجاد الحلول العملية والواقعية لكافة الظواهر الاجتماعية السلبية والتي تؤثر بشكل خاص على النساء والفتيات والأطفال من الجنسين، وتحرمهم من التمتع بحقوقهم الأساسية، تقترح إنشاء نظام مبكر شامل لظاهرة التحرش الجنسي والجرائم الجنسية الأخرى الأشد خطورة.
ويهدف نظام الإنذار المبكر بإعتباره أحد أدوات مواجهة "الظواهر الاجتماعية السلبية" بما تسببه من إخلال بالأمن الاجتماعي والأسري، الى تزويد صانعي القرار وواضعي الاستراتيجيات والبرامج والتدخلات بالمعلومات والمعطيات التي تنذر بإرتفاع إحتمالية حدوث أو وقوع فعلي لحالات تحرش جنسي أو أي جرائم جنسية أخرى في أماكن معينة و/أو في أوقات معينة، والإجراءات الواجب إتخاذها لمنع حدوثها ومعالجة آثارها.
وتضيف "تضامن" بأن توفير معلومات دقيقة ومفصلة حول الشكاوى الواردة من ضحايا التحرش الجنسي وتحليلها ومتابعتها الى جانب السير بإجراءاتها القانونية، هي من أهم خطوات تأسيس نظام الإنذار المبكر. فبموجب هذه المعلوات يمكن بناء استراتيجيات فعالة وإتخاذ قرارات قائمة على المعرفة وتنفيذ برامج موجهة الى الفئات الأكثر تأثراً بها سواء أكانوا ضحايا أم جناة.
يشار الى أن المعلومات والأرقام المتوفرة حول التحرش الجنسي ضعيفة ومتواضعة لأسباب متعددة ومن أهمها ضعف التوعية القانونية للضحايا المحتماين من الجنسين، وتردد الضحايا في الإبلاغ وتقديم الشكاوى خوفاً على السمعة، وعدم وجود ضابطة عدلية من النساء لإستقبال الشكاوى، والإجراءات القضائية الطويلة والتي تتطلب حضور الضحايا وتكرار الأقوال أمام جهات قانونية وأمنية وقضائية مختلفة، وعدم تشجيع أفراد الأسرة لتقديم هكذا شكاوى، إضافة الى التسامح المجتمعي مع مرتكبي التحرش الجنسي بشكل خاص.
كما أن من توصيات دراسة "ظاهرة التحرش في الأردن" ضرورة إستخدام التكنولوجيا الحديثة لمواجهة التحرش الجنسي، ومساعدة الضحايا على الإبلاغ، هي توصية هامة وتأتي كخطوة ثانية في إطار نظام الإنذار المبكر الشامل. ويمكن تصميم تطبيق الكتروني يمكن تحميله على كافة الأجهزة الخلوية (والتي هي في متناول الضحايا المحتملين) يعمل على الإبلاغ عن حالات التحرش الجنسي ومكان حدوثها وأوقاتها والجناة مع إمكانية الحفاظ على سرية وخصوصية الضحايا إن رغبوا في ذلك.
إن من شأن هذا التطبيق مساعدة كافة الجهات المعنية تحديد الأماكن التي تزداد فيها الشكاوى من التحرش الجنسي وإتخاذ الإجراءات الوقائية ضمن نظام الإنذار المبكر، كالمواصلات العامة ومراكز التسوق الكبيرة والمستشفيات والجامعات، وأماكن العمل، والمدارس خاصة خارج أبوابها حيث تشهد العديد من مدارس الفتيات ما يسمى بـ "المعاكسات" والتي هي بالفعل "تحرشات جنسية" التي تؤرق الطالبات خلال حضورهن الى مدارسهن ومغادرتها.
وتؤكد "تضامن" بأن التخلص من حالة "الإنكار" المجتمعي لن تتم دون وجود نظام إنذار مبكر وشامل كإعتراف بوجود هذه الظاهرة ويعمل على الوقاية منها ومعالجتها.
يذكر بأن القضاء الأردني حازم في تطبيق أحكام ونصوص قانون العقوبات خاصة المواد المتعلقة بالمداعبة المنافية للحياء والفعل المناف للحياء (وهي جرائم تشمل معظم أشكال التحرش الجنسي) عندما تكون هنالك شكاوى من الضحايا. فقد جاء في أحد أحكام محكمة التمييز الأردنية بصفتها الجزائية خلال شهر حزيران 2018 :" لما كان مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى وعند سماع أقوال المشتكية لم يستوضح منها عن كيفية وضع المتهم يده على صدرها من الجهة اليسرى ...........، وحيث إن المشتكية كورية الجنسية وغادرت البلاد وتم تلاوة شهادتها المأخوذة من قبل المدعي العام ولم يتمكن المتهم الطاعن من مناقشتها بشهادتها فإن محكمة التمييز تجد وعلى ضوء ما تقدم أن الحد الأدنى المتيقن منه لفعل المتهم الطاعن لا يخرج عن كونه القيام بفعل منافٍ للحياء خلافاً للمادة (305) من قانون العقوبات مما يجعل القرار المميز مشوباً بعيب القصور في الاستدلال والتسبيب والتعليل." (قرار محكمة التمييز الاردنية/ جزاء رقم 1591/2018 (هيئة عادية) تاريخ 7/6/2018 - منشورات مركز عدالة)