لماذا يشعر البعض بأن نجاحاتهم بلا قيمة؟ إليكم الإجابة
جو 24 :
يشجع الفيلسوف السويسري آلان دو بوتون، الناس على البحث عن طموحاتهم الخاصة وليست تلك التي يتم نسجها من خلال تصورات الآخرين من حولنا ابتداءً من العائلة والآباء والأمهات.
فكثير من الناس وبعد أن يحققوا نجاحات في الحياة، مثل الفوز بوظيفة جديدة أو راتب كبير، يجدون أنفسهم كأنهم في نقطة الصفر مجددًا.
هذا الإحساس سببه الهوة الفاصلة بين طموحات حقيقية دفينة والتشبث بالأحلام التي صاغها لهم مَن حولهم.
إن الشعور بالفراغ بعد الإنجاز يعني ببساطة أن الأهداف نفسها كانت فارغة من الأساس، وفي هذا فإن تصور "بوتون" يجعلنا نعيد التفكير دائمًا في حقيقة رغباتنا في الحياة.
هذا لا يعني أن الاستحواذ على الوضع الاجتماعي والمال والممتلكات هو بطبيعته أمر عقيم، غير أنه نتوقع أن تؤدي هذه المتحققات إلى إحساس بالمعنى والإنجاز الذي لا يصل إلى حقيقة مرضية.
وإذا ما ارتبط الهدف الشخصي أو تمحور حول التعلم والنمو والتطوير في كافة مجالات الحياة الإنسانية، فإن ثمة العديد من الأمور سوف تتغير حتمًا.
قيم غير مرغوب فيها
المشكلة أننا نعيش في عالم يقوم على ما يعرف بـ "القيم غير المرغوب فيها"، التي يصدقها الناس ويتعاملون معها على أنها حقائق دامغة.
ويسمي الكاتب البريطاني جون هاري هذه القيم بـ"junk values" التي يجب استبعادها لبناء الأهداف الأفضل لحياة الإنسان.
فهذه القيم غير الأصيلة فينا تصبح أقل احتمالًا للاستفادة منها في تحقيق الرضا النفسي للناس، وبالتالي تتحول الإنجازات إلى شروخ نفسية في بعض الأحيان.
وفي هذا الإطار قدمت الصحافية والكاتبة الأميركية آريانا هافينغتون في كتابها "Thrive" أي "ازدهار" رؤية حول الحياة الإنسانية المزدهرة والناجحة.
احتفال بالنجاح أم تأبين!
رأت هافينغتون أن الناس ينظرون إلى الإنجازات في الغالب بعد أن تكون قد انتهت؛ كأن يقول المرء عن سياسي إنه حقق الإنجاز المعين ساعة كان رئيسًا للوزراء، أو أن الشركة تلك قد نجحت في كذا في فترة ولاية فلان.. وهكذا.
ويبدو الأمر كأنه "تأبين" أكثر من كونه احتفاء بالنجاح، في نظرها فالمدح غالبًا يتمحور حول ما قدمناه وما توصلنا إليه بعد فوات الأوان.
وفي ضوء ذلك تتفجر العديد من الأسئلة حول تضحيات الإنسان على المستوى الشخصي في الحياة، وهل هي مستحقة أم لا. كأن يضحي على مستوى العائلة أو المجتمع على المدى الطويل؟!
وهل لدى الإنسان مشاعر حقيقية بالوفاء والهدف؟ أم أنه يجاري طبائع الحياة الروتينية وثقافة الاستهلاك الواضح لكل شيء حتى المشاعر الإنسانية.
العطوف والنجاح
في كتابه "العطوف.. فلسفة عظيمة للنجاح" فإن آلان دو بوتون، يرى ضرورة أن ينظر الناس إلى طموحاتهم بنظرة موضوعية. هل هي حقًا تعبر عنهم؟!
يقول بوتون: "إن الكثير من التفكير الذي يشغلنا لا يخصنا، حيث يتم امتصاصنا من قبل الآخرين".
يضيف: "كما أننا نمتص من قبل التلفزيون والإعلانات والتسويق وما إلى ذلك".
يمضي للقول: "هذه قوى قوية بشكل كبير تحدد ماذا نريد ورؤيتنا لأنفسنا.. فعلى سبيل المثال عندما يقال إن العمل المصرفي محترم، فالكل يريد أن يذهب إلى البنوك؛ ويحصل العكس عندما يفقد البنك الاحترام، وحيث نظل منفتحين على الاقتراحات الخارجية".
ويشجع بوتون الناس على تبني الطموحات الخاصة لا الإرضاءات، ومن المهم أن يتم تحقيق التوازن بين الطموح والرضا، واليقين بأنه لا توجد نقطة قصوى، فالنجاح يكون هدفًا لذاته.